لا زالت الدولة المصرية تتصدى لعملية إثارة الفوضى والبلبلة التي تحاول العديد من الأفراد والجهات المعادية بثها على الشعب المصري من خلال منصات المواقع الاجتماعي "فيس بوك" و"تويتر" لنشر الشائعات والأخبار والأرقام المفبركة والمغلوطة، وذلك فى الوقت الذى تحولت فيه بعض الصفحات لأماكن للسخرية والاستهتار لبث الشائعة بطريقة "الكوميكس" وتكون مغلفة بالطرفة والسخرية، ما يؤكد أن هناك يد خفية تحاول العبث بإرادة ووعى الشعب المصري.
بالأمس الموافق الأربعاء 20 مايو – نفت وزارة الصحة والسكان، الأرقام المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعدد الإصابات والوفيات لفيروس كورونا المستجد - كوفيد19 – مؤكدة أنها غير صحيحة على الإطلاق، وذلك بعد رصد أرقام مغلوطة عن إصابات ووفيات اليوم بفيروس كورونا عبر مواقع التواصل الاجتماعي قبل نشر البيان الرسمي، وأهابت الوزارة بمرتادي مواقع التواصل الاجتماعي بعدم نشر أو تداول أي معلومات أو بيانات خاصة بفيروس كورونا المستجد إلا من خلال صفحات التواصل الاجتماعي الرسمية الخاصة بوزارة الصحة والسكان، وشددت على اتخاذ كافة الإجراءات القانونية حيال من يقوم بتداول معلومات غير صحيحة من شأنها إثارة البلبلة لدى الرأي العام.
خطورة بث شائعات عن فيروس كورونا
وعلى الرغم من الجهود الضخمة التي تبذلها الحكومة في هذا المجال والمخصصات المالية الضخمة المعلن عنها وطرق التوعية في كافة وسائل الإعلام، وفي ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد سواء في مكافحة الإرهاب أو النهوض بالاقتصاد إلا أن بعض الأشخاص بقصد أو بدون قصد درج علي بث شائعات مغرضة حول فيروس كورونا في مصر من خلال تناول الأزمة بشكل ساخر أو "كوميكس" في محاولة لبث الذعر والخوف بين المواطنين بينما الحقيقة تؤكد أن كل هذه المعلومات والإحصائيات ما هي إلا شائعات مثل شائعة وفيات وإصابات كورونا أمس.
في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على خطورة الشائعات وجريمة الترويج لأخبار مفبركة وهل هناك عقوبة وظروف مشددة لهذا الجرم أم لا؟ وماذا عن من يقع في فخ "شير الشائعة"، وكذا "لايك الشائعة" أو المشاركة التي تساهم بشكل كبير فى انتشار الشائعة، وكيف تصدى قانون العقوبات المصري لهذا الأمر؟ في الوقت الذي يجهل فيه الكثيرين بالمسئولية المجتمعية والشعور بخطورة الموقف في الوقت الراهن، بالرغم من الإجراءات الاحترازية التي تتخذها الدولة المصرية للتصدي لفيروس "كورونا" اللعين.
فى البداية – يقول الخبير القانوني والمحامى حسام الجعفرى – إن النيابة العامة قررت تغليظ العقوبات ضد مروجي الشائعات حول فيرس كورونا وتجريم إدارة أو استخدام أي من المواقع أو الحسابات الخاصة - مواقع التواصل الاجتماعي - لنشر وترويج أخبار وبيانات وإشاعات كاذبة، حيث أن لكل جريمة أركان وعقوبة طبقا لصحيح القانون وسنتناول هذه الأركان والعقوبات كالتالى:
ما هي أركان جريمة الترويج لأخبار وإشاعات كاذبة؟
لا بد من أن يكون هناك تعبيرا صادرا من صاحب السلوك بأي طريقة يجري بها تناقل المعاني والمشاعر بين الناس وقد تكون هذه الطريقة شفاهية أو كتابية أو رسما، وينطوي هذا التعبير على بث روح التشاؤم أو أن يكون حملة ضد مبادئ الدستور الأساسية أو النظم السياسية للهيئة الاجتماعية ولا يكفي لوجود الترويج أبداء رأي عارض في مجلس خاص، وإنما يلزم لتوافره على نحو يضفي على الفاعل صفة المروج أن يقع بصورة على قدر من الانتشار في المكان أو على قدر من التكرار في الزمان وبغير علانية، لأن السرية أخطر من العلانية، ولأنه في حالة العلانية تسري المادة 174 عقوبات ولا يشترط في العلانية تكرار السلوك ويشترط أيضا للجريمة انصراف أرادة الجاني إلي إذاعة إخبار كاذبة – وفقا لـ"الجعفرى".
ما هي عقوبة جريمة الترويج لأخبار وإشاعات كاذبة؟
يعاقب على تلك الجريمة قانون العقوبات والقانون 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات
أولاَ: قانون العقوبات باب الجرائم المضرة بأمن الدولة من الداخل وطبقا للمواد – 80 د، 102 مكرر - والتي تعاقب مُخالِفَها بالحبس وبالغرامة، حيث يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تزيد على 5 سنوات وبغرامة لا تقل عن 100 جنيه ولا تتجاوز 500 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل مصري أذاع عمدًا في الخارج أخبارًا أو بيانات أو إشاعات كاذبة حول الأوضاع الداخلية للبلاد، وكان من شأن ذلك إضعاف الثقة المالية بالدولة أو هيبتها واعتبارها أو باشر بأية طريقة كانت نشاطًا من شأنه الإضرار بالمصالح القومية للبلاد، وتكون العقوبة السجن إذا وقعت الجريمة في زمن حرب، وطبقا لنص المادة رقم 188 عقوبات: "يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من نشر بسوء قصد بإحدى الطرق أخبارًا أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو أوراقًا مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذبًا إلى الغير، إذا كان من شأن ذلك تكدير السلم العام أو إثارة الفزع بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة" – الكلام لـ"الجعفرى".
ثانيا: القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، فنصت المادة 27 و38: "إذا ثبت وقوع ذلك بغرض الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر أو الإضرار بالأمن القومي للبلاد أو بمركزها الاقتصادي أو منْع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة لأعمالها أو تعطيل أحكام الدستور أو القوانين أو اللوائح أو الإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، فإن العقوبة تكون السجن المشدد فضلاً عن العقوبات التبعية من مصادرة الأدوات والآلات والمعدات والأجهزة المُستخدَمة في ارتكاب الجريمة".
هل هناك ظروف مشددة وعقوبة أشد عن جريمة الترويج لأخبار وإشاعات كاذب؟
نعم، فقد نصت المادة 77 و 77 د من قانون العقوبات: "يعاقب بالإعدام كل من ارتكب عمدا فعلا يؤدى إلى المساس باستقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيها"، ونصت المادة 77 د:"يعاقب بالسجن إذا ارتكبت الجريمة فى زمن سلم" وكل من سعى لدى دولة أجنبية أو أحد ممن يعملون لمصلحتها أو تخابر معها أو معه وكان من شأن ذلك الإضرار بمركز البلاد، فإذا وقعت الجريمة بقصد الإضرار بمركز البلاد بقصد الإضرار بمصلحة قومية لها كانت العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة فى زمن السلم والأشغال الشاقة المؤبدة فى حالات أخرى.
ونصت مادة 78 عقوبات: "كل من طلب لنفسه أو لغيرة أو قبل أو أخذ ولو بالواسطة من دولة أجنبية أو ممن يعملون لمصلحتها نقودا أو أية منفعة أخرى أو وعدا بشئ من ذلك بقصد ارتكاب عمل ضار بمصلحة قومية يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ما أعطى أو وعد به وتكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة، ويعاقب بنفس العقوبة كل ما أعطى أو عرض أو وعد بشئ مما ذكر بقصد ارتكاب عمل ضار بمصلحة قومية، ويعاقب بنفس العقوبة أيضا كل من توسط في ارتكاب جريمة من الجرائم السابقة، وإذا كان الطلب أو القبول أو العرض أو الوعد أو التوسط كتابة فان الجريمة تتم بمجرد تصدير الكتاب".
خطورة الشير واللايك للشائعة
أما عن خطورة الشير واللايك للشائعات والأرقام المفبركة - يقول الخبير القانوني والمحامى بالنقض أشرف سعيد فرحات، إنه يجب توعية مستخدمي الفيس بوك وتويتر من خطورة عملية "الشير" للشائعة وهو ما يُطلق عليه فى القانون بـ"مروج الشائعة" حيث أن الشائعة تبدأ بالمؤسس لها ثم تأتى مرحلة تداول الشائعة، فيقع فيها رواد مواقع التواصل الإجتماعى بمجرد عمل "الشير"، ومروج الشائعة هو فاعل أصلى فى الجريمة بحسب نص المادة 39 من قانون العقوبات التى تنص على: "يعد فاعلاَ أصلياَ للجريمة".
عقوبة الفاعل للأصلي
والفاعل الأصلي في شير شائعة فيرس كورونا – وفقا لـ"فرحات" في تصريح لـ"اليوم السابع" - في مفهوم المادة 39 من قانون العقوبات والفاعل مع غيره هو بالضرورة شريك يجب أن يتوافر لديه ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة في الجريمة حيث يعتبر "مروج الشائعة" هو مرتكب الجريمة كأنه هو الذى أصدر الشائعة وأسس لها خاصة أن الشائعة يدخل فى ارتكابها جملة أعمال فهى لا تنتشر من فرد واحد ولكن من جملة أعمال أو أفراد، كما أن "الشير" و"اللايك" للشائعة تهمة إلى أن يثبت الشخص حسن نيته .
عقوبة الشائعات ضد الدولة
وفى سياق آخر، يقول الخبير القانوني والمحامي بالنقض ياسر سيد أحمد، إن قانون العقوبات المصري جرم بشكل قاطع نشر الشائعات، ونص على معاقبة مرتكب تلك الجريمة بالحبس والغرامة، حيث أن قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية الذي صدق عليه الرئيس في نهاية العام الماضي زاد من عقوبة ناشر الأخبار الكاذبة لتصل للحبس لمدة عامين، وغرامة قد تصل لـ100 ألف جنيه.
قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية – الكلام لـ "أحمد" في تصريح خاص - يستند في مواده إلى قانون العقوبات خاصة المادة رقم 188 منه، والتي تنص علي أن يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تزيد على 20 ألفا أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من نشر بسوء قصد أخبارا أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو أوراقا مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذبا إلى الغير، إذا كان من شأن ذلك تكدير السلم العام أو إثارة الفزع بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة، مؤكدًا أن القانون يقطع الطريق أمام اي شخص يحاول النيل من أمن مصر بالأخبار الكاذبة.
شائعات تشويه العائلات والأفراد
أما فى حالة إذا كانت الشائعة تخص شخص أو عائلة فى محاولة لتشويه سمعتهم، فإن تلك الجريمة تعتبر جنحة وتصل عقوبتها للحبس لمدة 6 أشهر مع الغرامة التي تتراوح بين 10 آلاف إلى 100 ألف جنيه، وفقا للمادة رقم "171" بقانون العقوبات، وفى حال فرض التعويض تحول القضية للمحكمة المدنية نتيجة وجود ضرر مادي ومعنوي، حيث أن تهمة نشر الأكاذيب والشائعات قاصرة على مؤسسات الدولة فقط وليس أفراد الشعب، وتنص المادة 171 من قانون العقوبات، على أنه: "يعاقب القانون على السب العلني بالغرامة التي لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد عن 10 آلاف جنيه، وهذه عقوبة الجريمة المذكورة في صورتها البسيطة بالمادة 306 عقوبات، ويشدد المشرع عقوبة السب العلني، كما هو الحال بالنسبة لعقوبة القذف، إذا توافرت أحد الأسباب.
ومن بين الأسباب التي تضمنتها المادة، هي "إذا ارتكب السب بطريق النشر في إحدى الجرائد أو المطبوعات، فتشدد العقوبة وفقا للمادة 307 من قانون العقوبات، بحيث ترفع الحدود الدنيا والقصوى لعقوبة الغرامة المبينة في المواد من 182 إلى 185 و303 و306 إلى الضعف"، كما أنه "إذا تضمن السب طعنا في عرض الأفراد أو خدشا لسمعة العائلات، فيجب الحكم بالحبس والغرامة معا وفقا للمادة 308 من قانون العقوبات، وإذا اجتمع هذا الظروف مع السابق عليه فيزداد تشديد العقوبة بحيث لا تقل الغرامة عن نصف الحد الأقصى، وإلا يقل الحبس عن 6 أشهر، ويشترط لقيام جريمة السب العلني أن ترتكب بإحدى طرق العلانية المنصوص عليها في المادة 171 من قانون العقوبات، وأن يتوافر القصد الجنائي العام لدى الجاني، ويتفق السب العلني في هذين الركنين مع جريمة القذف" – بحسب "أحمد".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة