تسبب فيروس كورونا فى حالة من التوتر والقلق لدى العديد من النساء ، ويتعرض الالاف منهن إلى خطر حقيقى بسبب اللجوء الى الاجهاض فى المنازل بسبب انشغال المستشفيات والعيادات الخاصة بحالات الاصابة بالوباء، مع وجود مخاوف لدى البعض من زيارة الأطباء بسبب عدوى الفيروس، مما أدى إلى زيادة عمليات انهاء الحمل الطوعى فى المنازل وأيضا ارتفاع نسبة مبيعات حبوب الإجهاض ومنع الحمل عبر الانترنت فى العالم.
وأكدت دراسة أجريت مؤخرًا فى الولايات المتحدة أن فيروس كورونا الذي يجتاح العالم حاليًا قد يصيب مشيمة النساء الحوامل ويقطع تدفق الدم لأطفالهن الذين لم يولدوا بعد، وقال الباحثون إنهم لاحظوا حدوث أضرار بمشيمات كل السيدات اللاتي شاركن في الدراسة، وعددهن 15 امرأة، حيث اكتشفوا وجود جروح وجلطات دموية في المشيمة، ذلك العضو الحيوي المسؤول عن توفير الأوكسجين والعناصر الغذائية الأساسية للجنين.
وأشار الباحثون إلى أن مثل هذه الأمور التي تضر بتدفق الدم المشيمي قد تؤدي لمشكلات أخرى مثل قلة وزن الطفل عند الولادة، حدوث تلف بعضو من أعضاء الطفل أو حتى موت الجنين، وهو ما أثار الذعر بين النساء الحوامل مما جعلهن يلجأن إلى الإجهاض.
وفى إسبانيا، طالبت جمعية العيادات المعتمدة لإنهاء الحمل ACAI ، من وزارة الصحة تعديل القوانين الخاصة بالاجهاض فى ظل أزمة فيروس كورونا، خاصة التى تتم عبر الانترنت للتقليل من إمكانية الإصابة بالوباء.
وقالت الجمعية إن "جميع العاملين فى المجال الطبى والصحى والادارى يعملون بأقصى درجات الحذر، وفقا لارشادات السلامة التى وضعتها وزارة الصحة، ولذلك فإن استقبال النساء الراغبات فى الاجهاض أمر صعب فى الوقت الحالى، وهناك مخاطر عالية على النساء اللواتى تلجأن إلى الإجهاض فى المنازل عبر أدوية يتم شراؤها عبر الانترنت دون رقابة"، وفقا لصحيفة "البيريوديكو" الإسبانية.
اما فى الولايات المتحدة الأمريكية، فقالت مورين بالدوين، أخصائية أمراض النساء والتوليد الأمريكية "أصف حبوب الإجهاض منذ عامين على الاقل لأكثر من 100 امرأة لم اقابلها شخصيا ، وذلك من خلال الاجهاض عن بُعد، ولكن ارتفع هذا العدد كثيرا فى ظل أزمة كورونا، خاصة وأن هذه الطريقة الحديثة اكتسبت قوة أكثر".
وقالت بالدوين، التى تعمل فى ولاية أوريجون، فى جامعة أوريجون للصحة والعلوم OHSU، "لقد كنا مشغلوين الشهرين الماضيين كثيرا، ولأن الإجهاض محظور فى 18 ولاية أمريكية، فقد طلبت المزيد من النساء هذا العلاج منذ مارس، مع بدء قرارات العزل فى جميع أنحاء البلاد".
وقالت صحيفة "كلارين" الارجنتينة إن الإجهاض عن بُعد المتبع الآن فى الولايات المتحدة الامريكية ، أطلق عليه TelAbortion، فهو يقدم نموذجا رائدا للإجهاض الطبى عن طريق التطبيب عن بُعد،وقالت إليزابيث ريمون، طبيبة ومتحدثة بجمعية Gynuity، فقد "تضاعفت عدد النساء اللواتى اجهضن من خلال البرنامج فى فبراير ومارس.
وتحصل النساء على الحبوب عبر الانترنت مقابل 250 دولارا وانتظار عدة أيام حتى تصل الشحنة، كما خصصت عدد من المواقع والمنتديات على الانترنت مثل Reddit لتتبادل فيه عشرات النساء النصائح والتوصيات حول الاجهاض فى المنزل.
هذا هو الحال في بريطانيا ، التي أمرت حكومتها في أواخر شهر مارس مؤقتًا بأن يكون لدى المرضى خيار إجراء كل العلاج في المنزل بدلاً من الذهاب إلى مركز طبي لمنع الإصابة بفيروس كورونا، والتى منها الإجهاض.
وقالت قناة " بى بى سى موندو" إن TelAbortion هو البرنامج الوحيد في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يتلقى المرضى الأدوية عن طريق البريد العادي ، مصحوبة باستشارات بالفيديو دون الحاجة إلى التواجد في مركز طبي معتمد يوزع العلاج.
وتشرح الطبيب أنه قبل تلقي المرضى مجموعة تحتوي على العقاقير الرئيسية للإجهاض الدوائي ، الميفيبريستون والميزوبروستول ، تطلب فحصًا بالموجات فوق الصوتية للتحقق من أن الحمل أقل أو خلال 10 أسابيع من الحمل المطلوبة لوصف الادوية والتشاور عن طريق التداول بالفيديو.
ويمكن أن تتراوح تكلفة علاج TelAbortion من 200 إلى 750 دولار فى العيادات التسع في جميع أنحاء البلاد ، وتؤكد بالدوين من جانبه أن المضاعفات الطبية الناتجة عن هذا العلاج "نادرة للغاية "، حوالي 1 إلى 2٪ من حالات الإجهاض الطبي تتطلب عناية لاحقة في العيادة" وأنها لا تزيد بسبب حقيقة أن ذلك يتم من خلال التطبيب عن بعد.
وتعترف منظمة الصحة العالمية بأن النساء يقمن بعلاج الإجهاض الدوائي من المنزل حتى 9 أسابيع من الحمل، إلا أن هذه الممارسة لا تخلو من الجدل في الولايات المتحدة. لدرجة أن مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الجمهوري المحافظ قدموا مؤخراً مشروع قانون لحظر استخدامه على الصعيد الوطني.
وفى المكسيك أدى الإغلاق والقيود التى تسبب فيها طوارئ كورونا إلى تعقيد الحق فى الإجهاض خلال الوباء مما يعرض النساء للخطر، ففى المكسيك يتم تنظيم الاجهاض على مستوى الولاية فتسمح 24 ولاية من أصب 32 بالانهاء الطوعى للحمل، وفقا لإذاعة "ار بى بى " الكولومبية .
وأشارت الإذاعة إلى أن أقراص الميزوبوستول تسبب الإجهاض فى المنزل، وهو ما أثار الجدل فى المكسيك بسبب بيعه عبر الانترنت بدون رقابة، مما يعرض النساء إلى مخاطر كبيرة.
ومن ناحية آخرى، رفضت الأمم المتحدة اتهامات واشنطن بأن المنظمة الدولية تستغل جائحة فيروس كورونا، للترويج للإجهاض في إطار جهودها للتصدي للوباء عالميا، وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك: "أي تلميح بأننا ننتهز وباء كورونا للترويج للإجهاض غير صحيح".
وأضاف: "بينما ندعم الرعاية الصحية التي تحول دون وفاة ملايين النساء أثناء الحمل والولادة، ونحمي الناس من الأمراض المعدية التي تنتقل عبر الجنس فإننا لا نسعى لتجاوز أي قوانين محلية".
من جهته، قال القائم بأعمال مدير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية جون بارسا في رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش: "خطة المنظمة الدولية التي أعلنت قبل شهرين وضعت خدمات الصحة الجنسية والإنجابية في المستوى ذاته من الأهمية بقضايا انعدام الأمن الغذائي والرعاية الصحية الأساسية وسوء التغذية والإيواء والصرف الصحى".