مع ظهور أزمة فيروس كورونا واتخاذ الحكومة قرارات بالإغلاق لعدد من الأماكن التي قد تمثل بؤرة لزياده فرص الإصابة مثل المقاهي والحصانات والمراكز الترفيهية وصالات الملاعب، خرجت شكاوي بصعوبة الاستمرار في دفع الإيجارات الشهرية حال استمرار الأزمة علي ما هي عليه واستمرار غلق هذه الأماكن.
ومع إعلان الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء أن الحكومه تستعد لعودة الحياة لطبيتعها وعودة تدريجية للأنشطة دون إعلان كافة هذه الأنشطة، خرجت تساؤلات حول مصير الأماكن الترفيهية و حضانات الأطفال خاصة وأن خطة التعايش التي أعلنتها وزارة الصحة تنص علي استمرار إغلاقهم، وهو ما جعل أصحاب هذه الأماكن بضرورة حسم موقفهم خاصة في ظل مطالب الملاك بحقوقهم الإيجارية.
خاصة وأن القرارت الحكومية بالإغلاق تمثل إشكالية تنفيذ الالتزام العقدى بين البائع والمشترى أو المالك والمستأجر فى ظل أوضاع القوة القاهرة والظروف الطارئة التى يعيشها العالم أجمع خلال هذه الأيام، حيث أن المسؤولية العقدية، قد ترتفع عن صاحبها إذا ما تمسك بأحد الأسباب الأجنبية عنه، والتى تمثل في جوهرها كل الظروف والوقائع المادية أو القانونية، التي يمكن للمدعى عليه في دعوى المسؤولية المدنية أن يستند إليها لكى يثبت أن الضرر لا ينسب إليه، ولا دخل له فيه، وإنما هو نتيجة حتمية.
ودفع الدكتور صلاح فوزى، الفقيه الدستورى باقتراح تشريعى حال استمرار تداعيات كورونا على الابقاء بوجود أماكن تجارية ستظل مغلقة، خاصة فى ظل وجود شكاوى من البعض من مطالبة الملاك لهم بالإيجارات الشهرية بينما الأماكن الخاصة بالعمل مغلقة.
ويقول " فوزى" أن هذا الأمر لا يخضع لتنظيم واحد لأن هناك أنواع كثيرة من العقود، منها ما يتمثل في إدارية والتي تقوم الحكومة باستئجارها للأشخاص وعقود قانون خاص وتخص الأفراد وهناك أيضا عقود بالإيجار القديم وآخر إيجار جديد والتي تأتي بمبالغ كبيرة وعقود أيضا لأشخاص اعتبارية لغير غرض السكن .
وأوضح أنه وقت ثورة 25 يناير ووقوع بعدد من المحال التجارية والسويقات بمحافظة القاهرة منها سوق الجوهري في السيدة زينيب، قائلا" كنت في هذا الوقت اعمل رئيس فريق مستشاري القاهرة وقدمنا فتوى لإعفاء هؤلاء من الإيجارات مدة 6 شهور اعتمادا على نظرية الظروف الطارئة وتم العمل بذلك.. وهو ما يعني أن الحكومة يمكنها أن تقوم بذلك في إطار إغاثة المتضررين فيما يخصها من عقود بينما الأشخاص فهي تعتمد علي منطلق أن العقد شريعة المتعاقدين ومن الممكن حينها اللجوء للقضاء والذى سيقول بدوره أن هناك ظرف استثنائي والذى لا يرتب عليه استحالة في دفع الإيجار وإنما صعوبة في التسديد ومن هنا يمكن توزيع الأعباء علي الطرفين
ولفت إلي أن العقود الإدارية للدولة والتي تتمثل في إيجارها للغير مثل الكافتيريا بالشواطئ و لمحال التجارية والسويقات فتستطيع هنا أن تطبق نظرية الظروف الاستثنائية والتى تؤدى إلي صعوبة أن يكون هناك التزام بالإيجار إن لم يكن مستحيل بل عسير.
وطالب " فوزى" بأن يكون ذلك توجيه عام بدلًا من اللجوء للقضاء، موضحا أن الإشكالية الحقيقية تتمثل في عقود الأفراد ولكن في حال اللجوء للقضاء فإن كان هناك سبب أجنبى يرتب استحالة التنفيذ فالقاضى يمكن الحكم بالرد بالالتزام المرهق للحد المعقول استنادا للمادة 147 من القانون المدني والتى تنص على أن: « العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين، أو للأسباب التي يقررها القانون.. ومع ذلك إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي، وإن لم يصبح مستحيلا، صار مرهقا للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة، جاز للقاضي تبعا للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، ويقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك» وهو ما يعني اللجوء للقضاء لتطبيق حكم هذه المادة.
ولفت أن عقود القانون الخاص ف القانون المدني يقول لا يجوز نقض العقد إلا باتفاق الطرفين أو بأسباب يقدرها القانون وهنا يمكن بالقانون تعديل العقد وفقا لوقوع ظروف استثنائية .
نص المقترح التشريعى المطروح
وعن اقتراحه التشريعى، قال "فوزى" أنه بدلا من اللجوء للقضاء بدعاوى مختلفة فيمكن أن يكون هناك نصا تشريعيا ينظم الأمر نظرا لحجم الأزمة الراهنة وإغلاق أماكن عدة بأمر الدولة وتضررها، فى إطار أثر الظرف العارض علي الالتزامات التعاقدية سواء الإدارية أو الخاصة لبعض الأماكن وتوقف الأنشطة وهو ما يسبب خسائر اقتصادية لهم والافضل عدم ترك الأمر لمنطق "خليهم يتفقوا".
وأوضح أن جائحة كورونا ظرف عارض ومن المتوقع امتناعهم عن دفع الالتزامات كما أن الأزمة تتمثل في تضرر لكثرة عددية كبيرة وهو ما يعني ضرورة اللجوء لحل تشريعي وهو التعديل في شروط العقد وفقا لما نص عليه القانون المدنى وهنا لن يحمل شبهة عدم الدستورية استنادا لمبدأ التضامن الاجتماعي الذى أقره الدستور والتوفيق بين المواطنين في المادة 8 من الدستور.
ولفت "فوزى" أن يكون القانون مخاطبا للأنشطة التجارية والخدمية والتي تم إغلاقها تضررا بأزمة فيروس كورونا والمنظمة عقود الإيجار فيها وفقا للقانون المدني، وأن ينص على الإعفاء من مدة القيمة الإيجارية وفق مدة زمنية قد تكون 3 أشهر ٱو إعفاء من نصف القيمة ترتبط بفترة الإغلاق شريطة عدم تسريح أيا من العمالة التي تعمل بها، علي أن ينطبق هذا القانون علي العقود الإدارية وأيضا عقود الأفراد، علي أن يتم تمديد العقود السارية مدة التوقف التى وقعت بسبب الإغلاق وذلك استنادا لفكرة التضامن الاجتماعى.
وشدد أن الدولة قامت بجهود عدة لتضرر قطاعات والعمالة غير المنتظمة ولكن يمكن دراسة أيضا الضرر لأصحاب هذه الأماكن، مشيرا إلي أنه يمكن النص في القانون علي امتياز آخر للمالك يتم دراسته لاحقا.
وأوضح أن اقتراحه يأتي في إطار نظرية الظروف الطارئة والتي لا تعني الإعفاء كلية إنما توزيع الأعباء كما أنه من المؤكد أن المالك يدرك أن الإخلال بالعقد لن يؤدي لتوصله لمستأجر آخر نظرا لاستحالة وجود إيجارات جديدة فى الوقت الحالى كما أنه يمكن أن يطبق القانون بأثر رجعى وقت بداية الأزمة وقرار الحكومة فى شهر أبريل الماضى ولكن يتطلب أغلبية ثلثين الأعضاء على أن يكون الاقتراع مناداه بالأسم لإقراره .
من جانبه رحب النائب إيهاب الطماوي باقتراح الفقيه الدستورى، مؤكدا أنه وفي حالة وجود حاجة عاجلة تستلزم التعامل دون انتظار إصدار تشريعات فهناك قواعد قانونية حاكمة.
واستند "الطماوي" على ذلك بالقول بأن العقد قانون عاقديه لا يجوز نقده ولا تعديله باستثناء وهو ما يخضع لتطبيق الظروف الطارىة الاستثنائية وحالة تفشي كورونا تمثل أمر استثنائي التي بموحبها يمكن إعادة التوزان للعلاقة العقدية "عقد الإيحار" بما فيه من التزامات متقابلة بين المؤجر والمستأجر الالتزام. وشدد أن الظروف الطارئة تسمح بالتغير بطريقة الالتزامات المتقابلة، قائلا "أفضل الاعتماد على مبدأ سلطان الإرادة وأن يتدخل المشرع لتغطية ما لم تنظمه القاعدة الاتفاقيه المستمدة من إرادة المتعاقدين وما نقص بينهم من اتفاق وأيضا مبدأ العقد شريعة المتعاقدين.
ولفت إلي أن المادة 147 من القانون المدني تتحدث عن نظرية الظروف الطارئة وتغطي الأمر ففي حال إذا لجأ المؤجر إلي المحكمة لعدم سداد التزامه فى يستطيع المستأجر ان يدفع بدعوى لإعادة التوازن في العقد، وهو ما يظهر إبداع المشرع فيما يحفظ مصلحة الشارع المصرى.
وشدد أنه لا يوجد ما يمنع من الاستفادة باقتراح فقيه كبير مثل الدكتور صلاح فوزى حال استمرار هذه الأزمة أكثر من ذلك.
بينما أكد النائب محمد أبو حامد، وكيل لجنة التضامن الاجتماعى بمجلس النواب أن تحديد آلية فتح أماكن وأنشطة تجارية من عدمه قرار يخضع لدراسة دقيقة وشاملة وليس من السهل خضوعه لمطالبة برلمانية أو ما شابه، معتبرا أن أى فتح أى مكان لابد وأن يكون مع ضمانة لمدى إمكانية تنفيذ إجراءات الوقاية وعدم وجود تهديد كبير أو أن يكون بؤرة لنشر العدوى .
وطالب "أبو حامد" الحكومة بضرورة تحديد مدى إمكانية تنفيذ إجراءات الوقاية فى صالات الملاعب ومراكز الانترنت والقهاوى الشعبية وغيرها من الأماكن الترفيهية وفق دراسة فنية وصحية، مؤكدا على ضرورة أن يكون هناك كتيب موضح لضوابط العمل لكل قطاع سيعود مرة آخرى فى إطار التعايش مع فيروس كورونا المستجد والتى قد تختلف من كل قطاع لآخر وفق طبيعة عمله .
وأكد وكيل لجنة التضامن الاجتماعى بمجلس النواب، أن هناك حاجة أيضا للإطلاع على تجارب الدول التى سبقتنا فى أزمة فيروس كورونا وقررت التعايش معه للتعرف على الإجراءات التى اتخذتها لفتح أماكن وأنشطة وآخرى رأت استمرار تعليقها لخطورتها على الصحة العامة وتهديدها لانتشار الفيروس أكثر واستنادا إلى معيار السلامة الصحية ومنها على سبيل المثال والتى وضعت كود لعمل كل قطاع منها حضانات الأطفال على سبيل المثال والذى اشترطت فيه طريقة التشغيل ونسبة الإشغال للعودة للعمل وهكذا على كافة القطاعات
واعتبر النائب أبو حامد اقتراح الدكتور صلاح فوزى بشأن مصير الأماكن التجارية ودفعها أمر محل ترحيب، ويمكن الاسترشاد به حال استمرار الأزمة فى إغلاق عدد من الأماكن خاصة وأن هناك ضرر وقع على بعض الأماكن وعدم قدرة البعض على مواصلة دفع الإيجارات مع طول مدة الأزمة .
وتابع قائلا "لو هناك إطار دستورى يدعم المؤجرين ويخفف الضغط ويضمن استمراريتهم ويضمن حق العمالة بعدم التسريح سيتم دراسته " .