على الرغم من أن التوقعات كانت تدور حول احتمالات تراجع الصين اقتصاديا، إثر تفشى فيروس كورونا، والذى إنطلق من إقليم ووهان، إلا أن الوقائع ربما أثبتت عكس ذلك، فصار العميل الصينى هو بمثابة الأمل الأخير أمام كافة العلامات التجارية الفاخرة، لتعويض قدرا من الخسائر التي ضربتهم في الأشهر الماضية، في إطار التداعيات المترتبة على الأزمة الصحية العالمية، والتي تركت تداعيات اقتصادية كبيرة، على كافة دول العالم.
فمع نجاح بكين في احتواء الفيروس المتفشى في البلاد، بدأ المتسوقون الصينيون في شراء حقائب اليد والأحذية الفاخرة، بالإضافة إلى التردد على محال المجوهرات عالية القيمة، مما أضفى قدرا من الأمل لدى أصحاب العلامات التجارية البارزة في هذه المجالات بأن ثمة بارقة ضوء على الطريق يمكن من خلاله إنهاء درب مظلم تسبب في الكثير من الخسائر الكبيرة في الأشهر الماضية، ربما لا تقل فداحتها عن التداعيات الكبيرة التي ترتبت على أعتى الأزمات الاقتصادية التي ضربت العالم.
تنبيهات متعلقة بالاجراءات الاحترازية على أبواب المحال التجارية
ولعل المشهد التجارى في الصين يبقى مختلفا إلى حد كبير إذا ماتم مقارنته بباقى دول العالم، حيث اتجه قطاع كبير من الأغنياء إلى الشراء بمبالغ طائلة، بعد شهور الإغلاق، في ظاهرة أطلق عليها قطاع من المحللين "الانفاق الانتقامى"، والتي تعنى قيام الفئات الأكثر ثراءً بصرف مبالغ طائلة للحصول على المنتجات الراقية، لتعويض ما فاتهم خلال فترة التوقف، وهو الأمر الذى ساهم في عودة العلامات التجارية للسلع الراقية إلى معدلاتهم الطبيعية في البيع، في الوقت الذى مازالوا يعانون فيه في مناطق أخرى.
فبحسب ما ذكرت تقارير اقتصادية عدة، فإن متجر هيرميس في قوانجتشو استحوذ على مبيعات، تقدر بحوالى 2.7 مليون دولار فى يوم إعادة افتتاحه في شهر أبريل الماضى، وهو ما يعد بمثابة رقما قياسيا لأحد المتاجر الكبيرة في الصين.
خسائر كبيرة تكبدتها العلامات التجارية الكبيرة بسبب كورونا
وهنا يثور التساؤل حول ما إذا كان الانفاق الانتقامى من شأنه تعويض الخسائر التي تكبدتها العلامات التجارية الكبيرة في المرحلة المقبلة، خاصة وأن مبيعاتها اقتربت من الصفر خلال الربع الأول من العام الجارى.
يبدو أن الإجابة على هذا التساؤل ليست بالأمر الهين، ربما لأن القيود التي رفعتها الحكومة الصينية، مازالت متواجدة في العديد من دول العالم، سواء في أوروبا أو الولايات المتحدة، رغم الإجراءات التي من شأنها التخفيف من الإغلاق، وهو الأمر الذى يفسر سرعة الاستجابة في السوق الصينى، إذا ما قورن بأقرانه في مناطق أخرى من العالم.
الانفاق الانتقامى يعوض قدرا من الخسائر التى تكبدتها العلامات التجارية
أحد أهم أسباب تعافى سوق المنتجات الفاخرة في الداخل الصينى، هو اعتماد العملاء على السوق المحلى، للحصول على ما يريدون، سواء من المجوهرات أو الأحذية أو حقائب اليد، بسبب توقف رحلات الطيران، وهو ما يتعارض مع أسلوبهم في التسوق، حيث أنهم كانوا دائما ما يتجهون للحصول على تلك المنتجات أثناء وجودهم خارج الصين، وهو ما ساهم في بروز أهمية السوق الصينى، بالنسبة للعلامات التجارية الكبيرة، في مرحلة ما بعد الوباء.
والاهتمام بالعملاء الصينيين، في سوق المنتجات الفاخرة، يبدو منطقيا، إذا ما نظرنا إلى حقيقة مفادها أن مواطني الصين يمثلون 35% من عملاء سوق الرفاهية العالمى، بينما تسير التوقعات نحو زيادة نسبتهم بصورة كبيرة، ليصلون إلى 50% خلال 5 سنوات قادمة.
ولكن هل يستمر الإنفاق الانتقامى؟؟
ولكن الإقبال الصينى الكبير على المنتجات الفارهة، لا يمثل أكثر من جزء صغير من قصة أكبر وأعمق، في ظل معطيات أهمها استمرار الإغلاق، في دول أخرى، بالإضافة إلى توجه قطاع كبير من العملاء حول العالم، نحو شراء منتجات أرخص، في ضوء مخاوف كبيرة من التداعيات التي تتركها الأزمة الراهنة على حياتهم في المستقبل.
وهنا يصبح "الانفاق الانتقامى" في الصين ليس كافيا لتعويض الخسائر الكبيرة التي قد تتكبدها العلامات التجارية الكبيرة، هذا العام، خاصة وأن الصينيين أنفسهم لن يواصلون الشراء على نفس الوتيرة في المستقبل، وهو ما عبرت عنه الخبيرة الاقتصادية كلوديا داربيزيو، في تصريح لشبكة "سى إن إن" الإخبارية بقولها، إن الطفرة في مشتريات الصينيين للسلع الفارهة هو انعكاس نفسى لرغبتهم في عودة الحياة إلى طبيعتها.
جانب من المتسوقين يعودن إلى الحياة عبر التسوق
فعلى سبيل المثال قررت إحدى أكبر شركات الساعات السويسرية إلى البيع عبر الانترنت لأول مرة في تاريخها، بسبب الإغلاق على خلفية تفشى الفيروس القاتل، وبالتالي قدمت الشبكة العنكبوتية بديلا مهما حتى يمكنها مواصلة عملها، حتى وإن كانت لم تحقق نفس المكاسب التي اعتادت على تحقيقها بالشكل التقليدي.
محال أغلقت أبوابها لشهور بسبب كورونا
التوجهات الجديدة ربما لا تقتصر على استراتيجيات التعامل مع العملاء، وإنما تحمل تداعيات كبيرة على مستقبل العاملين بها، حيث يبقى متوقعا أن تلجأ بعض الشركات الكبيرة إلى تقليص أعداد العاملين، في ظل الخسائر المتوقعة، والتي قد تصل إلى ملايين الدولارات خلال العام الجارى بسبب أزمة كورونا، وما ترتب عليها من قيود الإغلاق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة