مستقبل غامض يهدد المنظمات الدولية فى 2020.. كورونا ذريعة واشنطن لتقويض "الصحة العالمية"..دعم المنظمة لنجاح الصين فى احتواء الفيروس وضعها على خط الصراع.. وترامب يواصل عداءه للأمم المتحدة بالانسحاب من منظماتها

السبت، 09 مايو 2020 04:50 م
مستقبل غامض يهدد المنظمات الدولية فى 2020.. كورونا ذريعة واشنطن لتقويض "الصحة العالمية"..دعم المنظمة لنجاح الصين فى احتواء الفيروس وضعها على خط الصراع.. وترامب يواصل عداءه للأمم المتحدة بالانسحاب من منظماتها ترامب - منظمة الصحة العالمية
بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

على الرغم من ارتباط كورونا بمستقبل الاتحاد الأوروبى، يبقى الفيروس القاتل أكثر ارتباطا بمنظمات أخرى، وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية، والتي تعد أحد أبرز المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة، باعتبارها المنظمة المعنية بصحة البشر حول العالم، وهو الأمر الذى دفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نحو تحميلها المسئولية بشكل مباشر عن التداعيات المترتبة على انتشار الفيروس القاتل، في العديد من دول العالم، وعلى رأسها الولايات المتحدة، والتي تخطت حاجز المليون مصاب بالفيروس في الآونة الأخيرة.

الموقف الأمريكي المناوئ للمنظمة تجلى بوضوح في التصريحات الأمريكية العدائية، والتي وصلت إلى حد اتهامها مباشرة بالانحياز للصين، بل ووصل الأمر إلى التلويح بحجب التمويل الذى تقدمه الولايات المتحدة لها، في محاولة صريحة إلى تقويضها وإنهاء دورها في المستقبل، خاصة وأن التمويل الأمريكي يمثل الأساس الذى ترتكز عليه أي منظمة دولية، خاصة بين المنظمات التابعة للأمم المتحدة، حيث تقدم واشنطن للمنظمة تمويلا سنويا يتراوح بين 110 و115 مليون دولار، في حين تصل مساهمتها إلى حوالى 500 مليون دولار في إطار المبادرات التي تهدف إلى احتواء أزمات بعينها.

وهنا يصبح القرار الأمريكي بوقف التمويل هو بمثابة كلمة النهاية للمنظمة الدولية، حيث سوف تتوقف كافة برامجها المدعومة من قبل الولايات المتحدة، لاحتواء الأزمات الصحية التي تضرب العديد من دول العالم، وهو ما يعنى تقويض دورها فعليا، وهو الأمر الذى لاقى انتقادات كبيرة من قبل العديد من المتابعين والمحللين، بالإضافة إلى خصوم ترامب السياسيين، وعلى رأسهم أعضاء الحزب الجمهورى، والذين اعتبروا أن مثل هذا القرار "غير قانونى"، ويتعارض مع المصالح الأمريكية، بصورة كبيرة، في ظل الدور القيادى الذى تقوم به واشنطن، وبالتالي يبقى دعمها للمبادرات الصحية والإنسانية جزءً رئيسيا من دورها إذا ما أرادت الاحتفاظ بمكانتها على قمة النظام الدولى.

إلا أن رؤية ترامب تبدو مختلفة إلى حد كبير، في ظل التغيرات الكبيرة التي يشهدها النظام الدولى، حيث يبقى الدور الذى تلعبه المنظمات الدولية غير مجدى، في ظل صعود قوى دولية جديدة، صارت تقوم بدور بارز على الساحة العالمية، ربما على حساب الدور الأمريكي نفسه، وعلى رأسها روسيا والصين، وذلك برعاية المنظمات الدولية، بالإضافة إلى التكاليف الكبيرة التي تتكبدها واشنطن جراء ملايين الدولارات التي تقدمها لدعم تلك المنظمات، في الوقت الذى يضع فيه الرئيس الأمريكي الأولوية المطلقة لاستعادة المكانة الاقتصادية لبلاده بعد سنوات من التراجع لصالح قوى أخرى.

الصحة العالمية أهم ضحايا الصراع الأمريكي الصينى
 

وبالتالي أصبحت منظمة الصحة العالمية أحد أهم ضحايا الصراع الأمريكي الصينى، والذى طفا على سطح الساحة الدولية فى السنوات الأخيرة وتحديدا منذ اعتلاء ترامب عرش البيت الأبيض، حيث كان التلويح الأمريكي بسحب التمويل، هو بمثابة عقاب للمنظمة بعدما أشادت بالنجاح المنقطع النظير الذى حققته بكين في احتواء الفيروس القاتل، وهو ما يتعارض مع أهداف ترامب والتي تقوم في الأساس على تشويه صورة الصين، وتحميلها مسئولية الوباء، وهو ما بدا واضحا في تصريحاته المتواترة، والتي وصف فيها كورونا بـ"الفيروس الصينى".

وهنا تتجلى رؤية ترامب للمنظمات الدولية، حيث يبقى بقاء الدعم الأمريكي مرهونا بالدوران الصريح في فلك واشنطن، وبالتالي فإن أى تحرك مخالف من قبل أيا من تلك المنظمات، متعارضا مع المصلحة الأمريكية، وبالتالي فيصبح استمرار الدعم الأمريكي لها مستحيلا، وهو الأمر الذى لا يقتصر على منظمة الصحة العالمية، وإنما امتد إلى قطاع كبير من المنظمات التي طالتها التهديدات الأمريكية خلال فترة ولايته الأولى.

 الانسحاب من منظمة اليونيسكو
 

الموقف الأمريكي من المنظمات الدولية تجلى في الانسحاب من منظمة اليونيسكو، والذى دخل حيز النفاذ في نهاية ديسمبر 2018، بصحبة إسرائيل بسبب ما اعتبرته واشنطن وتل أبيب انحيازا صريحا من قبل المنظمة المسئولة عن الثقافة في العالم ضد الدولة العبرية، كما أنها انسحبت لنفس السبب من المجلس العالمى لحقوق الإنسان، وهما منظمتان تابعتان للأمم المتحدة، والتي أظهر تجاهها ترامب عداءً صريحا منذ حملته الانتخابية في 2016، عندما أكد أنه قد عفا عليها الزمن.

وهنا يمكننا القول بأن كورونا هو بمثابة ذريعة جديدة ليس فقط لتقويض منظمة الصحة العالمية، وإنما لتقليص الدور الذى تلعبه الأمم المتحدة على الساحة الدولية، باعتبارها، من وجهة نظر الإدارة الأمريكية الحالية، قد عفا عليها الزمن، وهو الأمر الذى يثير العديد من التساؤلات حول ما إذا كان العالم على موعد مع حقبة جديدة، يتخلى فيها عن الأمم المتحدة، وتقديم صياغة جديدة لمنظمة دولية جديدة يمكنها إضفاء الشرعية للنظام الدولى الجديد.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة