كان الوزراء والمسؤولون الذى اختلفوا مع الرئيس السادات، وتقدموا باستقالاتهم يوم 13 مايو 1971، يجلسون فى بيوتهم، وفى يوم 15 مايو تم إبلاغ بعضهم تحديد إقامتهم فى منازلهم، وبعدها بساعات صدرت قرارات بالقبض عليهم، وكانوا من كبار المسؤولين الذين عملوا إلى جوار جمال عبد الناصر.. «راجع ..ذات يوم 13 مايو 202».
يتذكر سامى شرف مدير مكتب عبد الناصر ثم السادات، فى الكتاب الخامس من مذكراته «سنوات وأيام مع جمال عبد الناصر»: فى الساعة السابعة صباحا حضر إلى المنزل أحد ضباط الحرس الجمهورى برفقة شخص يرتدى ملابس مدنية ليبلغانى بصدور تعليمات بتحديد إقامتى فى منزلى، وصدر أمر باعتقالى يوم الأحد 16 مايو 1971.
فى هذه الدراما العامة كان لأمين هويدى دراما من نوع خاص، كان وقتئذ بعيدا عن أى مناصب، بعد أن شغل عدة مواقع مع عبد الناصر أبرزها رئاسته لجهاز المخابرات بعد نكسة 5 يونيو 1967.. يتذكر فى كتابه «50 عاما من العواصف»: «فى يوم 13 مايو 1971 كنت عائدا والسيدة حرمى فى ساعة متأخرة من الليل إلى منزلنا بمصر الجديدة بعد زيارة أصدقاء لنا فى حى الزمالك، وعند ضريح أحمد ماهر شاهدنا عربات شرطة ينزل منها الجنود ليتفرقوا بسرعة فى الشارع، وتكرر المنظر فى شارع الخليفة المأمون، ولما وصلنا إلى دارنا صاحت بنتنا الصغيرة «مها» الآن هى الدكتورة مها أستاذ مساعد فى كلية البنات جامعة عين شمس وهى تطل من الشباك: «بابا أنكل شعراوى وبعض الوزراء استقالوا»، ولم أدهش فما توقعته حدث متأخرا بعض الشىء، فالصراع كان موجودا، بدأ بإزاحتى فى نوفمبر 1970 ثم بإقالة على صبرى فى 2 مايو 1971، ولما ظن شعراوى أن الثمار حان قطافها ضرب السادات ضربته، ووجد الجميع أنفسهم وقد حددت إقامتهم فى أول الأمر وملقى بهم فى السجون بعد ذلك».
يضيف «هويدي»: «اتصلت بفوزى عبد الحافظ سكرتير الرئيس السادات راجيا تحديد موعد لى مع الرئيس، محاولة منى لرأب الصدع فى الظروف الحساسة التى تمر بها البلاد، إلا أن فوزى لم يرد على بخير أو شر، ولم أكن أعلم أن دورى قد قرب، وأن السادات كان وراء محاكمة عهد وليس جماعة أو أفراد.. فى يوم 15 مايو 1971 سافرت صباحا إلى بلدتى بجيرم «المنوفية»، وبرفقتى حسين سالم رجل الأعمال الشهير الآن، والذى رأس شركة ميدور المصرية الإسرائيلية بعد ذلك، الذى نقلته للعمل معى من شركة مصر للتجارة الخارجية»، يؤكد أنهما سافرا سويا إلى «بجيرم» لزراعة 300 شجرة «جازورينا» كان سالم أحضره له، فى حديقة برتقال، يذكر هويدى أنه كان يملك هذه القطعة التى زرع فيها الأشجار وسميت بعد الأحداث «بغابة 15 مايو»..يكشف: «اضطررت لبيعها تحت ضغط الظروف المالية التى وجدت نفسى فيها بعد ذلك، وبعد زراعة الأشجار عدنا سويا إلى القاهرة حيث تأكدنا أن اعتقالات أخرى قد تمت».
يتذكر: «بعد ظهر ذلك اليوم زارنى موسى صبرى رئيس تحرير «الأخبار» والمقرب من الرئيس السادات، وكان هناك بيننا كثير من الود والاحترام، وتحدث عن الاعتقالات، وأخذ يعرض على مناصب عديدة وفى ثقة غريبة..أمانة الاتحاد الاشتراكى، وزارة الداخلية. رئاسة المخابرات العامة، كنت أستمع فى دهشة دون تعليق، وأذكر أننى قلت له وأنا فى طريقى لأرد على مكالمة تليفونية:«يا موسى أنت من لا يملك تعرض على من لا يستحق، يا أخى أنا قلبت الصفحة خلاص»، أذكر أن موسى صبرى كان من أوائل الزائرين لى فى الصباح المبكر ليوم 10 ديسمبر 1971 وهو اليوم التالى للإفراج عنى، وتساءل: «لماذا لم تطلبنى كشاهد نفى بأنى عرضت وأنت رفضت»، وقلت: من ساعة القبض على قدرت أننى فريسة ألقى الصياد شباكه عليها، وأصبح من مسؤوليتى أن أتخلص منها دون توريط أحد، من كان يريد أن يتقدم للشهادة فلا يحتاج إلى دعوة منى».
يضيف: «كان موسى يداوم على زيارتى لفترة بعد الإفراج، وكنا نناقش الأوضاع خاصة الاحتلال الإسرائيلى لسيناء، كان رأيه فى موشى ديان أنه متطرف دموى، وأذكر أننى قلت له: «ديان هو الذى سيوقع معنا صلحا فى يوم من الأيام»، وكان موسى يردد ذلك دائما أمام السادات وغيره، إذ لعب ديان دورا إيجابيا لإنجاح كامب ديفيد أوضحه فى كتابه «اختراق»، فى اليوم التالى «16 مايو» كان أمين هويدى فى السجن، فكيف حدث ذلك؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة