كشف مركز الأزهر العالمى للفتوى الالكترونية عن فلسفة الإسلام فى التعامل مع الأمراض و الأوبئة، موضحا أن فلسفةَ الإسلام في التعامل مع الأمراض والأوبئة تقوم على أُسُس متعددة؛ عَقديَّةٍ، وشرعيَّةٍ، وعُرفيةٍ وقد سبقت هذه الفلسفةُ في تطبيق النشرة الوقائية والعلاجية كلَّ الفلسفات والنُّظُم؛ ففي الوقت الذي كان يعتقدُ فيه الجاهليون أن الأمراض والأوبئة إنما تقوم بها الأرواح الشريرة لإيذاء البـشر، جاء الإسلامُ داعيًا إلى صدق اللجوء إلى الله، والأخذ بالأسباب الدنيوية المشروعة، وأخذ الحَيْطةِ والحذرِ في التعامل مع كلِّ ما من شأنه أن يؤدِّي إلى إيذاء الإنسان؛ ووضَع –كذلك- الخارطةَ التي يسير عليها المسلمُ إذا ما أُصيب بمرضٍ، أو نزلَ بالناس وباءٌ عامٌّ، وهذه أهم بنودها:
أولًا:أرشد الإسلامُ إلى طلب الدواء، واستفراغ الوسع حين الأخذ بالأسباب المشروعة؛ دفعًا للمرض، ومنعًا من انتشار الوباء؛ فقال رسولُ الله ﷺ: «تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً، غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ: الْهَرَمُ»[أخرجه أبو داود].
ثانيًا:رغّب الإسلامُ في الصبر والتعاون حين مواجهة التحديات، وحثَّ على الإيجابية والعمل لتجاوز العقبات؛ فقال ﷺ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى»[مُتّفق عليه].
ثالثًا:علَّمنا الإسلامُ أن كلَّ ما يجري في الكون إنما يجري بقدَر الله، وألَّا كاشف للضر أو مخفف للألم إلا هو سبحانه؛ فكان من دعاء سيدنا رسول الله ﷺللمريض: «اللَّهُمَّ ربَّ النَّاسِ، أَذْهِب الْبَأسَ أَذْهِبِ البَاسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ وَأَنْتَ الشَّافِي، لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا»[أخرجه البخاري].
رابعًا:حثَّنا كذلك على مقابلة قضاء الله بالرضا، واحتسابِ الأجر عند الله تعالى؛ لتسكُنَ النفسُ، ويطمئنَّ القلبُ، وتهدأَ الرُّوحُ، وترضى عن الله تعالى وعن قضائه، وأخبرنا أن العبدَ المؤمنَ مثابٌ في كل أحواله، بالشكر عند النعمة، وبالصبر عند المصيبة؛ وفي ذلك يقولُ رسولُ الله ﷺ: «مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ، وَلَا وَصَبٍ، وَلَا هَمٍّ، وَلَا حُزْنٍ، وَلَا أَذًى، وَلَا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ»[متفقٌ عليه].