استعرضنا في السابق ازدياد نسبة الطلاق والشقاق بين الزوجين الذي أدي بدوره إلى تكدس ساحات المحاكم بدعاوي النفقة بكافة أشكالها وأنواعها، حيث تمثل في توضيح الأساس القانوني للالتزام بالنفقة، وكذلك الحد الأقصى للخصم من مرتب الملتزم بالنفقة، وآلية تنفيذ الأحكام الصادرة بالنفقات، ودور بنك ناصر الاجتماعي في هذا الشأن وغيرها من الإجراءات.
إلا أن مسألة دعاوى النفقة تواجه العديد من المشكلات العملية والإجرائية في تنفيذ الأحكام الصادرة بالنفقة من خلال القصور التشريعي في كفالة وضمان تنفيذ تلك الأحكام مع وجود العديد من مقترحات للتعديلات الواجب تطبيقها على نصوص مواد قانون الأسرة.
دور بنك ناصر في تنفيذ أحكام النفقة وحدود مبلغ الصرف
في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكاليات النفقات ودور بنك ناصر في تنفيذ أحكام النفقة وحدود مبلغ الصرف بصفته المنوط به الإشراف على صندوق نظام تأمين الأسرة بأداء النفقات والأجور وما في حكمها، مما يحكم به للزوجة أو المطلقة أو الأولاد أو الوالدين من حصيلة صندوق نظام تأمين الأسرة بما في ذلك النفقات الوقتية الصادر بتقريرها أحكام مؤقتة، وذلك كله مع عدم الإخلال بحق الصادر لصالحه الحكم من سلوك سبل إجراءات التنفيذ على المحكوم عليه مباشرة – بحسب الخبير القانوني والمحامي المتخصص في الشأن الأسرى هشام الكودى.
المستندات المطلوبة لأداء النفقة بمعرفة بنك ناصر
في البداية، يكون أداء النفقات والأجور وما في حكمها بمعرفة نزع بنك ناصر الاجتماعي الذي يقع بدائرته محل إقامة الصادر لصالحه الحكم، ويتم أداء النفقات وما في حكمها بناء على طلب يقدم من الصادر لصالحه الحكم أو وكيله الخاص أو نائبه القانوني على النموذج المعد لهذا الغرض مشفوعا بالمستندات الآتية:
1-صورة تنفيذ به معلنة من الحكم.
2-تفويض للبنك لمباشرة الإجراءات القانونية اللازمة لاستيفاء المحكوم به من النفقة أو الأجر أو ما في حكمها والمصاريف.
3-البيانات الخاصة بمحل إقامة المحكوم عليه ومقر عمله.
4-أية بيانات تعين على التعرف على ممتلكات المحكوم عليه الثابتة أو المنقولة في مصر أو خارجها.
التنفيذ لا يشمل مبلغ المتعة
إلا أنه يجب أن يلاحظ أن التنفيذ لا يشمل مبلغ المتعة المحكوم به للمطلقة، كما لا يشمل المتجمد من المستحق عن مدة 3 أشهر فأكثر، وذلك إلى أن يتم تحصيله، ويتبع بنك ناصر في استيفاء المبالغ التي يقوم يصرفها القواعد والأحكام التي سبق أن بيناها عند التعليق على نص المادة الثانية من هذا القانون – وفقا لـ"الكردى".
بنك ناصر لا يقوم بتنفيذ أحكام النفقة فيما يزيد عن 500 جنيه
وبالتالي فان هناك طريقين لتنفيذ حكم النفقة أولهما هو اللجوء إلى إدارة تنفيذ الأحكام بمحكمة الأسرة الصادرة منها الحكم والثاني هو اللجوء إلى بنك ناصر الاجتماعي بالمستندات المنوه عنها سابقا لتنفيذ حكم النفقة إلا أنه وطبقا لقرار وزير العدل فأن بنك ناصر لا يقوم بتنفيذ أحكام النفقة، فيما يزيد عن مبلغ خمسمائة جنيه وهو ما سوف نعرض له في مشكلات التنفيذ في البند ثالثا، هذا وقد نظم القانون قانون رقم 1 لسنة 2000 م بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية قواعد تقدير النفقة والجزاء حال امتناع الزوج عن أداء المبالغ المحكوم بها .
فقد نصت المادة 71: على أنه: "ينشأ نظام لتأمين الأسرة من بين أهدافه ضمان تنفيذ الأحكام الصادرة بتقرير نفقة للزوجة أو المطلقة أو الأولاد أو الأقارب يتولى الإشراف على تنفيذه بنك ناصر الاجتماعي ويصدر بقواعد هذا النظام وإجراءاته وطرق تمويله قرار من وزير العدل بعد موافقة وزيرة التأمينات".
مادة 72
:على بنك ناصر الاجتماعي أداء النفقات والأجور وما في حكمها بما يحكم به للزوجة أو المطلقة أو الأولاد أو الوالدين وذلك وفقا للقواعد والإجراءات التي يصدر بها قرار من وزير العدل بعد موافقة وزيرة التأمين.
مادة 73
:على الوزارات والمصالح الحكومية ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة ووحدات القطاع العام وقطاع الأعمال العام وجهات القطاع الخاص والهيئة القومية للتأمين الاجتماعي وإدارة التأمين والمعاشات للقوات المسلحة والنقابات المهنية وغيرها من جهات أخرى بناء على طلب من بنك ناصر الاجتماعي مرفق به صوره طبق الأصل من الصورة التنفيذية للحكم وبما يفيد تمام الإعلان أن تقوم بخصم المبالغ في الحدود التي يجوز الحجر عليها وفقا للمادة 76 من هذا القانون من المرتبات وما في حكمها والمعاشات وإيداعها خزانة البنك فور وصول الطلب إليها ودون حاجة إلى إجراء أخر .
مادة 74
:إذا كان المحكوم عليه من غير ذوي المرتبات أو الأجور أو المعاشات وما في حكمها وجب عليه أن يودع المبلغ المحكوم بخزانة بنك ناصر الاجتماعي أو أحد فروعه أو وحدة الشئون الاجتماعية الذي يقع محل إقامته في دائرة أيا منهم في الأسبوع الأول من كل شهر متى قام البنك بالتنبيه عليه بالوفاء.
مادة 75
:لبنك ناصر الاجتماعي استيفاء ما قام بأدائه من نفقات وأجور وما في حكمها وجميع ما تكبده من مصاريف فعلية أنفقها بسبب امتناع المحكوم عليه عن أداءه.
مادة 76:
استثناء ما تقرره القوانين في شأن قواعد الحجر على المرتبات أو الأجور أو المعاشات وما في حكمها يكون الحد الأقصى لما يجوز الحجر عليه منها وفاء لدين نفقة أو أجر أو ما فى حكمها للزوجة أو للمطلقة أو الأولاد أو الوالدين في حدود النسبة الآتية:
%25-1 للزوجة أو المطلقة وتكون 40 % في حالة أكثر من واحدة.
2- %25 للوالدين أو أحدهما.
%35-3 للولدين أو أقل.
%40-4 للزوجة أو المطلقة ولولد أو اثنين والوالدين أو أيهما.
%50-5 للزوجة أو المطلقة وأكثر من ولدين والوالدين أو أيهما وفى جميع الأحوال لا يجوز أن تزيد النسبة التي لا يجوز الحجر عليها على 50 % تقسم بين المستحقين بنسبة ما حكم به لكل منهم.
ما هو الحل حال عدم تنفيذ الزوج الحكم النهائي؟
هذا وقد قررت المادة 76 مكرراً أنه: "إذا امتنع المحكوم عليه عن تنفيذ الحكم النهائي الصادر في دعاوى النفقات والأجور وما في حكمها جاز للمحكوم له أن يرفع الأمر إلى المحكمة التي أصدرت الحكم أو التي يجرى التنفيذ بدائرتها، ومتى ثبت لديها أن المحكوم عليه قادر على القيام بأداء ما حكم به وأمارته بالأداء ولم يمتثل حكمت بحبسه مدة لا تزيد عن ثلاثين يوما."
عقوبة الزوج لعدم تنفيذ حكم النفقة
وبالتالي فإن الزوج الممتنع عن أداء النفقة المحكوم بها بموجب حكم نهائي فانه يواجه عقوبة الحبس مدة لا تزيد عن ثلاثين يوما، كما تنص المادة 293 من قانون العقوبات على أنه: "كل من صدر عليه حكم قضائي واجب النفاذ بدفع نفقة لزوجة أو أقاربه أو أصهاره أو أجرة حضانة أو رضاعة أو مسكن وامتنع عن الدفع مع قدرته عليه مدة ثلاثة شهور بعد التنبيه عليه بالدفع يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنة وبغرامة لا تتجاوز خمسمائة أو بأحدي هاتين العقوبتين".
إلا أن نص هذه المادة بصدد تعديلها حيث وافقت لجنة الشئون التشريعية والدستورية بمجلس النواب على قرار رئيس مجلس الوزراء بمشروع قانون بتعديل نص هذه المادة، وذلك بإضافة عقوبات جديدة، وذلك أنه إذا رفعت الدعوى للمرة الثانية فتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد عن سنة كما يترتب على الحكم الصادر بالإدانة تعليق استفادة المحكوم عليه من الخدمات المطلوب الحصول عليها بمناسبة ممارسة نشاطه المهني والتي تقدمها الجهات الحكومية والهيئات العامة ووحدات القطاع العام وقطاع الأعمال العام والجهات التي تؤدي خدمات مرافق عامة حتي أداء ما تجمد في ذمته لصالح المحكوم له او بنك ناصر الاجتماعي حسب الأحوال – الكلام لـ"الكودى".
المشاكل العملية في تنفيذ الأحكام الصادرة بالنفقات
وبعد أن استعرضنا الأساس القانوني للالتزام بالنفقة وألية وطرق تنفيذها ننتقل إلى الواقع العملي وما يحدث بالفعل أثناء تنفيذ الأحكام الصادرة بالنفقات حيث أنه وبالإطلاع على المشاكل العملية من واقع أروقة المحاكم ومشاكل الأمهات نجد أن الواقع العملي مرير للغاية حيث أنه لا ينفذ من الأحكام الصادرة بالنفقات إلا النذر اليسير الصادر منها، وذلك بسبب القصور التشريعي في نصوص مواد قوانين الأسرة حيث أنها لم تكفل الية جدية لتنفيذ تلك النفقات.
ألاعيب الزوج للتهرب من دفع النفقة
فنجد كثير من الآباء ما يتهرب من أداء تلك النفقات، وذلك إما بإخفاء ما لديه من أموال أو مصادر للدخل، وبالتالي ادعاء فقره لتقليل مبلغ النفقة قدر الإمكان أو تغيير محل سكنه بحيث لا تعلم الزوجة محل إقامته لتنفيذ الأحكام الصادرة بالنفقة عليه أو لأنه خارج البلاد، وبالتالي يصعب أو يستحيل تنفيذ تلك الأحكام، وبالتالي نجد أن معظم الأحكام الصادرة بالنفقات صادرة فعليا وعمليا مع إيقاف التنفيذ.
ونضيف إلى ذلك أن الأحكام التي يقوم بنك ناصر بتنفيذها هي الأحكام التي لا تتعدي مبلغ الخمسمائة جنيه وهذا مبلغ زهيد جدا في ظل الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد والتضخم الذي يجعل هذا المبلغ لا يكاد يكفي لتلبية أية مطلب من مطالب الأطفال الصغار أو الزوجة، هذا بالإضافة إلى تعقيد إجراءات تنفيذ تلك الأحكام عن طريق إدارة التنفيذ بالمحكمة إذ يصعب في معظم الأحوال إثبات الممتلكات الحقيقية للزوج، وبالتالي يصعب الحجز على ما يمتلكه الزوج لاسيما إذا كان له أرصدة بالبنوك.
حلول عملية
وإزاء ذلك الواقع المرير – الكلام لـ"الكودى" - تجد الأم نفسها أمام دوامة من الإجراءات العقيمة التي لا تسمن ولا تغني من الجوع للحصول على حقها وحق أولادها في النفقة المحكوم بها، فتضطر للبحث عن عمل لتوفير لقمة العيش والمضرور الأكبر في كل تلك الحالات هم الأطفال الصغار، ولما كان الأمر كذلك فكان لا بد من التدخل التشريعي لتعديل قوانين الأسرة تعديلا يكفل تنفيذ تلك الأحكام وتعديلا يكفل تقرير نفقة تتناسب مع حالة الصغار والزوجة، وذلك بتقرير نفقة تسد حاجتهم، وعلى ذلك نري ضرورة تعديل قوانين الأسرة بإضافة الأحكام التالية:
أولا:
إنشاء ملف ورقي وأخر الكتروني يبدأ بتعريف الزوج من واقع سجلاته في الأحوال المدنية وبطاقة الرقم القومي ثم يدرج به الذمة المالية للزوج وكل ما يمتلكه سواء كانت عقارات مسجلة أو غير مسجلة أو أية أرصدة في البنوك "مع عدم الإخلال بقانون سرية الحسابات" وعما إذا كان موظفا عموميا أو في شركة خاصة وإذا ما كان يعمل لدي دولة أجنبية والجهة أو الشركة التي يعمل بها عن طريق عقد العمل أو جواز السفر، والتوسع في مفهوم الأجر ليشمل كافة ما يتحصل عليه الزوج سواء كان الأجر ثابت أو متغير حيث تلاحظ لان ان مفردات المرتب تأتي على الأجر الثابت وبالتالي يتم الحكم بمبالغ زهيدة.
ثانيا:
بعد إنشاء ذلك الملف وحصر أية مصدر دخل للزوج يتم تنفيذ الأحكام الصادرة بناء على تلك البيانات على أن يتم تنفيذ التنفيذ بمعرفة إدارة تنشأ خصيصا لهذا الغرض ولا يجوز لأي شخص الاحتجاج بأية من البيانات الواردة، بذلك الملف أو الاحتجاج بما فيه إلا بخصوص ما أنشئ من اجله وهو تنفيذ الأحكام الصادرة بالنفقات.
ثالثا:
تفعيل اتفاقيات تنفيذ الأحكام سواء العربية أو غيرها وإلزام السفارات أو القنصليات بمخاطبة الجهات التي يعمل بها المحكوم عليه بتنفيذ الأحكام الصادرة بالنفقة وتحصيلها للصادر لصالحهم الحكم.
رابعا:
ربط الملف الالكتروني المشار إليه في البند أولا بكافة المصالح الحكومية بحيث يدرج على النظام الالكتروني الأشخاص الممتنعين عن أداء النفقات، وبالتالي حرمانهم من الحصول على اية خدمة حكومية، وكذلك منعه من السفر دون الحصول على إذن من النائب العام.
خامسا:
تفعيل عقوبة الحبس في حال الامتناع عن أداء النفقات ووضع المحكوم عليه على قوائم ترقب الوصول او المنع من السفر تلقائيا بمجرد صدور الحكم ودون الحاجة الي التقدم بطلب أو اتخاذ أية إجراء ممن صدر لصالحهم الحكم.
سادسا:
تقدير النفقة الشهرية وربطها بقاعدة موضوعية تجنبا للتضخم وتقليلا للوقت والنفقات وتجنيبا للجوء الأم إلي المحكمة لزيادة النفقة، وذلك بربط مبلغ النفقة بسعر الصرف أو الدولار أو الذهب دون حاجة إلى اللجوء إلى المحكمة لرفع دعوى جديدة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة