قال وزير الخارجية سامح شكري، إن تعنت إثيوبيا فى مفاوضات سد النهضة سيضطر الجانب المصري لاتخاذ خيارات أخري، وذلك خلال ندوة الدبلوماسية المصرية التعامل مع التحديات الراهنة، التى نظمها مجلس الأعمال المصري للتعاون الدولى.
وصرح المُستشار أحمد حافظ، المُتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، بأن الوزير شكرى استعرض التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية غير المسبوقة الناجمة عن تفشى جائحة كورونا وتداعياتها على النظام الدولي، موضحاً أن تفشى الوباء قد أدى إلى تعطيل سلاسل الإمداد والإنتاج العالمية، وأرغم الدول على تبنى سياسات للحد من انتشار الفيروس كان لها انعكاسات مباشرة على السلوك الفردى للمستهلكين وأرباب الأعمال وتفضيلاتهم وأولوياتهم، وأنه تسبب أيضا فى إعادة إحياء مفهوم الدولة الوطنية القوية على ضوء كونها الكيان الوحيد القادر على مواجهة تفشى الوباء والتعامل مع آثاره بشكل شامل.
كما أدت الجائحة إلى استقطاب غير مسبوق بين الدول وسط تبادل الاتهامات بشأن تعاملها مع الأزمة، وكشفت أوجه قصور عديدة فى المنظومة الدولية الحالية فى التصدى لتبعات الأزمة والتعامل معها.
وأضاف المُتحدث الرسمى أن الوزير شكرى تطرق كذلك لعدد من القضايا والأزمات التى تواجهها مصر فى محيطها وعلى رأسها الأوضاع فى ليبيا، مشيراً إلى نتائج اجتماع القاهرة الذى دعت إليه مصر انطلاقاً من حرصها على تحقيق الاستقرار السياسى والأمنى للدولة الليبية، ونتج عنه التوصل إلى مبادرة سياسية شاملة لإنهاء الصراع فى ليبيا، حيث أكد الوزير شكرى أن المبادرة تتسق مع الجهود والمبادرات الدولية والأممية القائمة، وتهدف إلى ضمان التمثيل العادل لكافة أقاليم ليبيا الثلاثة، وتوحيد مؤسساتها وتنظيم دورها بما يؤهلها للاضطلاع بمهامها ويضمن التوزيع العادل والشفاف للثروات الليبية.
كما تناول وزير الخارجية الأزمة فى سوريا، حيث أكد على أن الحل السياسى هناك بات أمراً مُلحاً يتطلب التوصل لتسوية سياسية شاملة، وفقـا لقرار مجلس الأمن رقم (2254)، بشكل يحقق وحدة سوريا وسلامتها الإقليمية وسلامة مؤسساتـها، ووقف نزيف الدم، والقضاء التام على الإرهاب. كما أشار إلى الأزمة الممتدة فى اليمن والتى تتطلب أيضا تنفيذ الحـل السياسى وإنهاء التدخلات الخارجية من أطراف إقليمية غير عربية.
وذكر المُستشار أحمد حافظ أن وزير الخارجية استعرض كذلك المستجدات الخاصة بملف سد النهضة، مؤكداً التزام مصر بنهج التفاوض على مدار السنوات الماضية، وتحليها بنوايا صادقة تجاه التوصل إلى اتفاق منصف وعادل لهذه الأزمة، على نحو يحقق مصالح الدول الثلاث، إلا أن الموقف التفاوضى الأخير لا يبشر بحدوث نتائج إيجابية مع استمرارية نهج التعنت الإثيوبى على نحو ستضطر مصر معـه لبحث خيــارات أخرى كاللجـوء إلى مجلـس الأمـن الدولـى لكى ينهض بمسؤولياته فى تدارك التأثير على السلم والأمن الدوليين عبر الحيلولة دون اتخاذ إثيوبيا إجراء أحادى يؤثر سلباً على حقوق مصر المائية.
كما أفاد حافظ بأن الوزير شكرى تطرق خلال الندوة إلى تطورات القضية الفلسطينية، وضرورة تحقيق السلام العادل والشامل وصولاً لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، الأمر الذى يتطلب التصدى لأى إجراء أحادى الجانب كضم إسرائيل لأراضى فى الضفة الغربية، والذى يعد إجراءً مرفوضاً من شأنه القضاء على فرص إعادة إحياء المسار التفاوضى على أساس حل الدولتين والمبادرة العربية للسلام والشرعية الدولية ومقرراتها.
وذكر حافظ أن وزير الخارجية أبرز ضرورة ترسيخ مبدأ التعاون والتضامن لمواجهة التحديات الدولية والإقليمية المختلفة وعلى رأسها جائحة كورونا والتى تتطلب توفير الدعم للدول النامية لتجاوز آثارها الاقتصادية السلبية من خلال تقديم حزم تحفيزية لاقتصاداتها، وتخفيف أعباء الديون المتراكمة عليها، والاستفادة من الأدوات المتاحة لدى مؤسسات التمويل الدولية.
هذا، فضلاً عن حفظ السلم والأمن الدوليين وإنهاء النزاعات القائمة، والسعى لإقامة منظومة دولية أكثر عدلاً تسمح للدول النامية بنفاذ أكبر إلى التكنولوجيا والدواء وتدفع بالنمو فى قطاعات اقتصادية أكثر استدامة بما يعود بالنفع على الجميع.
واختتم حافظ تصريحاته بالإشارة إلى أن الندوة تضمنت أيضا شقاً تفاعلياً، قام خلالها وزير الخارجية بالرد على العديد من استفسارات أعضاء المجلس حول القضايا المختلفة، وأبرز الجهود المصرية فى التعامل مع أزمة العالقين مؤخراً وما يتم بشكل مستمر من تواصُل مع الجاليات المصرية بالخارج ورعاية شئونهم.
وفى ردا على الممارسات التى تقوم بها جماعة الإخوان الإرهابية فى الدول الأجنبية، حذر وزير الخارجية سامح شكرى من ممارسات جماعة الإخوان الإرهابية، قائلاً أن تنظيم الإخوان "اخطبوطي"، ويحاول تشويه الدولة المصرية بشتى الطرق.
وأشار الوزير إلى أن الإخوان الإرهابية تنظيم متشعب فى كندا وكثير من الدول الغربية وتسعى الاستفادة من مناخ الحماية داخل هذه الدول لأن كثير منهم يحملون جنسيات أجنبية، مؤكدا أن الإخوان يعملون على استهداف الدولة المصرية عبر بث الأكاذيب
وحول الدور العدائى التركى لمصر، قال وزير الخارجية سامح شكرى أن السياسات التركية خلال الفترة الماضية تتسم بأنها توسيعة وبها اثقال على الأمن القومى العربى ومحاولة توسيع نفوذها وهذا غير ملائم وغير مقبول وليس هناك ما يبرر وجود قوات أجنبية خارج الحدود ومتواجدة فى الأراضى العربية.
وأشار شكرى إلى أن تركيا تتواجد فى سووريا بشكل واسع وتواجد عسكرى فى العراق ومحاولة للنفاذ بشكل أكبر فى ليبيا وتتبع سياسات غير محققة للاستقرار وغير دافعة للتوصل لحلول سياسية لهذه الأزمات ولكن الاعتماد على القوة العسكرية، مؤكدا أن الأمن القومى العربى هو شأن عربى، لافتا إلى أن السياسة التى تعتمد على توظيف ميليشيات وأفراد لهم أفكار عقائدية ودعم هذا المسار شىء مقلق ولابد أن يضطلع المجتمع الدولى بدوره.
ولفت وزير الخارجية إلى دور التحالف الدولى لمكافحة تنظيم داعش فى مقابل تحرك دول لاستغلال التنظيم لتحقيق مصالح وفرض الهيمنة، وهذا لا يتسق مع مبادىء الأمم المتحدة بعدم التدخل فى الشؤون الداخلية للدول، لذا يجب أن نرى سياسة بعيدة عن التوجهات العقائدية ومبنية على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، موضحا أن السياسات الحالية التركية مستفزة وتثير التوتر ولا تصب فى مصلحة الشعوب العربية والشعب التركى.
وأوضح شكرى أن الدولة المصرية تعول على الجاليات المصرية الكبيرة فى الخارج وخاصة فى كندا والولايات المتحدة للتصدى لأى محاولات لتشويه الدولة المصرية، مؤكدا أن المصريين بالخارج لديهم حس وطنى عالى ويشعرون بالمسؤولية ونأمل فى التواصل والتنسيق الكافى مع بعثات مصر بالخارج للتصدى للمغالطات التى يقوم بها الاخوان لتشويه الانجازات التى تقوم بها القاهرة.
على جانب آخر، أوضح شكرى أن المصريين العاملين فى الخارج وخاصة بدول الخليج مكسب مهم من وجودهم هناك، مشيرا إلى أن المصريين فى الخارج مصدر مهم فى تنمية دول الخليج ويتم الاعتماد عليهم فى قطاعات كبيرة، مشيرا إلى أن هناك فئات من العمالة التى ستتأثر من الوضع الحالى فى ظل الانكماش الاقتصادى.
وأكد وزير الخارجية أن القاهرة كان لها دور مهم وحيوى فى إعادة العاملين المصريين بليبيا منذ سنوات وتم توفير لهم فرص العمل داخل المشروعات التى تدشنها الحكومة، مشيرا إلى أن الدولة عليها مسؤولية لتوفير العمل لمواطنيها ووضع الاجراءات العملية والتنفيذية لهذه الاحتمالات، لافتا إلى أن إعادة المصريين العالقين بالخارج كان وفق خطة وضعتها الحكومة المصرية للعمل على نقل للبلاد، مشيرا إلى أن القاهرة جاهزة لتحديد رحلات جوية إضافية لإعادة أى مواطنين مصريين.
وأشار شكرى إلى أن أعداد المصابين بفيروس كورونا فى مصر مطمئنة حتى الآن، مؤكدا أهمية الالتزام بكافة الاجراءات الاحترازية للمصريين القادمين من الخارج، موضحا أن البعثات المصرية تتابع بشكل كامل أحوال المواطنين.
وحول العلاقات المصرية الافريقية، أشاد شكرى بالجهود الكبير الذى يبذل من القيادة السياسية بالتنسيق مع أجهزة الدولة لتعزيز التعاون والتقارب مع دول القارة السمراء، مؤكدا وجود اهتمام مصرى خلال كافة زيارة الرئيس السيسى لحضور رجل أعمال مصريين للتعريف أكثر بالساحة الافريقية والمجالات التى يمكن الاستثمار فيها.
وعن قرارات الإصلاح الاقتصادى، أثنى وزير الخارجية على دور الحكومة المصرية فى برنامج الاصلاح الاقتصادى، موضحا أن قطاع الأعمال هو القاطرة الرئيسية للاقتصاد المصرى بالإضافة للجهد الكبير للقطاع الخاص.
وأشار شكرى إلى أن الشركات المصرية تتوسع فى الساحة الافريقية وتتوسع بشكل كبير فى دول القارة السمراء، لافتا إلى أن القدرات المصرية متوفرة للقيام بالتوسع فى افريقيا ولعل أبرز ذلك دور الشركات المصرية فى إقامة سد تنزانيا.