سعيد الشحات يكتب «ذكريات صحفية»: علاقتى بأسامة أنور عكاشة تبدأ من لقاء رتبه سيد عبدالكريم فى مطعم على كورنيش النيل.. وتحت شجر البرتقال فى قريتى تولدت فكرة فيلمه «كتيبة إعدام» وشجعه عليها الدكتور عزازى على عزازى

الجمعة، 15 مايو 2020 04:52 م
سعيد الشحات يكتب «ذكريات صحفية»: علاقتى بأسامة أنور عكاشة تبدأ من لقاء رتبه سيد عبدالكريم فى مطعم على كورنيش النيل.. وتحت شجر البرتقال فى قريتى تولدت فكرة فيلمه «كتيبة إعدام» وشجعه عليها الدكتور عزازى على عزازى أسامة أنور عكاشة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ذهبت فى الموعد الذى حدده لى الفنان الدكتور سيد عبدالكريم للقاء الكاتب والسيناريست الفذ أسامة أنور عكاشة، كنت فى بداياتى الصحفية عام 1985، وكان مسلسل «الشهد والدموع» حديث الناس بعد عرض الجزء الثانى له، الذى لعب فيه سيد عبد الكريم دور «عبودة أفندى»، وكانت هناك صداقة تربطنى به بدأت بذهابى إليه فى كلية الزراعة بمشتهر القريبة من قريتى «كوم الآطرون، طوخ، قليوبية»، وإجراء حوار معه نشرته فى جريدة «الخليج، الإماراتية». 
 
كانت مناقشاتى دائمة وثرية مع سيد عبدالكريم فى الفن والسياسة، وكان رحمه الله شخصا جميلا ومثقفا وحنونا ووطنيا ولديه شهامة أبناء البلد، كما ظهر فى شخصية «زينهم السماحى» فى مسلسل «ليالى الحلمية»، وبعد حوارى معه لجريدة «الخليج» أتاح لى لقاء المخرج فخر الدين صلاح الذى أخرج لأسامة أنور عكاشة أعماله الأولى وأشهرها «أبواب المدينة» بجزأيه عامى 1981 و1983، بطولة صلاح السعدنى ونسرين وعبدالله محمود ومحمود التوني، ومات فى حادث اختطاف طائرة واحتراقها وهى متجهة إلى أثينا من القاهرة عام 1985.
 
رتب لى سيد عبدالكريم أول لقاء لى مع أسامة عام 1985، واصطحبنى فى سيارته «مازدا» من مكان عمله بكلية الزراعة فى «مشتهر» إلى مكان اللقاء بمطعم «بابريكا» المجاور للتليفزيون المصرى، كان عمر أسامة وقتئذ 44 عاما، كان متدفقا متوهجا فى كلامه وأفكاره، يدخن «البايب»، ونقطع الحديث بقفشات عن فريق الزمالك، فهو كان زملكاويا غاضبا من مستوى الفريق، وكان سيد عبد الكريم وأنا أهلاويين، تحدث عن بداياته من كفر الشيخ التى ولد فيها عام 1941 لأب كان يعمل فى التجارة، والتحق بكلية الآداب جامعة عين شمس قسم الدراسات الاجتماعية والنفسية وتخرج منها عام 1962، وفى هذه الفترة كتب القصص القصيرة، وبعد تخرجه عمل اخصائيا اجتماعيا فى مؤسسة لرعاية الأحداث، ثم انتقل إلى العمل فى إدارة رعاية الشباب بجامعة الأزهر حتى استقال عام 1982 للتفرغ من أجل الأدب.
 
قال عن بدايته مع الدراما التليفزيونية: «بداية تجربتى كانت أدبية، فأنا كاتب قصة، وظللت أنشر لفترة حتى جاءت نكسة 5 يونيو 1967، وتلاها فترة إحباط عام ومعها كان لى إحباط خاص من عدم وجود مواكبة نقدية تتابع وتناقش ما أكتبه، وبالطبع فإن الكاتب لا يحس بقيمة ما يكتبه إلا إذا كان هناك قارئ وناقد، وكان الحل فى الدراما التليفزيونية التى أتاحت لى فرصة الوصول إلى القارئ بوسيلة مختلفة عن الكتاب المطبوع»، أضاف: «أنا أدين بالفضل فى ذلك إلى صديق عمرى الراحل العظيم المخرج التليفزيونى فخر الدين صلاح، هو الذى عرض علىَّ الكتابة للتليفزيون، ولما قلت له: لا أعرف، أحضر ورقا وقلما وشرح لى الطريقة بتفاصيلها الفنية التى كنت أجهلها، وأخرج لى سباعية «الإنسان والحقيقة» سنة 1976، ثم مسلسل «الحصار» ثم «المشربية»، و«أبواب المدينة».
فى هذا اللقاء أطلق مصطلحه «أدب التليفزيون» قال: بانتشار التليفزيون فى أعماق الريف تمكنت من التواصل مع شرائح واسعة فى المجتمع لم أكن سأصل إليها أبدا، والنتيجة أننى هاجرت أرض الأدب وبدأت بإعداد قصص منشورة لى، ثم تلاها كتابة المسلسلات مباشرة وبدأتها مع «الإنسان والحقيقة» عام 1976، ورغم الشهرة التى تحققت بفضل اللجوء إلى الدراما التليفزيونية، إلا أن الأدب لم يفارقنى، وطموحى أن أصل إلى ما يمكن أن نسميه بـ«أدب التليفزيون».
 
تشعب الحوار إلى قضايا كثيرة وتناولنا فيه مسلسلى «أبواب المدينة» ثم مسلسله «وقال البحر» و«الشهد والدموع»، وتحدث عن مسلسل لم يعرض فى مصر اسمه «سلمى» وتعرض لفترة مبكرة من الحرب الأهلية اللبنانية التى تفجرت فى النصف الثانى من سبعينيات القرن الماضى، شرت الحوار فى مجلة «الموقف العربى» التى كانت تصدر فى قبرص، وكانت ضمن مطبوعات يراسلها مركز إعلام الوطنى العربى «صاعد» الذى شهد بداية احترافى العمل الصحفى فيه.
فى شقته التى كانت تقع فى أول كوبرى الهرم بعد ميدان الجيزة تواصلت لقاءاتى به قبل أن ينتقل منها، وتخطت اللقاءات علاقة الصحفى بالمصدر إلى علاقة إنسانية يقدم لى فيها كثيرا من النصح، وأنا أزداد انبهارا به كمبدع وإنسان، لم تكن شقته كبيرة، وفى إحدى حجراتها الصغيرة كانت صومعته التى تحتوى على كتب فى التاريخ والأدب، وترك هذه الشقة للإقامة مؤقتا بفندق فى بداية شارع الهرم وقت كتابة الجزئين الأولين من «ليالى الحلمية»، وكان غير مسموح إطلاع أى أحد يتصل به فى المنزل بوجوده فيه، إلا بعد العودة إليه، وكنت أنا أحد المسموح لهم، وزرته بالفندق، واصطحبت معى فى إحداها الفنان أحمد إسماعيل الذى كان يشق طريقه وسط الناس والمثقفين وخارج أى مؤسسات رسمية. 
 
كان ممن يحبون الإطلاع عن قرب برأى الناس العاديين فى أعماله والنقاش معهم، وشهد مسلسل «ليالى الحلمية» بعد الجزء الثانى ندوات عديدة له رافقته فيها مع بعض أبطال المسلسل، حضرت معه ندوة حاشدة فى كلية زراعة مشتهر وحضرها، عبد العزيز مخيون، وسيد عبدالكريم وسيد عزمى، ومحمود الشاذلى، كما اصطحبته فى ندوة بمعهد الكفاية الإنتاجية بالزقازيق، ولبى دعوتى لندوة فى قريتى حضرها سيد عبدالكريم، وسيد عزمى، عام 1988 ووسط حفاوة بالغة فى الاستقبال وحضور حاشد بمركز الشباب دارت مناقشات ثرية، أصر فى نهايتها أن يحتفظ بالأسئلة التى كتبها البعض ودارت حول المسلسل.
 
كان الصديقان المرحومان الدكتور عزازى على عزازى محافظ الشرقية الأسبق، والكاتب الصحفى سيد زهران ضمن الذين شاركوا فى الندوة، وقبلها تناول الجميع غذاء فطير مشلتت فى حديقة البرتقال التى يمتلكها المرحوم العم أحمد الطوخى والد الصديقان الطوخى والسيد، وتحت شجر البرتقال وشمس الشتاء كان الجميع يتبادل القفشات والنكات، وتدور المناقشات بمشاركة عدد من الأصدقاء، وإذا بالصديق عبد الحليم يحيى يطرح قضية «ثورة مصر» وهى القضية التى كان الدكتور خالد جمال عبد الناصر ومحمود نور الدين وآخرين متهمين فيها بتكوين تنظيم سرى مسلح قام باغتيال عناصر من السفارة الإسرائيلية فى القاهرة، وخرج بسببها خالد عبد الناصر إلى يوغسلافيا «قبل تفكيكها»، وظل فى عاصمتها بلجراد حتى عاد عام 1990، وحصل على حكم بالبراءة.
 
تحدث البعض عن القضية، وبدا النقاش وكأنه يتجه إلى حبكة درامية، وبالفعل التقط سيد عبد الكريم الخيط موجها كلامه إلى أسامة: إيه رأيك يا عبقرى.. موضوع كله دراما، وأثنى الدكتور عزازى على الاقتراح محمسا أسامة الذى ضحك باقتضاب: الموضوع محتاج تفكير، وانصرف الجميع بعد الندوة، ودارت العجلة ليكتب أسامة فيلم «كتيبة إعدام» بإلهام من قضية «ثورة مصر»، ولعب بطولته نور الشريف وممدوح عبد العليم ومعالى زايد، وإخراج عاطف الطيب، وقال لى سيد عبدالكريم أثناء عرض الفيلم فى السينما، واشتداد الجدل حوله: الفيلم ده مولود على حجرى.. كنت كل يوم أسأل أسامة عليه واستعجله، والأصل من أكلة الفطير والبرتقال فى بلدكم.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة