عقدت شبكة "سى أن إن الأمريكية" مقارنة بين الطبيب الأمريكى الذى حارب الإنفلونزا الإسبانية، قبل 100 عام، ومسؤول مواجهة أزمة كورونا فى الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة أن هناك تشابها كبيرا جدا بين الطبيبين على مستوى الشكل، كما أن كلاهما مهمته هو مكافحة الأوبئة وإن اختلف الزمان.
ووفقا للشبكة الأمريكية فقد أشرف الطبيب توماس تاتل على استجابة الصحة العامة فى وجه جائحة انفلونزا الإسبانية قبل 100 عام، كما أنه نصح الأمريكيين بإلغاء التجمعات، وارتداء الأقنعة فى الأماكن العامة، وحذّر هذا الطبيب من عودة المرض فى حال رُفعت القيود مبكراً.
وقبل وجود مدير المعهد الوطنى الأمريكى للحساسية والأمراض المعدية، أنتونى فاوتشي، تواجد طبيب آخر يُدعى توماس تاتل، وهو مفوض صحة فى واشنطن قاد الولايات المتحدة خلال جائحة الإنفلونزا المدمرة فى عام 1918 وأُجريت المقارنة بينهما أول مرة فى مقال فى مجلة "فوربس" نُشرت فى أبريل ويفصل بين الطبيبين قرن من الزمن، وعمل الاثنان تحت ظروف مختلفة، حيث كان تاتل مسؤولاً حكومياً، بينما يعمل فاوتشى كمستشار وطنى لأزمة لجائحة فيروس كورونا المستجد ".
نقل توماس تاتل توصياته الصحية عبر البرقيات، بينما يظهر فاوتشى أسبوعياً على شاشات التلفزيون ولكن، يتبادل الإثنان نصائح متشابهة بشأن إنهاء الأوبئة، وهى تتضمن التباعد الإجتماعي، وارتداء الأقنعة، والخضوع للحجر الصحي، وليس من الصعب أيضاً ملاحظة أنهما يشبهان بعضهما البعض، فأثناء محاربة جائحة الإنفلونزا فى عام 1918، أثار تاتل فكرة انتقال العدوى بين الأشخاص رغم عدم ظهور الأعراض وفى تقرير البينالى الثانى عشر لمجلس واشنطن للصحة الذى نُشر عام 1919، كتب تاتل أن "الناقل" هو الشخص الذى يتعرض للمرض، ولكنه مُحصّن ضده. ورغم ذلك، يحمل ذلك الشخص جراثيم المرض، وينقلها للآخرين.
ولفت توماس تاتل إلى أنه من بين الركاب على متن سفينة بخارية كانت متجهة من ألاسكا إلى سياتل، أظهر 150 منهم علامات الإنفلونزا، وذلك رغم عدم الإبلاغ عن أى حالات إنفلونزا فى ألاسكا ويدل ذلك على أن السفينة كانت تحمل ركاباً يحملون المرض وبدون أعراض، فيما يؤمن فاوتشى أن العدوى بدون أعراض بدأت تنتقل فى يناير قبل شهرين من تحول الفيروس إلى جائحة، وتماماً مثل فاوتشي، طلب تاتل من الأشخاص إجراء تغييرات جذرية للحد من انتشار المرض، واشتملت تعليماته على التباعد الاجتماعى وارتداء الأقنعة.
وكتب تاتل: "تم حظر جميع التجمعات العامة باستثناء التجمعات الضرورية من أجل الحفاظ على الحياة، واستمرار الصناعات الحربية الأساسية"ولكن، ذكرت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة أن هذه الجهود "طُبقت بشكل غير متساوٍ".
وأما فى القرن الـ21، أشارت أدلة فى بداية أبريل إلى أن أوامر البقاء فى المنزل كانت تُبطّئ معدل الإصابة، ومن المتوقع ارتفاع معدل الوفيات بعد إعادة افتتاح معظم الولايات وكما هو الحال مع فاوتشي، لم تتفق الحكومة بأكملها، أو الجماهير، على القيود التى اقترحها تاتل، وفى برقية أرسلها إلى خدمة الصحة العامة الأمريكية، سأل تاتل عن فترة الحجر الصحى المقترحة للمرضى المصابين بالفيروس، وردت الخدمة عليه قائلةً: "الخدمة لا توصى بالحجر الصحى ضد الإنفلونزا"، وبعد 6 أسابيع من التباعد الاجتماعى فى عام 1918 - لم يُسمّى الأمر بالتباعد الاجتماعى آنذاك- ، كتب توماس تاتل أنه تم رفع القيود، وخلال أسبوعين، نمت معدلات الإصابة بسرعة.
وأما فاوتشي، فاختلف مع العديد من ادعاءات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، مثل وصفه عقار هيدروكسى كلوروكوين المضاد للملاريا كعلاج ضد فيروس كورونا، إذ حذّر فاوتشى من مخاطره ولدى فاوتشى بعض التحفظات ضد افتتاح معظم الولايات هذا الشهر.
ورغم التقدم الذى أحرزته الولايات المتحدة فى القضاء على الجائحة، حذّر تاتل من عودة المرض فى وقت لاحق من الموسم ومع أن انتشار الإنفلونزا فى عام 1918 بدأ فى الخريف، وبلغ ذروته فى الشتاء، إلا أن تاتل حذّر من إمكانيته لبلوغ الذروة فى الشتاء القادم وكان تاتل على حق، إذ امتدت الجائحة إلى ربيع عام 1919 وبحلول نهايتها، أودت الجائحة بحياة 50 مليون شخص على الأقل حول العالم، بما فى ذلك 675 ألف أمريكي.
ولا يُتوقع أن يصل عدد وفيات فيروس كورونا فى أمريكا إلى ذلك العدد، ولكن عودته فى الولايات المتحدة مضمونة تقريباً، وقال فاوتشى خلال ندوة عبر الإنترنت للنادى الاقتصادى فى واشنطن الأسبوع الماضي: "أنا على يقين فى الغالب من أنه سيعود لأن الفيروس معدى بشكل كبير، وينتشر على مستوى العالم".