في حكم قضائي سابق اصدرته محكمة القضاء الادارى بمجلس الدولة ، قضت بتأييد القرار الصادر من مجلس الدولة بالإعلان رقم 1 لسنة 2018 بشأن قبول طلبات التعيين في وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة، فيما تضمنه من شرط ألا يزيد عمر المتقدم على ثلاثين سنة في تاريخ آخر موعد لسحب الملفات.
وقالت المحكمة في حيثيات حكمها أن الدستور كفل الحق في العمل في إطار من مبدئى تكافؤ الفرص وعدم التمييز وألزم الدولة بتحقيقهما، وكذا كفل حق المواطنين في تولي الوظائف العامة على أن يكون معيار المفاضلة بين المتقدمين لشغلها هو الكفاءة.
وأضافت المحكمة أن قانون مجلس الدولة أورد شروطاً يتعين أن تتوافر فيمن يتقدم للالتحاق بالمجلس بحيث لا تقل سن من يتقدم لشغل وظيفة مندوب مساعد عن تسعة عشر عاما، وكذا جاء قانون السلطة القضائية واستلزم توافر عدة شروط فيمن يتولى القضاء، منها ألا تقل سنه عن حد معين بحسب المحكمة المعين بها، وعند التعيين في بداية السلم الوظيفي بالقضاء فإنه يتعين ألا تقل سن معاون النيابة العامة عن تسعة عشر سنة كما هو متبع بشأن التعيين بوظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة، وأشارتا لمحكمة إلى أن أي من القانونين المذكورين لم ينص على حد أقصى للسن يتعين ألا يتجاوزه من يتقدم لشغل وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة أو معاون بالنيابة العامة.
وذكرت المحكمة أنه من المقرر في القضاء الدستوري أن حق العمل لا يمتنع على التنظيم التشريعي الذي يقتضيه الصالح العام بتحديد الشروط اللازمة لممارسة كل عمل حسب طبيعته مما يكفل تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية كما يقتضيه إعمال مبدأ المساواة ومبدأ تكافؤ الفرص في مجال العمل بين العاملين، وتابعت المحكمة " وليس ثمة تعارض أو تناقض بين كفالة حق العمل المنصوص عليه في الدستور وبين تنظيمه تشريعيا."
وأوضحت المحكمة أنه من المستقر عليه في قضاء المحكمة الإدارية العليا أنه ولئن أجيز لجهة الإدارة أن تضع من الضوابط والشروط ما تراه مناسباً لشغل الوظائف الخاصة بها، بحسبانها القوامة على المرافق العامة، ومن بين هذه الضوابط الحد الأقصى لسن التعيين بهذه الوظائف، إلا أن مناط القبول بهذه الشروط ألا تخالف الدستور والقانون، وألا تجافي طبائع الأشياء ومنطقها وعدلها، وألا تهدر أو تمس الأصول المقررة عدلاً مساواة للمراكز القانونية، وتمكيناً لتكافؤ الفرص بينها.
واستشهدت المحكمة أيضا بما قضت به المحكمة الإدارية العليا من أنه يجوز للسلطة المختصة أن تضع ما تراه مناسباً من ضوابط وشروط للتعيين في الوظيفة القضائية بما يتفق مع الصالح العام، بحسبانها القوامة على تنظيم وتسيير مرفق العدالة، ومن ذلك وضع حد أقصى لسن المتقدم لشغل أدنى الوظائف القضائية، حيث درجت الهيئات القضائية جميعها على تضمين الإعلانات عن شغل هذه الوظائف شرطاً يتعلق بالحد الأقصى لعمر المتقدم لشغل الوظيفة، وهو شرط يفرضه واقع الحال وطبيعة العمل القانوني والقضائي وضرورة الاستثمار الأمثل للقاضي، باعتبار أن الملكات والخبرات القانونية والقضائية تتكون على مر السنين عاماً بعد عام، وأن انخراط القاضي في العمل في سن مبكرة يسمح بتكوين تلك الملكات وترسيخها والاستفادة منها أكبر قدر ممكن ومن الخبرات التراكمية التي تكونت على مدار السنين.
وتطبيقاً لما تقدم، خلصت المحكمة إلى أنه لما كان الثابت من أوراق الدعوى أن مجلس الدولة كان قد أعلن في غضون شهر يناير2018 عن قبول طلبات التعيين في وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة من خريجي كليات الحقوق والشريعة والقانون والشرطة دفعة عام 2016، وذلك بموجب الإعلان رقم (1) لسنة 2018، وقد تقدم المدعي – وهو حاصل على درجة الليسانس في الحقوق من كلية الحقوق بجامعة بنها دور مايو 2016- لاستلام ملف التقديم بتلك الوظيفة وفقا للإعلان المذكور، فامتنعت جهة الإدارة عن تحقيق ذلك، لعدم استيفائه أحد شروط الإعلان ألا وهو شرط السن الذي يقضي بألا يزيد عمر المتقدم على ثلاثين سنة في تاريخ آخر موعد لسحب الملفات، بحسبان المدعي كان قد تجاوز الثلاثين من عمره آنذاك.
وتابعت المحكمة "ولما كانت مجلس الدولة بما له من سلطة تقديرية في وضع الشروط والضوابط التي يرى وجوب توافرها فيمن يشغل وظائفه العامة طالما أن ما اشترطه لا يخالف القانون ولا يجافي طبائع الأشياء ومنطقها وعدلها وفقا لما هو مستقر عليه، فإنه لا تثريب على ما أتاه مجلس الدولة بأن أورد ضمن إعلانه شرط السن المذكور، ذلك أنه مما يدخل في دائرة المعقولية والمنطقية ألا تزيد سن من يلتحق بمجلس الدولة على أول درجات السلم الوظيفي القضائي على ثلاثين عاماً، باعتبار أن من يلتحق بمجلس الدولة بعد بلوغه هذه السن لن يكون في مكنته مراكمة الخبرات القضائية وتكوين الملكات القانونية اللازمة قبيل عمله بالمحاكم واعتلائه منصة القضاء.
كما أن هذا الشرط يمنع من وجود ثمة فجوة سنية بين عضو مجلس الدولة وزملاء دفعته تحول دون اندماجه معهم، هذا فضلا عن أن مجلس الدولة بإيراده الشرط المذكور يكون قد أعطى فرصة كافية ومعقولة لخريجي كليات الحقوق وأخذ في الاعتبار ما يمضيه كل منهم من سنوات دراسية في مراحل التعليم المختلفة وما يعتريه من عوارض أو ما قد يطرأ له من أعذار تحول دون تتابع سنوات دراسته وفقا للمجرى العادي للأمور. ومن ثم فإن القرار المطعون عليه يكون قد صدر على هذه النحو قائماً على سببه المبرر له ومتفقاً وصحيح حكم القانون بلا مطعن عليه، وهو مما تضحى معه الدعوى قائمة على غير سند من الواقع أو القانون، خليقة والحال كذلك بالرفض، وهو ما قضت به المحكمة."
صدر الحكم برئاسة المستشار فتحي توفيق، نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية كل من المستشارين إبراهيم عبدالغني ، د. فتحي السيد ، ورأفت عبدالحميد، وحامد المورالي، وأحمد ضاحي عمر،و أحمد جلال زكي، نواب رئيس مجلس الدولة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة