إرهاب ممول، ووباء ينتشر.. بهذه العبارة يمكن إيجاز المشهد داخل بوركينا فاسو، ذلك البلد الإفريقي البالغ تعداده ما يقرب من 21 مليون نسمة، والذى زاره وباء كورونا بتسجيل أول حالة إصابة فى مارس الماضي.
وفى الوقت الذى يعانى فيه البلد الأفريقي صراعات قبلية، وانتشار لجماعات العنف المسلح، والمليشيات الممولة من دول بينها قطر وتركيا، فاقم وباء كورونا الأزمات التى تطل على السطح، بعدما سجل أكثر من 847 إصابة ووفاة 53 آخرين بحسب تقرير للاتحاد الأفريقي، وسط تقديرات بوجود أرقام آخري خارج دائرة الإحصاء الرسمي.
وصباح الأحد، أعلنت السلطات في بوركينا فاسو مقتل 25 شخصا على الأقل في قرية شرقي البلاد، إثر هجوم شنه إرهابيون على سوق للماشية بقرية "كومبيمبيجا"، فى وقت تكافح فيه الأجهزة التنفيذية للسيطرة على جائحة كورونا.
وفى تقرير لها، حذرت الأمم المتحدة من أن الهجمات التي شنتها الجماعات المسلحة بالإضافة إلى أشهر الجفاف التي تعيشها بوركينا فاسو أدت إلى تشريد أكثر من 830 ألف شخص ، وهم بطبيعة الحال أكثر عرضة للإصابة بالوباء.
ونقل التقرير عن مواطن يدعى سوادوجو سلام، 39 سنة قوله إنه إضطر للفرار من منزله في أربينبدا في بوركينا فاسو عندما هاجمت الجماعات المسلحة وقتلت العديد من القرويين، حيث سافر سيرا على الأقدام مسافة 160 كيلومترا إلى كايا وترك وراءه كل شيء، وبعدها فرت عائلته إليه فيما بعد حاملة معها بعض ممتلكاتها، لكن أطفاله لم يذهبوا إلى المدرسة منذ فرارهم.
ومن جانبه ، قدم برنامج الأغذية العالمي شحنة إلى بوركينا فاسو بها ما يقرب من 16 طنًا من الاحتياجات الطبية ومعدات الحماية الشخصية كالأقنعة والقفازات نيابة عن اليونيسف، فيما يوزع البرنامج الطعام والنقود على أكثر من 530 ألف شخص.
ودعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى تقديم دعم أكبر لأعداد متزايدة من الأشخاص الذين أجبروا على الفرار خوفا على حياتهم وسط تجدد الصراع في منطقة الساحل المضطربة في غرب أفريقيا ولفتت مفوضية اللاجئين إلى إن الجماعات المسلحة استهدفت آلاف اللاجئين الماليين الذين يحتمون في مخيمات بالقرب من حدود بوركينا فاسو ومالي.
وفي أول مايو الماضي، شهد مخيم مينتاو للاجئين في بوركينا فاسو الذي يستضيف 6500 لاجئ هجوما على اللاجئين مما تسببت في إصابة 32 شخصًا على الأقل. وقال بابار بالوش، المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن غرب ووسط أفريقيا "من بين أكبر حالات النزوح في أفريقيا. لافتا " أن هناك 5.6 مليون نازح داخليا، وأكثر من 1.3 مليون لاجئ و1.6 مليون شخص من عديمي الجنسية في غرب ووسط أفريقيا "
ومن الإرهاب إلى الوباء، تتوالى الضغوط داخل بوركينا فاسو، وهو ما دفع منظمة "أوكسفام" الدولية للتحذير من تداعيات خطيرة فى البلد الأفريقي، مشيرة فى تقرير لها بعنوان "النساء فى ظل أزمة بوركينا فاسو.. ناجيات وبطلات"، من أن أكثر من مليون امرأة وفتاة في بوركينا فاسو يواجهن تزايد أعمال العنف الجنسي والجوع ونقص المياه، بسبب فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) والنزاع العنيف السابق لتفشي الجائحة.
وذكرت "أوكسفام"، في تقريرها أنه "إضافة للصدمات الناجمة عن الهجمات ضد القرى والفرار هناك معاناة أخرى ناتجة عن فقدان سبل العيش وبوصلة الحياة اليومية، والاكتظاظ، ونقص الخصوصية، وعدم التأقلم مع البيئة الجديدة، والاعتماد على المساعدات. وأصبحت النساء، في ظل البؤس، معرضات للاستغلال الجنسي، ويلجأن للدعارة، وينخرطن في صفوف الجماعات المسلحة"
وأكدت المنظمة غير الحكومية أن 2.2 مليون شخص حاليا بحاجة إلى مساعدات إنسانية في بوركينا فاسو، حيث تمثل النساء والأطفال 84 في المائة من الأشخاص المهجرين قسرا بسبب النزاع، إذ يعيشون في مواقع مكتظة يتقاسمون فيها الخيام، ولا يحصلون على ما يكفي من المياه، ما يمثل خطرا فتاكا، في ظل تفشي فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19.