يحظى مصطلح "الشهادة" أو "الاستشهاد" بتعظيم وتقديس، وحرصت الأديان على تكريم الأبطال الذين يضحون فى سبيل بلدانهم وسبيل عقائدهم.
الشهادة في اليهودية
الديانة اليهودية تطلق لفظ قدوش هاشم (تقديس اسم الله) على الأعمال التى ترضى الله وتقربهم منه، ويعتبر تعبير التضحية بالنفس من أجل الديانة اليهودية إحدى أهم ركائزها الأساسية.
وتشير المصادر إلى أن لفظة قدوش هاشم (أى الشهيد) تطلق غالبا على القتلى اليهود فى الحروب المكابية والحروب التى تلتها ضد الرومان، كما تطلق اللفظة على اليهود الذين تم قتلهم لأسباب دينية على مر العصور.
الشهادة في المسيحية
أما الشهادة فى المسيحية تطلق على كل من قتل بسبب تبشيره بالديانة المسيحية أو إيمانه بها. وتطلق لفظة شهداء الكنيسة على المسيحيين الأوائل الذين تم اضطهادهم عن طريق الرومان أو البارثيين.
فهى الفعل الذى يموت به أو يُقتَل به الشخص، وهو ما يجعل منه شهيداً. ويرى بعض فقهاء المسيحية أن المسيحيين فى الأصل لا يعتقدون بشيء بعينه، وإنما يؤمنون بشخص يسوع المسيح، وهذا الإيمان هو الذى يريدون الشهادة عليه، ووفقا للإيمان المسيحى فالاستشهاد فيه اعتراف لتبعية الإنسان للمسيح ولا ينكره فى ساعة الاضطهاد، وساعة الآلام، لا يتنكر لمعرفته للمسيح ولتبعيته له إنما يعترف به، أوقات الاستشهاد أوقات مرة وفيها يمتحن الإيمان، وفيها يكون فرصة للتعذيب.
وحسبما ذكر موقع "الانبا تكلا" فإن الكنيسة تتشفع بالشهداء وهذه عقيدة إيمانية إنجيلية تمارسها الكنيسة الجامعة من البداية، وفى طقس الكنيسة تذكرهم الكنيسة فى التسبحة والسنكسار والدفنار وفى تحليل الكهنة فى صلاة نصف الليل وفى صلاة رفع بخور عشية وباكر وفى القداس، وتحتفظ الكنيسة برفات الشهداء وتضع أيقوناتهم وتحتفل بتذكار استشهادهم سنويًا.
وفى التقاليد المسيحية هناك العديد من الشهداء، البعض منهم تم إضفاء صفة القداسة عليهم، وهم الآن يلقبون بالقديسين، وقد ظلت قصص المعجزات المرتبطة باستشهاد بعض الشخصيات تضاف إلى الاعتقاد بأن هذه الشخصيات مقدسة، فهم قديسون يجب تقديسهم.
الشهادة في الإسلام
أما فى الإسلام بشكل أساسى يطلق لقب الشهيد فى الإسلام على من يقتل أثناء حرب مع العدو، سواء أكانت المعركة جهاد طلب أى لفتح البلاد ونشر الإسلام فيها، أم جهاد دفع أى لدفع العدو الذى هاجم بلاد المسلمين. وقد ذكر محمد رسول الله: (من قتل دون دينه فهو شهيد ومن قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد ومن قتل دون نفسه فى سبيل الله). وكذلك من مات غريقا أو محروقا فهو شهيد.
وفى الإسلام، الشهداء مكرمين بالرحمة والمغفرة بوعد الله تعالى وهم الأحياء عند ربهم لقوله جل وعلا "وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)".
دار الإفتاء أن الشهداء على ثلاثة أقسام: الأول: شهيد الدنيا والآخرة: الذى يقتل فى قتال الحربيين أو البغاة أو قطاع الطريق، وهو المقصود من قول النبى صلى الله عليه وآله وسلم: "مَنْ قاتلَ لِتَكُونَ كلِمةُ اللهِ هى الْعُليا فهوَ فى سبيلِ اللهِ" متفقٌ عليه من حديث أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه، وتسمى هذه الشهادة: بالشهادة الحقيقية.
أما القسم الثانى من الشهداء فأشارت الدار إلى أنه شهيد الدنيا: وهو من قتل كذلك، ولكنه غلَّ فى الغنيمة، أو قُتل مدبرًا، أو قاتل رياءً، ونحو ذلك؛ فهو شهيد فى الظاهر وفى أحكام الدنيا.
والقسم الثالث بحسب دار الإفتاء شهيد الآخرة: وهو من له مرتبة الشهادة وأجر الشهيد فى الآخرة، لكنه لا تجرى عليه أحكام شهيد الجهاد فى الدنيا من تغسيله والصلاة عليه؛ وذلك كالميت بداء البطن، أو بالطاعون، أو بالغرق، ونحو ذلك، وهذه تُسمَّى بالشهادة الحكمية، وقد وسَّعت الشريعة الغراء هذا النوع الثالث؛ فعدَّدت أسباب الشهادة ونوَّعتها؛ تفضلًا من الله تعالى على الأمة المحمدية، وتسليةً للمؤمنين.
وفى الديانات والمعتقدات الأخرى تفيد المصادر التاريخية والأنثروبولوجية أن لفظ الشهيد يستعمل كذلك من قبل البهائيين والسيخ والهندوس، للدلالة على من قُتلوا من أبناء هذه الديانات، دفاعاً عن معتقداتهم. كما تم استعمالها من قبل التونغمينغهوى والكومينتانغ الصينية، للإشارة إلى من قُتل من أتباعهم خلال ثورة شينهاى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة