لا يزال فيروس كورونا يلقي بظلاله السيئة على كل شيء في حياتنا ولم يتوقف فقط عند الصحة الجسدية لكن امتد ليشمل تأثيره صحتنا النفسية، حيث يترك تأثيراً نفسياً طويل المدى حتى أنه قد يتسبب في إصابة البعض باضطراب كرب ما بعد الصدمة كأحد الآثار النفسية طويلة المدى لفيروس كورونا، لكن ما هو هذا الاضطراب وكيف يتسبب فيروس كورونا في الإصابة به؟.. هذا ما نتعرف عليه في السطور التالية.
كرب الصدمة
ما هو اضطراب ما بعد الصدمة
يربط العديد من الأشخاص اضطراب الإجهاد اللاحق للصدمة أو كرب ما بعد الصدمة بشيء مثل الحرب، إلا أنه اضطراب نفسي مزمن يمكن أن يحدث في الأشخاص الذين عانوا أو شهدوا حدثًا مؤلمًا في حياتهم، مثل حادث خطير أو هجوم إرهابي أو اعتداء جسدي.
فيروس كورونا واضطراب كرب بعد الصدمة
وذكر موقع شبكة "cnbc" أنه بعد تفشي مرض السارس في عام 2003 أظهر كل من العاملين في مجال الرعاية الصحية والأشخاص الذين تم عزلهم ذاتيًا أعراض اضطراب ما بعد الصدمة.
وأوضح الموقع أنه يمكن أن يكون لوباء كورونا تأثير مماثل، وفقًا للخبراء والباحثين، حتى إذا لم يتم تشخيصك باضطراب ما بعد الصدمة، فقد يكون لديك رد فعل نفسي قوي تجاه صدمة مرض كورونا والتي يمكن أن تستمر لفترة طويلة بعد وقوع حادث.
وقالت لوانا ماركيز، أخصائية علم النفس السريري والأستاذ المساعد في قسم الطب النفسي في كلية الطب بجامعة هارفارد الأمريكية، رئيس الجمعية الأمريكية للقلق والاكتئاب: "عندما نفكر في الأحداث الصادمة لا يقتصر الأمر على الحدث فحسب، بل هو حقًا تفسيرك له وما الذي يسببه الحدث بالنسبة لك".
من الأكثر عرضة للإصابة بكرب ما بعد الصدمة بسبب كورونا؟
قد يكون العاملون في مجال الرعاية الصحية الذين يقدمون خدمات الخط الأمامي لفيروس كورونا، وكذلك الأشخاص الذين فقدوا أحباءهم أو وظائفهم بسبب المرض أكثر عرضة للإصابة بصعوبات نفسية طويلة الأجل.
وأولئك الذين يعانون من حالات الصحة العقلية الأخرى، مثل القلق أو الاكتئاب، أو الذين لديهم تاريخ سابق من الصدمة، قد يكونون في خطر متزايد للإصابة باضطراب بكرب الصدمة.
ومن جانبها أوضحت أليسا رينجولد، طبيبة نفسية إكلينيكية وأستاذة في جامعة ميديكال كارولاينا الجنوبية الطبية المتخصصة في الصدمات، أنه حتى إذا لم تتأثر بشكل مباشر بفيروس كورونا فإن الوباء كان ضغوطًا كبيرة على حياة الجميع، ويمكن أن تكون هناك عواقب طويلة الأجل للضغط والقلق والخوف التي طغت على الكرة الأرضية لشهور.
وعلى الرغم من أنه من المستحيل التنبؤ بما ستبدو عليه الحياة في المستقبل، إلا أن هناك بعض الأشياء التي يمكننا القيام بها في الوقت الحاضر "لتقليل خطر كورونا على الصحة العقلية".
هل هذا يعني أن الكثير من الناس سيصابون باضطراب ما بعد الصدمة؟
ذكر موقع psychologytoday أنه ليس كل من يعاني من صدمة، سوف يستجيب لها بنفس الطريقة، وبالمثل، لن يعاني الجميع من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة بسبب كورونا.
وبالنسبة لأولئك الذين يعانون من أعراض ما بعد الصدمة، فمن الطبيعي الشعور بأعراض اضطراب ما بعد الصدمة في الشهر الأول التالي للصدمة. ونسبة عالية جدًا من الأفراد يعانون ما نعتبره أعراض اضطراب ما بعد الصدمة في الفترة الزمنية فور وقوع حدث صادم.
كيف تقلل من خطر كورونا وإصابتك بمتلازمة ما بعد الصدمة؟
1- احذر من الأعراض ومدة استمرارها
هناك عدد من الأعراض التي يمكن أن يعاني منها الأشخاص بعد وقوع حادث مؤلم، بما في ذلك: الأفكار الغريبة مثل الكوابيس أو الذكريات المزعجة والذكريات العنيفة، والتوتر الشديد أو الانفعال، وصعوبة النوم.
غالبًا ما يشعر الناس باليقظة المفرطة أو يجدون صعوبة في التركيز أو قد يتجنبون التفكير في الحادث كوسيلة للتعامل أيضًا.
ولتشخيص الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة، قد يعاني شخص ما من عدد معين من جميع هذه الأعراض على مدى فترة طويلة من الزمن، ولكن حتى لو لم يتم تشخيصك باضطراب ما بعد الصدمة الكامل، يمكن للأشخاص تجربة هذه الأعراض بعد حدث مؤلم أو مرهق.
ومن الطبيعي أن يكون لديك استجابة عاطفية شديدة لتهديد كبير أو حادث صادم مثل الوباء، ولكن عادةً ما تميل الأعراض إلى التعافي بشكل طبيعي بمرور الوقت. فبعد حوالي أربعة أشهر من الصدمة تتحسن هذه الأعراض من تلقاء نفسها ومع ذلك، في بعض الأحيان لا تتحسن الأعراض بمرور الوقت.
وقالت ميشيل بيدارد-جيليجان، الأستاذة المساعدة في جامعة واشنطن والمتخصصة في الصدمات، إنه إذا كنت لا تزال تعاني من أعراض تتعارض مع حياتك اليومية (مما يعني أنك لا تستطيع القيام بعملك أو نومك)، فيجب أن تحصل على مساعدة من معالج أو أخصائي صحة نفسية. والتوقيت هو المفتاح، لا يمكن تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة بعد شهر واحد بعد وقوع حادث مؤلم.
2- راقب أفكارك ومشاعرك وسلوكياتك
يجب أن يراقب الناس ما يقولونه لأنفسهم، وكيف يؤثر ذلك على يشعرون به وما يفعلونه، فعلى سبيل المثال، إذا كنت تقضي طوال اليوم في التفكير في أنك ستمرض أو تفقد وظيفتك ، فقد تذهب إلى المنزل و لتشعر بتحسن وتستيقظ تشعر بالسوء في اليوم التالي.
وإذا كانت أنماط تفكيرك تميل إلى أن تكون "أبيض وأسود أو كارثية"، فهذه ليست علامة جيدة. هذا يؤدي إلى تفكير مشوّه وسلوك خاطئ بدلاً من ذلك ، ابحث عن آلية للتكيف يمكنها "ترسيخك"، مثل الاتصال بصديق أو ممارسة الرياضة.
3- ابتعد عن متابعة الأخبار
أحد أفضل استراتيجيات التأقلم عندما يتعلق الأمر بالصدمة هو التقليل من متابعة الأخبار المتعلقة بكورونا، إذا كانت الأخبار تجعلك تشعر بالسوء أو السلبية. وتشير الدراسات إلى أن مجرد مشاهدة التغطية الإخبارية لحدث صادم يمكن أن يؤدي إلى أعراض الضغط الحاد.