حرص الفيلسوف الفرنسى جان بول سارتر (1905 – 1980) على تحويل أفكاره الفلسفية إلى أفكار أدبية، ومن ذلك مسرحيته "الذباب" التى كتبها فى عام 1943، وحاول فيها أن يوفر للقارئ حرية القراءة بموضوعية هادئة، وذلك فيما يخص قضية الإرادة الحرة.
ويقوم سارتر من خلال المسرحية بطرح عدة أسئلة، ورأى أنه يتوجب على الإنسان أن يتحمل أبعد حدود المسئولية، حدود يقصدها الإنسان نفسه، لذا فمسرحيته تدور حول وجود الإنسان فى الحياة وهو له عدة اختيارات يختار منها ما يشاء.
ويقول موقع "عكاظ" عن المسرحية إن مثلها كمثل كثير من المسرحيات كُتبت لتعالج أحداث بفلسفة واحدة، ولا غرو فى أن ذلك يعزى بالمقام الأول إلى الانبثاق من ذات المنبع وهو الفكر والفسلفة اليونانية القديمة (بمعتقهدها الغريب عن طبيعة الإله) وعليه فستتشابه إليكتر وأورست مع أوديب ملكاً، فالمنبع ولا شك يؤثر كثيراً ويحدد سلفاً التناول ووقع المأساة ومنتهاها على شخصيات العمل.
وتتناول مسرحية الذباب رحلة (أورست) وعودته إلى مسقط رأسه (أرجوس) التى نُفى منها طفلاً بغرض قتله بعد مقتل أبيه (أجاممنون) عقب خيانة زوجته (كليتمينسترا) له مع المليك الحالى (إيجست) واستيلائهما على مقاليد العرش واستحكام قبضتهما على شعب أرجوس ومعتقده الفكرى.
وفى المسرحية حديث عن "أرجوس" تلك المدينة المصابة بداء الندم على تلك الخطيئة التى ارتكبتها الملكة مع إيجست، ولم يستطيعوا لها شيئاً سوى الندم الذى كلفهم طقوس محكومة من الملك وأعوانه الكهنة كل عام بضيافة أرواح موتاهم واعترافهم العلنى بجرائمهم.
وتتوالى مشاهد ومساعى أورست وإليكترا (أخته) للانتقام لمقتل أبيهم والتمرد على طقوس الندم الخرفاء المذعن لها بالكلية شعب أرجوس، والصراع الدائم بين الانتقام لتحقيق العدل والندم هما سمة المسرحية.
وتتجلى تتجلى ملامح كثيرة من فلسفة سارتر الوجودية فى المسرحية إعلاء لقيمة الإنسان فى الوجود وقد ورد على لسان أورست مخاطباً (جوبيتر) إله الإنتقام فى الميثولوجيا اليونانية (أنا لا أكرهك، ما شأنى بك؟ إننا ننساب أحدنا بموازاة الآخر، من غير أن نتماس، كسفينتين، إنك رب، وأنا حر).