فى الماضى عندما كنت تراهم يفترشون أمام إحدى المنازل كنت تعرف على الفور أن هذا المنزل سيشهد فرحا قريبا، فعندما كنت تمر بأحدهم تجده ممسكا بعصاه المميزه ينثر القطن بها، وكأنه ساحر فى عرض مفتوح، وبعد تطور الزمن أصبح المكنة الكهربائية لنثر القطن، وسيلة لإسراع عمله، لكن مع تطور الزمن وانتشار المراتب والمفروشات الجاهزة، أصبحت هذه المهنة تواجه شبح الإندثار كالكثير من المهن التى ارتبطت بها ثقافتنا الشعبية.
والنِجادة أوالتنجيد مهنة أو صناعة فرش الأثاث المنزلي، كالكساوي القماشية أو الجلدية، والنوابض (السوست)، ويسمى ممتهنها النجّاد أو المنجد، والمنجد مهنة قديمة منتشرة في معظم البلدان العربية، ولا تخلو مدينة عربية من وجود دكاكين لمنجدين، حيث كان اللحاف هو الأداة الأهم في حياة الأسر العربية خاصة في فصل الشتاء.
وبحسب الباحثين تعد مهنة التنجيد من المهن التي لها جذور في التاريخ، عرفتها معظم الحضارات القديمة مثل الفرعونية والإغريقية والرومانية، وفي العصر الحديث لا نكاد نجد مكاناً إلا وبه أثر لمهنة التنجيد.
تعتبر من أهم المهن التي عرفت في تاريخ العرب، فقبل انتشار تكنولوجيا صناعة الوسائد والمراتب والبطانيات والفرش، لم يكن في المنزل سوى اللحاف كوسيلة للتدفئة والوقاية من برد الشتاء، وكانت هذه المهنة تدخل في مستلزمات تأسيس كل منزل جديد، فأيام زمان كان يخصص عدة أيام قبل الزفاف لكي يأتي المنجد ويقوم بتجهيز الفرش واللحف والمخدات، كما أن أغلب الناس كانوا يجددون ما لديهم من مفروشات فيستدعون المنجد إلى المنزل.
67840-المنجد-البلدى-(14)
ولسنوات طويلة تربعت تلك المهنة على عرش الحرف اليدوية، وظلت واحدة من أبرز وأهم معالم رحلة التجهيز للعرس، وكان أصحابها يتنافسون فيما بينهم على صناعة أفضل المفروشات، فأخرجت أجيالا من المهرة فيها، وانتشرت محالهم التجارية في كافة ربوع مصر، وإن كانت المناطق الشعبية صاحبة نصيب الأسد من تلك المحال.
مهنة التنجيد الآن أصبحت توجه شبح الإنقراض، فى ظل المواجهة غير المتكافئة مع الفايبر والمراتب الجاهزة ، إذ كان الأسطى المنجد ، يعتمد قديما على ماكينة كهربائية وإبرة ومجموعة من أعواد الخشب ومقص ومجموعة من الخيوط والقماش والقطن، ويد خفيفة ومهارة ، ليصنع منها اسما فى عالم الصنعة ، التى كانت مرتبطة بالأفراح وجهاز العرائس.