كشف طه عبد الرحيم عبد الله بكر الغساني، المكنى بـ"عبد الناصر قرداش"، أحد أهم قادة داعش المعتقل لدى جهاز المخابرات العراقي، عن أهم أسباب التراجعات السريعة والمتلاحقة في مناطق نفوذ التنظيم الإرهابى، موضحا أن هناك مجموعة من الأسباب الهامة، التي كانت وراء انهيار داعش بأسرع مما قامت.
وأضاف القيادى البارز بتنظيم داعش، والذى يعرف باسم "خليفة البغدادى"، في حوار مع قناة العربية، أن أبرز تلك الأسباب هو فقدان الثقة من قبل عناصر التنظيم بالقيادة التي تدير شؤونه، وخصوصاً المقاتلين الأجانب الذين لاحظوا تقديمهم في المعارك دون غيرهم، وفي المقابل عند حدوث انسحاب من مناطق القتال يتمكن العرب من الخروج لمعرفتهم بالمناطق التي يقاتلون فيها، ويبقى الأجانب الذين لم يتمكنوا من الهروب لطبيعة أشكالهم، مثل ما حدث في عملية تحرير قضاء تلعفر.
ولفت إلى أن السبب الثانى هى معركة كوباني التي استنزفت ما يقارب (8000) آلاف عنصر تلتها محاولة التنظيم سيطرته على مصفى بيجي والتي قتل فيه ما يقارب 12000 ألف عنصر أدى ذلك إلى ضعف عقيدة الجنود بالإضافة إلى ضعف قرارات قيادات التنظيم من تغيير خطط المعارك أو الانسحاب من المدن المهددة بالانهيار، حيث كان شعار الإرهابيين أبو محمد العدناني، أبو صالح حيفا هو عدم خسارة أي نفوذ دون إعطاء دماء، والذي أثر سلباً في مقاتليهم وبعض قياداتهم.
وأشار إلى أن السبب الثالث هو أن المسؤولين عن إدارة التنظيم في مناطق نفوذه هم فئة قليلة ومقربون جداً من الإرهابي أبو بكر البغدادي، وهؤلاء لديهم فجوة مع أفراد التنظيم الذين يمثلون أغلبية الجند، حيث تعد من الأسباب التي أدت إلى إضعاف التنظيم، بجانب التقلب في منهج التنظيم الذي يستقي أغلب أتباعه تعاليمهم من أفكار التيار المتشدد، مما أفقد الثقة بمنهج التنظيم لوجود تيارين متعارضين غلاة، مرجئة.
خليفة زعيم #داعش المحتمل عبدالناصر #قرداش في مقابلة حصرية مع #العربية: تم تعيين الأنصار في التنظيم قادة للولايات فيما أوكلت مهمة الذبح للمهاجرين pic.twitter.com/Tfir5sEDdl
— ا لـ ـعـ ـر بـ ـيـ ـة (@AlArabiya) May 23, 2020
وتابع: تلقى التنظيم الإرهابي ضربة قوية بعد خسارة أغلب مناطق نفوذه إثر هزيمته في معركة منبج، حيث تم إصدار قرارات بالانسحاب من قبل عضو هيئة الحرب الإرهابي المكنى (أبو يحيى الشامي) تبعه تهديد الإرهابي العدناني للعناصر المنسحبة بالاعتقال، مما أدى إلى حدوث إرباك داخل صفوفهم بسبب القرارات المتضاربة من قياداتهم العسكريةمع العرض تم قتل أكثر من (1000) عنصر خلال خوضهم المعركة آنفاً.
