أصدرت الدائرة "15" بمحكمة أسرة بولاق الدكرور، حكماَ فريداَ من نوعه برفض دعوى إسقاط حضانة الأم بزعم زواجها العرفي بأجنبي، وذلك لعدم وجود عقد زواج رسمي مع احتفاظ الأم بطفلتها، وهو على غير المتعارف عليه فى مثل هذه الدعاوى بإسقاط حضانة الأم طالما تمكن طليقها من إثبات زواجها عرفياَ بكل طرق الإثبات.
صدر الحكم فى الدعوى المقيدة برقم 2591 لسنة 2019 أسرة بولاق الدكرور، لصالح المحامى عبد المجيد جابر، برئاسة المستشار إيهاب الدهشان، وعضوية المستشارين محمد الشامى، وأحمد ربيع، وبحضور وكيل النيابة أحمد عبد الرءوف، وأمانة سر السيد محمود.
الوقائع.. الأب يطالب بإسقاط حضانة الأم بحجة زواجها عرفيا
تتحصل وقائع الدعوى أن المدعى أقامها قبل المدعى عليها بموجب صحيفة مستوفاه أركانها الشكلية المقررة، أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 24 يوليو 2018، وأعلنت قانوناَ للمدعى عليها طلب فى ختامها الحكم بإسقاط حضانة المدعى عليها الأولى للصغير "ندى" وعدم أحقية المدعى عليها الثانية وضم حضانة الصغيرة للمدعى، وذلك على سند من القول أن المدعى عليها الأولى كانت زوجته بصحيح العقد الشرعى ورزق منها على فراش الزوجية بالصغيرة "ندى" وطلقها وتزوجت من أجنبى عن الصغيرة بعقد زواج عرفى وغير أمينة على الصغيرة والجدة لأم لا تقدر على رعاية الصغيرة لمرضها، مما دعاه إلى إقامة دعواه.
وقدم سنداَ لدعواه – حافظة مستندات طويت على صورة ضوئية لإشهاد طلاقه للمدعى عليها الأولى وشهادة ميلاد الصغيرة "ندى"، وشهادة بالتسوية وعقد زواج عرفى للمدعى عليها الأولى وإفادة من التسوية، وحيث تداولت الدعوى بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها ومثل المدعى بوكيله والمدعى عليها الأولى بوكيلها وطلب طلباَ عارضاَ بإثبات حضانة الأم للصغيرة وعرضت المحكمة الصلح دون جدوى.
4 شروط يجب مراعاتها فى الطلبات العارضة
المحكمة في حيثيات الحكم قالت أنه شكل الطلب العارض المبدى من المدعى عليها الأولى وهو طلب باثبات حضانتها للصغيرة "ندى" – فلما كان من المقرر بنص المادة 123 من قانون المرافعات قد نصت على أنه: "تقدم الطلبات العارضة من المدعى أو المدعى عليه بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاهة فى الجلسة فى حضور الخصوم يثبت فى محضرها ولا تقبل الطلبات العارضة بعد إقفال باب المرافعة: "كما أنه من المقرر بنص المادة 125 قد نصت على أنه: "للمدعى عليه أن يقدم من الطلبات العارضة: 1-طلب المقاصة القضائية وطلب الحكم له والتعويضات عن ضرر لحقه من الدعوى الأصلية أو من أجزاء فيها، 2- أى طلب يترتب على إجابته ألا يحكم المدعى بطلباته كلها أو بعضها أو أن يحكم له بها مقيدة بقيد لمصلحة المدعى عليه، 3-أى طلب يكون متصلاَ للدعوى الأصلية اتصالا لا قبل التجزئة، 4- ما تأذن المحكمة بتقديمه مما يكون مرتبطاَ بالدعوى الأصلية.
5 أسباب تسردها المحكمة لإسقاط الحضانة
ووفقا لقانون الأحوال الشخصية، هناك عدة شروط يجب توافرها فى الحاضنة وهى أن تكون بالغة عاقلة وحرة وغير مرتدة، وأن تخلو من الأمراض العضوية والنفسية أو العاهات على النحو التى يعجزها عن القيام بمهام الحضانة من تربية ورعاية وتقويم للصغير، وألا تكون متزوجة من أجنبى عن الصغير سواء دخل بها أم لم يدخل بها، وهو ليس بأمر مطلق، ففى بعض الحالات قد يكون استمرار الحضانة مع الأم رغم زواجها فى مصلحه الصغير، و ترك المشرع تقدير ذلك لقاضى الموضوع الذى يستخلص من الوقائع و المستندات المقدمة إليه أين تكون مصلحة الصغير، هل باستمرار الحضانة مع الأم رغم زواجها أم بإسقاطها عنها و تسليم الصغير لمن يليها فى الترتيب"، وهو ما أقرته محكمة الأسرة والاستئناف فى عدة أحكام، وفقا لما تراه، مبررة ذلك بتأكدها من أن مصلحة الأطفال البقاء فى حضانة الأم، تجنبا من الضرر الواقع على الصغار حال انتقالهم إلى حضانة الأب، كأن يكون سيئ السمعة أو نحو ذلك – وفقا لـ"المحكمة".
