لم تكن الطفلة الأيزيدية ليلى، ابنة العشر أعوام، تتوقع أن تكون ضحية تجربة مريرة أفقدتها أسرتها، حين اختطفتها عناصر تنظيم داعش الإرهابى منذ عدة سنوات، لتصبح أسيرة لهم وتتزوج فى سن صغيرة من أحد عناصر التنظيم، وبعد سنوات تتحرر الفتاة وتعثر على أسرتها التى افتقدتها منذ سنوات.
وفقا لما نشرته "فرانس 24" وعلى غرار أيزيديات كثيرات، خرجت ليلى، 17 عاماً، العام الماضى من بلدة الباغوز فى شرق سوريا حيث خاضت قوات سوريا الديموقراطية آخر معاركها ضد تنظيم داعش الإرهابى وأعلنت دحره فى مارس 2019، وبقيت منذ ذاك الحين داخل مخيم الهول الذى يؤوى عشرات الآلاف من النازحين وأفراد عائلات مقاتلى التنظيم المتطرف.
📹 بعد سنوات على خطفها على يد تنظيم الدولة الإسلامية، تمكّنت الشابة الأيزيدية ليلى عيدو أخيراً من التواصل مجدداً مع عائلتها في #العراق. وحين بات لمّ شملهم وشيكاً، عرقل وباء كوفيد-19 اللقاء المنتظر.#فرانس_برس pic.twitter.com/LfowgdZWGT
— فرانس برس بالعربية (@AFPar) May 8, 2020
وتمكّنت الشابة التى كانت فى العاشرة من عمرها حين خطفها التنظيم مع شقيقتها عام 2014 مع الآلاف من الأقلية الأيزيدية من شمال العراق، التواصل تدريجياً مع أهلها بعيداً عن أعين النساء المتشددات فى المخيم.
وفى مطلع أبريل، أى بعد عام من وجودها فى الهول، علمت القوات الكردية فى المخيم بهوية ليلى الأيزيدية، فسلّمتها إلى "البيت الأيزيدى"، وهى منظمة فى شمال شرق سوريا تُعنى بإعادة المخطوفات الأيزيديات إلى عائلاتهن.
![815413 (1) 815413 (1)](https://img.youm7.com/ArticleImgs/2020/5/8/33874-815413-(1).jpg)
وتروى ليلى، قصتها، قالت بخجل: "حين تحدثت مع أهلى، طلبوا منى العودة إلى البيت وقالوا لى إنهم بانتظارى، لكن أتى فيروس كورونا وأُغلقت الطريق"، فى إشارة إلى المعبر الحدودى مع العراق الذى أُقفل من الجانبين فى إطار تدابير التصدى للوباء.
وتقول الفتاة التى تقيم حالياً لدى عائلة أحد مسؤولى "البيت الأيزيدى" فى قرية كمر فى ريف الحسكة الشمالى: "شعرت أننى قليلة الحظ، فأنا مررت بأحداث صعبة وعشت تحت القصف وخفت من الموت فى الباغوز، ليأتى اليوم المرض ويمنعنى من رؤية أهلى"، مضيفة: "أعدّ الأيام للعودة إليهم".
![580439 (1) 580439 (1)](https://img.youm7.com/ArticleImgs/2020/5/8/36429-580439-(1).jpg)
ورغم تشوّقها لرؤية أهلها الذين بقيت صورتهم عالقة فى ذاكرتها، تبدى ليلى قلقا كونها نشأت على تعاليم التنظيم المتطرف ما أنساها معتقداتها كافة، وتقول: "أخاف أن أجد صعوبة فى التأقلم مع أهلى لأننى تركتهم وأنا صغيرة، عشت مع غرباء ونشأت على عادات مختلفة".
وعلى هامش المعارك بين المقاتلين الأكراد وتنظيم داعش، تحرّرت عشرات الفتيات الأيزيديات من قبضة الجهاديين، إلا أن كثيرات لا زلن مفقودات، وبين اللواتى تمّ إنقاذهن من يخشين الكشف عن انتمائهن خصوصاً اللواتى خُطفن فى عمر مبكر ولم يعرفن سوى الحياة فى كنف التنظيم، وتمضى ليلى يومياتها مع ابنتى العائلة التى تقيم لديها وتتواصل مع أهلها عبر الهاتف.
![maxresdefault maxresdefault](https://img.youm7.com/ArticleImgs/2020/5/8/88979-maxresdefault.jpg)
وبحسب "فرانس برس"، داخل غرفة علقت فيها أيقونة أيزيدية وصوراً لطائر الطاووس، أحد رموز الديانة الأيزيدية، تروى ليلى كيف تزوّجت قبل سنوات من أحد مقاتلى التنظيم ويُدعى أبو مصعب العراقى، وكان عمره 21 عاماً، وانتقلت معه من منطقة إلى أخرى تحت سيطرة التنظيم، قبل أن تستقر فى الباغوز حيث قُتل الزوج جراء قصف جوى.
فى مخيم الهول، ووسط آلاف النساء من عائلات الجهاديين ومنهنّ من يتمسكن بتعاليم التنظيم ويحاولن تطبيقها، لم تظن ليلى أن بإمكانها العودة إلى أهلها، وكانت تعتقد أنهم قتلوا، وخوفا على حياتها فى المخيم، قرّرت وصديقتها التكتّم على انتمائهما، قائلة: "كنا نخاف أن يحرقن خيمنا إذا أفصحنا عن أننا أيزيديات"، إلا أنّ صديقتها قررت مغادرة المخيم قبلها، وساهمت فى حصول اتصال أول بين ليلى وأهلها.
![000_1QS42A 000_1QS42A](https://img.youm7.com/ArticleImgs/2020/5/8/3813507-000_1QS42A.jpg)
ويتولّى مكتب المجلس الأعلى الأيزيدى لمّ شمل العائلات، ويقول أحد المسؤولين فيه: "ليس بيدنا شيء، الحدود مقفلة من الجهتين بسبب الوباء"، موضحا أنه حين يُصار إلى فتح الحدود، سيصبح بإمكان ليلى أن تعود إلى أهلها.
وكانت أعداد الأيزيديين فى 2014 نصف مليون نسمة فى العراق، وهو ثلث عدد الأيزيديين فى العالم، لكن مذاك توجه مئة ألف إلى الخارج، ويتكدس 360 ألفاً آخرين فى مخيمات النازحين، معظمها فى إقليم كردستان العراق.
![1588773711638730600 1588773711638730600](https://img.youm7.com/ArticleImgs/2020/5/8/52454-1588773711638730600.jpg)
وتقلّب ليلى على هاتف محمول صور أيزيديات خرجن من تحت سلطة التنظيم وعُدن إلى عائلاتهن، فى محاولة لتطمئن نفسها بأنها ستتمكن من التأقلم وبدء حياة جديدة.
وتقول ليلى: "طيلة السنوات الماضية رافقتنى الذكريات، فى البداية كنت أفكر دائماً بأهلى وأبكى كثيراً"، خصوصاً بعدما فُرّقت عن شقيقتها نوهات، ثمّ تأقلمت مع الوضع.. حملت اسماً آخر هو زينب ودخلت دين الإسلام.. ارتديت النقاب منذ صغرى، وكان من الصعب على التخلى عنه"، لكنها خلعته فور خروجها من المخيم.
![196056-2039938663 196056-2039938663](https://img.youm7.com/ArticleImgs/2020/5/8/181472-196056-2039938663.jpg)
لم تعد ليلى تفهم جيداً اللغة الكردية التى يتحدثها الأيزيديون أيضاً، لكنّها تعلّمت اللغتين التركمانية والعربية، وأدى ذلك إلى ترددها فى حسم قرار العودة إلى أهلها أو البقاء فى المخيم.
وتقول الفتاة التى ترتدى بنطلون جينز وبلوزة من الصوف: "أحب اسم ليلى كثيراً، أتذكر أننى بكيت كثيراً حين سمعت صوت أهلى على الهاتف"، مضيفة: "أتحدث معهم يومياً ونتبادل الصور.. أتمنى أن أعود إليهم وأعيش حياتى بشكل أفضل من دون طائرات وقصف وحرب".