خصصت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، الجزء الأول من خطة العام الثالث (20/2021) من الخطة متوسطة المدى للتنمية المُستدامة (18/2019 – 21/2022)، لاستعراض التطورات الاقتصادية العالمية فى ظل أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد، ولعله كان من أخطر التطورات انخفاض معدلات النمو العالمى المتوقعة، والتى انعكست بدورها على معدلات البطالة.
ووفقا لتقديرات منظمة العمل الدولية بلغ عدد المتعطلين فى العالم نحو 188 مليون متعطل عام 2019، ومن المتوقع أن يزداد هذا العدد بمقدار 2.5 مليون متعطل كل عام تمشيا مع زيادة قوة العمل، ما يعنى عدم القدرة على توفير فرص عمل كافية لاستيعاب كل الزيادات المتتالية المنضمة لسوق العمل، وقبل أزمة كورونا أشارت تقديرات منظمة العمل الدولية إلى بلوغ معدل البطالة 5,4٪ عام 2019، مع توقع استقراره عند مستويات متقارية فى عامى 2020 و2021.
ومن المتوقع - فى ظل تداعيات فيروس كورونا المستجد على الاقتصاد العالمى أن تتزايد أعداد المتعطلين خلال عام 2020، ومن ثم معدلات البطالة تباعا، وقد وضعت منظمة العمل الدولية 3 سيناريوهات فى هذا الخصوص تعتمد على مدى انتشار الفيروس وآثاره الاقتصادية ومدى فاعلية الإجراءات المتبعة لاحتواء الأزمة، وقد ورد بالسيناريو المرتفع احتمال فقدان نحو 28 مليون وظيفة مقابل 5 ملايين وظيفة فى حالة السيناريو المتفائل، و13 مليون وظيفة حال تبنى السيناريو المتوسط، ومنها 7.4 مليون وظيفة فى الدول مرتفعة الدخل.
وتعنى هذه التقديرات احتمال تصاعد أعداد المتعطلين من 188 مليون متعطل عام 2019 إلى 193 مليون أو 201 مليون أو 213 مليون متعطل عام 2020، بنسب زيادة تتراوح بين 2.7% و13.3% حسب السيناريو الذى تستند إليه التوقعات، وقد اعتمدت التقديرات المشار إليها بعاليه على ما يسببه انتشار فيروس كورونا المستجد من تقييد التحركات الأفراد بين الدول وداخل الدولة الواحدة، وأيضا على الأثر الناجم عن إغلاق بعض المؤسسات والمنشآت، وبخاصة تلك العاملة فى مجال الصناعة والخدمات.
وثمة تقديرات أخرى أكثر تشاؤما عن مستقبل سوق العمل أوردها تقرير المنتدى الاقتصادى العالمى، حيث يشير إلى توقع فقدان وظائف فى حدود 50 مليون وظيفة على مستوى العالم فى ضوء مُستجدات الأزمة، منها 30 مليون في آسيا، و7 ملايين فى أوروبا، و5 ملايين في الولايات المتحدة الأمريكية (2020 ,WEF)، وعلى مستوى المنطقة العربية، يفيد تقرير (ESCWA) احتمال ارتفاع معدل البطالة نتيجة الأزمة بنحو 1.2 نقطة مئوية.
وتقول وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية فى وثيقة خطة 2020/2021 إنه إذا ما تجاوزنا عن تباين معدلات البطالة بين مجموعات الدول وبين الدول الفردية ذاتها، فإن مجرد زيادة أعداد المتعطلين من الناحية المُطلقة بنحو 13 مليون متعطّل (لو سلمنا بالسيناريو المتوسط، وبلوغ العدد الإجمالى 201 مليون متعطل)، سوف يظل الاقتصاد العالمي يواجه معضلتين أساسيتين، المعضلة الأولى تتعلق بكيفية توفير الموارد اللازمة لتأمين إعاشة هذا "الجيش من العاطلين"، وتدبير سبل الحماية الاجتماعية بما يكفل لهم حياة كريمة ويحول دون تداعيّات البطالة من منظور الاستقرار الأمنى والاجتماعى، والمعضلة الثانية تتعلق بكيفية دفع عجلة النمو الاقتصادى بالسرعة الكافية لزيادة الطاقات الإنتاجية للقطاعات المختلفة بما يُمكنها من استيعاب الزيادات التى تتوالى سنويا لسوق العمل، وفى الوقت ذاته امتصاص جانب من جموع العاطلين الذين تتزايد أعدادهم سنة تلو الأخرى.