يعد القرن العشرون من أهم عصور الاكتشافات الأثرية المصرية القديمة، التى أحدثت ضجة كبيرة فى مختلف دول العالم، لما تحمله من قيمة أثرية وتراثية متميزة لتاريخ وحضارة عريقة مثل الحضارة المصرية القديمة، حيث قام بهذه الاكتشافات المثيرة علماء آثار أفذاذ حققوا نتائج وإنجازات مذهلة لم يسبق لها مثيل حين نقبوا ونشروا حضارة مصر القديمة على العالم أجمع، وفى ظل الأزمة التي تمر بها مصر وجميع دول العالم من تفشى فيروس كورونا، وتحت شعار "خليك فى البيت" نستعرض يوميا كشف من تلك الاكتشافات، واليوم نحكى عن " هرم سخم خت".
هرم سخم خت
بداية الحكاية كانت فى عام 1952م، حينما اكتشف الأثرى المصرى محمد زكريا غنيم أمين جبانة سقارة، هرم الملك سخم خت (2603 – 2611 ق.م) – من ملوك الأسرة الثالثة – الذى لم ينته العمل فيه، خلف هرم الملك زوسر المدرج الشهير، فى منطقة سقارة، وقد أراد مشيده أن يكون صورة شبيهة من هرم الملك زوسر لكن لم يكتمل بناء هذا الهرم سواء فى داخله أو مصاطبه.
هرم سخم خت
ويقول الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف آثار مكتبة الإسكندرية، يبدو شيئا محيرا للغاية أن يختفى من الوجود هرم، والأشد حيرة من ذلك هو اكتشافه، ففيم كان اختفاؤه وكيف كان اكتشافه؟ فالأهرام من الأشياء التى لا يعتقد فى اختفائها أو فقدها.
هرم سخم خت
وتابع، عثر غنيم على جزء من السور الخارجى (السور الأبيض) الذى يشبه بدرجة كبيرة السور الخارجى الموجود فى مجموعة الملك زوسر الجنائزية فى سقارة، والذى طبق فيه النظام المعمارى المعروف باسم "المشكاوات"، "أو الداخلات والخارجات"، والذى كان تقليدا لواجهة القصر الملكى التى كانت تتناوبها مثل هذه التشكيلات المعمارية فى هذه العصور المبكرة من تاريخ مصر القديمة. وفى 22 يناير 1952م، ظهرت المفاجأة فى الموسم الأول، وتأكد للمكتشف غنيم أنه ليس هرما عاديا، وإنما هرم مدرج.
وفى يناير 1954م، بدأ البحث عن مدخل الهرم أسفل الحجرات السفلية للهرم، ونظرا لوقوع مدخل هرم الملك "زوسر" فى الناحية الشمالية منه، نظف غنيم الرمال فى الجانب نفسه فى هرمه المكتشف، فوجده بناء شبيها. وفتح الهرم فى 9 مارس 1954م، واهتمت وسائل الإعلام العالمية والمحلية بالهرم الجديد ومكتشفه المصرى الدءوب محمد زكريا غنيم.
هرم سخم خت
وأضاف الدكتور حسين عبد البصير، أن المكتشف دخل ممرا طويلا مملوءا بالرديم والأنقاض، فنظفه، فوجد مئات من الأوانى الجنائزية من الأحجار الصلبة واللينة مرتبة فى طبقات على أرضية الممر، تشبه تلك الموجودة فى مجموعة الملك زوسر الهرمية، ثم عثر على آثار مدهشة مثل علبة مساحيق تجميل على شكل قوقعة ذهبية نادرة، وخرز من القاشانى، ومجموعة من الأوانى المختومة بأختام الطمى تحمل اسم صاحب الهرم الملك سخم خت، وأوان نحاسية وأدوات نحاسية وأدوات نحاسية وظرانية (زلطية) ووجد أسفل الهرم مخازن صغيرة عدة.
وفى مايو 1954م، اشتد العمل صعوبة داخل الهرم ووصل غنيم إلى حجرة دفن الملك وقال عن تلك اللحظة:"عندما دخلنا وارتفع ضوء المصباح، شاهدت فى منتصف الحجرة تابوتا ضخما من الألباستر، فتحركت إليه، وكان أول سؤال يدور بذهنى: هل هذا التابوت سليم لم يمس؟". وجثا على ركبتيه فوجد التابوت فارغا، ولم يعثر على ما يؤكد أن بانى هذا الهرم قد دفن فيه.
ويقول غنيم عن تلك اللحظات الصعبة فى حياته:"إنه من الصعب على أن أصف هذه اللحظات، خليط من الرهبة، والفضول، والشك شعرت أن للهرم شخصية، وأن هذه الشخصية كانت مجسدة فى الملك نفسه الذي بنى من أجله الهرم، ولا تزال أصداء أنفاسه تتردد بيننا".
ويشير الدكتور حسين عبد البصير، أنه بعد حوالي ثلاث سنوات فى 12 يناير 1959م تحديدا، وحين جردت عهدة زكريا غنيم الأثرية فى سقارة تمهيدا لتوليه إدارة المتحف المصرى فى القاهرة، وجهت إليه تهمة ضياع بعضها، وتحديدا الآثار التى اكتشفها فى هرم الملك سخم خت، فلم تتحمل نفس زكريا غنيم الأبية وقع الصدمة، فألقى بنفسه فى نهر النيل الخالد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة