سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 18 مايو 1910.. المحكمة تقضى بإعدام إبراهيم الوردانى قاتل رئيس الوزراء بطرس باشا غالى رغم رفض المفتى

الإثنين، 18 مايو 2020 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 18 مايو 1910.. المحكمة تقضى بإعدام إبراهيم الوردانى قاتل رئيس الوزراء بطرس باشا غالى رغم رفض المفتى بطرس باشا غالى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
طلب فضيلة مفتى الديار المصرية إحالة إبراهيم الوردانى المتهم بقتل بطرس باشا غالى رئيس الوزراء يوم 20 فبراير 1910 إلى لجنة طبية لمراقبته، وجاء هذا الرأى ردا على محكمة الجنايات التى أحالت إليه أوراق القضية لإبداء الرأى.
 
لم تأخذ المحكمة بطلب المفتى، وحسب الدكتور محمود متولى فى كتابه «مصر.. وقضايا الاغتيالات السياسية: «كانت هذه هى المرة الأولى التى يعترض فيها المفتى على حكم الجنايات بعد انفراد المحاكم الأهلية بالمسائل الجنائية، وفى يوم الأربعاء 18 مايو، مثل هذا اليوم، أصدرت المحكمة حكمها بإعدام إبراهيم، وذكرت الصحف آنذاك أن حكمدارية العاصمة عينت ثلاثة عساكر لحراسة أعضاء المحكمة أينما ذهبوا».
 
جاء هذا الحكم بعد مرحلة قدم فيها المحامون المدافعون عن الوردانى كل الحجج لتبرئته، وحسب محاميه إبراهيم الهلباوى بك، فى مذكراته، تحقيق دكتور عصام ضياء الدين: «هو إبراهيم ناصف الوردانى، من أبرز شباب الحزب الوطنى، كان يبلغ من العمر آنذاك 25 عاما، واعترف بأنه قتل بطرس غالى لاعتقاده «أن الرجل خائن لوطنه وأن سياساته ضارة لبلاده، وعدد الأسباب، فقال بأنها لإبرامه اتفاقية السودان سنة 1899 (أعطت لإنجلترا حق مشاركة مصر فى حكم السودان)، ورئاسته محكمة دنشواى، وإصداره لقانون المطبوعات (25 مارس 1909 يصادر الصحف ويزج بالصحفيين فى السجون)، ومحاولته مد امتياز قناة السويس (تبقى تحت السيطرة الأجنبية إلى عام 1968)»، وشمل الاتهام تسعة آخرين اتهموا بأنهم أعضاء مع الوردانى فى جمعية سرية كان من مبادئها استخدام القوة، لكن وطبقا للهلباوى: «قرر قاضى الإحالة بأنه لا وجه لإقامة الدعوى بالنسبة لأولئك التسعة».
 
تعامل «الهلباوى» فى دفاعه عن «الوردانى» على أنه محاولة لغسيل سمعته السيئة التى لاحقته منذ أن قام بوظيفة النائب العمومى فى محاكمة دنشواى ضد المتهمين من أبناء البلدة بالتعدى على الإنجليز، وقتل أحد ضباطهم يوم 13 يونيو 1906، وانعقدت المحكمة فى صوان كبير بالقرية يتسع لنحو ثلاثة آلاف شخص، وبرئاسة بطرس باشا غالى، وأصدرت حكمها يوم 27 يونيو 1906 بإعدام أربعة شنقا، ومعاقبة اثنين بالأشغال الشاقة المؤبدة، والأشغال الشاقة لمدة 15 عاما على متهم واحد، وسبع سنوات على ستة، وخمسين جلدة لثلاثة والحبس مع الشغل لمدة عام، وخمسين جلدة لخمسة.
 
يعترف «الهلباوى» بأن دوره فى «دنشواى» ظل يطارده: «ابتعد عنى حسن ظن كثير من الشبيبة المصرية»، والسبب: «وظيفتى فى قضية دنشواى، وما أصابنى من التشهير فى الجرائد، وبالأخص فى جرائد الحزب الوطنى»، ويصف اللحظة التى منحه فيها «الوردانى» توكيلا من سجنه بالدفاع عنه: «اعترانى الغبطة والسرور بهذا الحظ، والدفاع بما يبين أبطال الوطنية الذين ذهبوا شهداء فى حب وطنهم»، ولما ذهب لمقابلة «الورداني» فى السجن عدة مرات اقتنع بأنه : «من نوادر الشباب الممتلئين تحمسا واستعدادا للتضحية فى سبيل خدمة وطنهم والعمل على تحريره بأية طريقة ممكنة».
 
يذكر «الهلباوى» وقائع آخر جلسة التى قررت المحكمة بعدها إحالة أرواق الوردانى إلى المفتى، وكان هو آخر المتحدثين من الدفاع، ولأهمية القضية قام بكتابة مذكرة باللغتين العربية، والفرنسية، ووزعها يوم الجلسة على الحاضرين، لكن رئيس المحكمة أمر بجمعها، وكانت تحتوى على هجوم ضد الاحتلال الإنجليزى، وقررت المحكمة أن تكون الجلسة سرية بعد أن أجاب الهلباوى بـ«نعم» على سؤال رئيس المحكمة، عما إذا كان دفاعه سيكون على المنوال المكتوب فى المذكرة.
 
تحدث الهلباوى ببلاغة نادرة موجها كلامه إلى هيئة المحكمة، ثم وجه كلامه إلى الوردانى قائلا: إذا كنت قاسيا فى وصفك أيها المتهم، فذلك لأننى مرغم على هذا الوصف بحكم قانون لا تتفق دائما اتجاهاته– للأسف– مع عواطف القلب وأمانى النفس، وإذا أبت روحك السامية أن تعيش مكبلة بالسلاسل، وإذا تعاليت أن تحيا فى السجن حياة قطاع الطرق والأشقياء- لأن هذا هو أبعد حد من الرحمة يجوز لقضاتك أن يأخذوك به- فتقبل الموت بقدم راسخة وجنان ثابت «فالموت آت لا ريب فيه إن لم تلقه اليوم فستلقاه غدا، اذهب يا ولدى إلى ساحة ربك، حيث العدالة الخالصة المجردة من الزمان والمكان، اذهب فقلوبنا ستكون دائما معك، وعيوننا ستسح عليك الدمع مادامت الأرض والسماوات، اذهب فقد تكون فى موتك أبلغ عظة لأمتك منك فى حياتك، فإلى اللقاء يا ولدى، إلى اللقاء».









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة