فى ظل سعى المنظمات للبقاء، ومواكبة النمو، والتطور، كان لابد لها من الاستجابة إلى دعوات تطبیق مبادئ الإدارة المفتوحة، واللامركزیة، وتفویض الصلاحیات، والمشاركة فى صنع القرارات، ویأتى التمكین الإدارى الذى یعد اللبنة الأساسیة والأساس، لیمكن العاملين من ممارسة السلطة الكاملة، وتحمل مسئولیات وظیفیة؛ لیشكل أحد الأعمدة التى تقوم عليها استراتيجية المنظمة لمواجهة التحدیات والتطورات ولیفرض أنماطًا وسلوكیات تتناسب وطبیعة الوظیفة الإداریة، ودرجة تعقدها واستقلالیتها.
والتمكين ليس مفهومًا حديثًا فقد ورد ذكره فى القرآن الكريم (سورة يُوسف)، "وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِى الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ" ﴿٥٦﴾، وتم دراسته فى سياقات علمية مختلفة كالعلوم السياسية، وعلم الاجتماع، وعلم الإدارة.
وخلال السنوات الأخيرة، أصبح تمكين العاملين أحد مكونات الإدارة فى جميع المنظمات حيث حظى باعتراف واسع باعتباره موضوعًا هامًا فى أدبيات الإدارة، وتم الترحيب به كطريقة إدارية يمكن تطبيقها فى جميع المنظمات، وأحد العناصر الأساسية للفعالية الإدارية والتنظيمية التى تزيد من مشاركة السلطة فى المنظمات.
أولت العديد من المنظمات أهمية كبيرة لمبادرات التمكين لما حصلت عليه من تحسين الأداء والالتزام التنظيمي، والمشاركة فى عملية صنع القرار، وتأسيس وبناء الثقة بين الإدارة والعاملين، وتحفيزهم ومشاركتهم فهو واحد من المفاهيم الحديثة التى يعتقد قدرتهم على تحسين أداء العنصر البشرى فى المنظمات الحديثة؛ لتحقيق أعلى مستوى من مستويات التعاون وروح الفريق، والثقة بالنفس، والابتكار، والتفكير المستقل، وريادة الأعمال.
فالعمالة المُمكَّنة أصبحت أهم موارد المنظمات، ولهم دور محورى فى جميع جوانبها لا يمكن إنكاره، وعلى هذا الأساس وردت أشارات صريحة ومتكررة فى العديد من البحوث والدراسات تدور حول ضرورة استفادة المنظمات من معارف، وأفكار، وطاقات، وإبداعات العاملين فيها سواء على مستوى العاملين فى الخط الأول أو على مستوى القادة، وأنه يجب على أى منظمة توظيف خبرات مواردها البشرية إذا كانت ترغب فى أن تكون رائدة فى الاقتصاد والأعمال؛ لمواجهة بيئة الأعمال العالمية، وتوقعات العملاء، علاوة على التغيرات البيئية السريعة، والتكنولوجيا المعقدة.
إن الاهتمام بتطبيق مفهوم تمكين العاملين لم يعد من رفاهيات المنظمات بل أصبح يشكل مطلبًا أساسيًا للمنظمات خاصًة فى ظل الأزمات التى يمر بها العالم وتؤثر على أداء المنظمات، حيث تحتاج كل منظمة أن تتفهم عملية التمكين وفقًا لظروفها، ومحيط بيئتها الداخلية والخارجية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة