الملك كامس هو آخر ملوك الأسرة السابعة عشرة فى طيبة، وربما حكم ما بين ثلاثة إلى خمسة أعوام، وهو البطل الثانى من الملوك الأبطال أصحاب ملحمة تحرير مصر من الهكسوس، وجاءنا كفاح هذا الملك من خلال ثلاثة وثائق أكملت كل واحدة منها الأخرى مما أنتج لنا في النهاية قصة شبه كاملة عن ثانى أبطال حرب التحرير.
كامس
ويقول كتاب "الفراعنة المحاربون.. دبلوماسيون وعسكريون" للدكتور حسين عبد البصير، إن الوثيقة الأولى هى نص كتبه تلميذ مصرى قديم على لوح يعرف بلوح كارنارفون، والوثيقة الثانية مكتوبة على لوحة تم العثور عليها عام 1928 وتحكى أن "كامس" ضاق بعد وفاة والده وصعوده على العرش بالاحتلال الهكسوسى لأرض مصر الطاهرة، فطلب دعوة رجال بلاطه وقادة جيشه كى يشاورهم فى الأمر، فأخذوا فى مدح جلالته والتغنى بشجاعته والإشادة بقوته، فأثارته الدهشة من أقوالهم، ولفت نظرهم إلى موقفه بين ملكين أحدهما أسيوى يحكم فى الشمال والآخر كوشى يحكم فى الجنوب.
الملك كامس
وأضاف كتاب "الفراعنة المحاربون"، أن كامس شعر أن رجاله لا يميلون إلى الحرب وأنهم موافقون على الوضع الحالى، غير أن كامس رفض ذلك وصمم على قتال الأعداء، وكان على يقين من أن البلاد كلها سوف تهتف له، وبالفعل تقدم الشجاع كامس على صفحة النهر الخالد شمالاً حتى وصل إلى بلدة نفروسى (شمال القوصية فى أسيوط) وانتصر على حاكمها الذى كان مواليًا للهكسوس.
وأشار الدكتور حسين عبد البصير، أن الوثيقة الثالثة عبارة عن لوحة كاملة من الحجر الجيرى عثر عليها فى معابد الكرنك عام 1954 وتكمل أحداث الوثيقتين السابقتين، وتروى لنا قصة استمرار انتصارات كامس على الهكسوس وعن الرعب الذى أدخله جيش مصر العظيم إلى قلوبنا أعدائنا من الهكسوس المحتلين لأرضنا المباركة، وتقص أيضًا قصة الغنائم التى حصل عليها من أسر رسول بعث به ملك الهكسوس أبيبى ( أو أبوفيس) لتوصيل رسالة منه إلى ملك كوش فى بلاد النوبة العليا، وفيها يطلب منه المساعدة ومهاجمة مصر من الجنوب أثناء انشغال كامس فى حروبه فى الشمال، ثم يعدد المدن التى استولى عليها، وفى عام حكمه الثالث، قام كامس بحملة عسكرية ضد الكوشيين أعوان الهكسوس جنوب مصر كى يقطع الإمدادات والصلات بين عدوه الهكسوسى الأساسى وحليف عدوه الكوشى، ثم قام بحملة أخرى ضدهم فى عامهم الرابع أو الخامس.
كامس
ولا نعلم على وجه التحديد كيف كانت نهاية الملك الباسل كامس أو سبب موته، غير أنه من المؤكد أن الموت قد حصد روحه الطاهرة أثناء معاركه فى الشمال وقبل أن يفتح عاصمة الهكسوس أفاريس (أو أواريس) فى شرق الدلتا المصرية، تاركًا هذه المهمة المقدسة لخليفته الملك البطل محرر مصر من محنة الهكسوس، الملك أحمس الأول، مؤسس الأسرة الثامنة عشرة والدولة الحديثة وعصر الإمبراطورية المصرى المجيدة في الشرق الأدنى القديم.
وأضاف كتاب "الفراعنة المحاربون"،أن الملك كامس هو ملك مصرى بارع مد حكم دولته الجنوبية شمالاً، وحقق انتصارات مذهلة ضد الهكسوس ولم يتمكن من طردهم نهائيًا من مصر، ومات دفاعًا عن الوطن العظيم: مصر، فاستحق أن يخلده التاريخ.