ووفقا لـ"المحكمة" – لما كان ما تقدم وكان المدعى عليها قد تقدمت بطلبها بإبداءه شفاهة بمحضر الجلسة وأعلن به المدعية وأثبت فى محضرها وقبل قفل باب المرافعة وكان ذلك الطلب مما صرحت بإبداءه من قبل المدعى عليه وفقا للمادة 125 من قانون المرافعات حيث يترتب على إجابته ألا يحكم للمدعية بطلباتها كلها أو بعضها فمن ثم يكون مقول شكلاَ.
المحكمة لا تطمئن لعقود الزواج العرفية
ولما كان ما تقدم – وكان الثابت للمحكمة من مطالعة أوراق الدعوى أن الصغيرة "ندى" لا تزال فى سن حضانة النساء أى أنها لم يتجاوز سنها الخامسة عشر من عمره بعد ومن ثم يكون فى سن حضانة النساء – ولما كان المدعى يطالب بضم الصغيرة لحضانته لعدم أحقية المدعى عليهما، وكان الثابت أن أم الصغير – المدعى عليها – لم يثبت رسمياَ زواجها من أجنبى عن الصغيرة حيث قدم المدعى عقد زواج عرفى لم تقر به المدعية ولم تطمئن له المحكمة ولم يثبت المدعى عدم صلاحيتها لحضانة الصغيرة حيث جاءت أقواله مرسلة وكانت المدعى عليها فى أحق النساء بحضانته ما دامت أهلا للحضانة كونها والدته، وكان الثابت للمحكمة من أوراق الدعوى أن المدعى عليها تتوافر شروط الحضانة ومن ثم تكون طلبات المدعى قد جاءت على غير سند صحيح من القانون والواقع متعيناَ معه على المحكمة القضاء برفض دعواه.
وعن موضوع الطلب العارض باثبات حضانة المدعى عليها الأولى للصغيرة فلما كانت المحكمة انتهت سلفاَ إلى عدم فقد الأم شروط حضانة الصغير ومن ثم فهى أقدر على رعاية الصغيرة لا سيما وأنها لازالت فى حضانة النساء ومن ثم تقضى المحكمة لها بطلبها باثبات حضانة المدعى عليها الأولى الأم للصغيرة.
التعليق على أزمة إقبال الحاضنات على الزواج العرفى
وبالتعليق على أزمة الإقبال على الزواج العرفى نتيجة حرمان الحاضنات من تربية أبنائهن، مقابل أقدامهن على ممارسة حقهن الشرعى فى الزواج مرة أخري، يقول المختص بالشأن الأسرى عبد المجيد جابر، أن المادة 20 من القانون رقم 20 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 نصت على أنه ينتهى حق حضانة النساء ببلوغ الصغير أو الصغيرة سن الخامسة عشر ويخير القاضى الصغير أو الصغيرة بعد بلوغ هذا السن البقاء فى يد الحاضنة دون أجر حضانة، وذلك حتى يبلغ الصغير سن الرشد وحتى تتزوج الصغيرة.
وبحسب "جابر" فى تصريح لـ"اليوم السابع" يتضح من نص المادة سالفة الذكر أن أولى الناس بحضانة الصغير أمه بالإجماع ولو كانت غير مسلمة، لأنها أشفق وأقدر على الحضانة، فكان دفع الصغير إليها أفضل له والشفقة لا تختلف باختلاف الدين، ويثبت للأم حق الحضانة حال قيام الزوجية وبعد الفرقة حتى يستغنى الولد عن خدمة النساء، إلا أن القانون اشترط أيضا أن تكون الحاضنة أمينة على المحضون لا يضيع الولد عندها، فإذا ثبت عدم أمانتها، تسقط عنها الحضانة فورا، وتنتقل لمن يليها من الحاضنات من النساء.
وحضانة الأم بعد زواجها من أجنبي – الكلام لـ"جابر" - مقيدة بالمصلحة بالنسبة للمحضون، لأنه لا عبرة بمصلحة الأب والأم إلا فى نطاق مصلحة المحضون طبقاً لسلطه القاضى الموضوعية حيث أن آراء الفقهاء فى هذه القضية، إذ بينوا أن الغرض من سقوط الحضانة من الزواج من أجنبى عن المحضون هو دفع الضرر عن الصغير، فإذا انتفى ذلك بأن كان زوج أمه مشفقا عليه ويعز عليه فراقه، ولا يخشى أن يلحق به أذى، أو يأكل من نفقته أو نحو ذلك، فإن الأم تكون أولى بالحضانة مع هذا الزوج من الأب الذى يكون له زوجة أخرى قد تؤذى الصغير أضعاف ما يؤذيه زوج أمه، أو يكون له أولاد من زوجة أخرى يخشى منهم على المحضون إذا كانت بنتاً، فإذا علم القاضى شيئاً من ذلك فلا يقدم على نزع الصغير من أمه، لأن مضار الحضانة على نفع الولد وبهذا أخذ القانون.