ولفت إلى أن من بين الأسباب التي أدت إلى انهيار داعش، هو اختفاء البغدادي عن الساحة بعد خسائرهم المتوالية عام 2017 أثر بشكل عام على تنظيم الدولة حيث كان يتطلب اتخاذ قرارات سريعة استغلها بعض القادة الميدانيين من خلال اتخاذ قرارات متضاربة لمعالجة تقدم القوات الأمنية على ما تبقى من مناطق نفوذهم، بجانب إنشاء الدواوين بقرار من البغدادي وبتوصية من الإرهابي (أبو بكر القحطاني) ضمن المفاصل العاملة في تنظيم الدولة تسبب بعدم مركزية القرار وتعارض الصلاحيات في بعض الولايات بين (الوالي، رئيس الديوان)، وقرار إبقاء العوائل داخل أراضي التنظيم أثر سلباً على معنويات عناصر التنظيم وأضعف رغبتهم بالقتال وذلك لشعورهم بأن التنظيم استخدمهم كدروع بشرية لمنع تقدم القوات الأمنية على مناطق نفوذهم مع العرض كان البغدادي من أشد المعارضين لمقترح إخراجهم واعتبره سوء ظن بالله.
وأوضح أن أبو بكر البغدادى كان غير كفء لإدارة ملفات داعش بسبب عدم إصداره القرارات الصائبة في اختيار القادة العاملين ضمن مفاصل التنظيم، بالإضافة إلى عدم امتلاكه خبرات عسكرية لاختيار التوقيتات والمناطق التي يجب استهدافها مثل معركة (سنجار)، والتي لم يجن التنظيم منها أي فائدة أو سيطرة عسكرية، بالإضافة إلى اهتمامه الكبير جداً بأمنه الشخصي من (اختيار مرافقين، تأمين المضافات، اتخاذ إجراءات مشددة في الحضور إلى الاجتماعات)، لكنه يفقد السيطرة على (الأمن) داخل أراضي التنظيم ووجود خروقات وخلافات كبيرة جداً في صفوفه مع العرض البغدادي يمتلك خلفية شرعية جيدة كونه من خريجي الدراسة الشرعية، ولكن في الفترة الأخيرة لم تكن له القدرة على حسم مواضيع البيانات والأمور الشرعية المستعصية وقام بتوكيل شرعيي الدولة بذلك، موضحا أن من بين أسباب انهيار التنظيم هو القرار الذي اتخذه البغدادي بفتح جبهات قتال مع جميع الأطراف وبدون محايد.
كما كشف طه عبد الرحيم وأسباب الصراع الداخلي بين الدواعش العرب والدواعش الأجانب، حيث سلط الضوء على الفجوة التي صنعها البغدادي، زعيم داعش بين عناصر التنظيم من الأنصار والمهاجرين، كما كان متعارفا عليه آنذاك، حيث فرق بينهم عندما قام بتعيين الأنصار من العرب في التنظيم قادة للولايات، فيما أوكلت مهمة الذبح للمهاجرين من الأجانب، الذين لاحظوا تمكن العرب من النجاة بأنفسهم في أي معركة وتركهم لمصيرهم في مواجهة خصمهم.
وقال القيادي الداعشي إنه في عام 2016 وبعد مقتل الإرهابي المكنى أبو محمد العدناني صدر أمر من البغدادي بحضوره إلى الميادين واللقاء به وتكليفه بتشكيل (لجنة مفوضة) جديدة، حيث اقترح المتهم على الأخير تشكيل لجنة من جميع الجنسيات لعدم حصول تفرقة بين ما يسمى بـ(الأنصار والمهاجرين) ووافق على ذلك ومن ثم أرسل عبد الناصر بريدا إلى كافة القيادات والولاة في الشام بترشيح أسماء ليكونوا أعضاء في (اللجنة المفوضة)، وبعد استلام الأسماء قام البغدادي أثناء لقاء قرداش به بتكليفه برئاسة اللجنة والإشراف على جميع الملفات، بالإضافة إلى إدارة ملف (التصنيع والتجهيز) واختيار أعضاء اللجنة وهم كل من الإرهابي (أبو أسماء التونسي) مسؤول الملفات الإدارية ثم الارهابي (أبو إسحاق مضالم) مسؤول الملفات الشرعية، وبعد عزل الأخير من اللجنة استلم مهامه الإرهابي المكنى (أبو حفص الجزراوي)، والإرهابي (أبو أيمن الريفي) مسؤول الملفات العسكرية وديوان الجند، والإرهابي (أبو سعد الشمالي) الإشراف على الملفات الأمنية.