من الروايات المهمة فى التاريخ العالمى رواية "الأم" لـ للكاتب الروسى الكبير مكسيم جوركى الذى ولد فى 28 مارس 1868م، ورحل فى 18 يونيو 1936م، عن عمر ناهز حينها 68 عاما.
ويحاول مكسيم جوركى من خلال الرواية أن يبرز الطليعة العمالية الثورية التى هى من طراز جديد، فأدخل فى روايته التجربة السياسية لسنوات الثورة العمالية الروسية، وإلى هذا الوعى السياسى كان أبطاله مدينون بعظمتهم وحقيقتهم، حقيقة التاريخ.
من أجل هذا لم يكن بناء هذه الرواية قائماً على عقدة تحل، وتعقد أقداراً شخصية، بل بناها جوركى على نمو روابط طبيعية تعكس الأقدار الشخصية فيها ما بينها من تناقضات.
فالخصائص والغنى الداخلى عند كل من أبطال الرواية، وقابليته للانفتاح للحياة، وللتأثير عليها، كل ذلك يتوضح من خلال تطور الأحداث التى تنتهى بالحلم على بول وأندريف بتوقيف الأم، ولكن هذه الهزيمة لا تضعف شيئاً من الثقة بالنص النهائى، نصر القيم الإنسانية التى يحملونها فى أعماقهم، وكذلك فإن بول وأمه، شخصيتا الرواية المحوريتان، كانا يدركان دائماً بألا حظ لهما بتجنب السجن والنفى ولكنهما يدركان أن مصيرهما شخصياً، وهو أبعد ما يكون عن إضعاف الحركة الثورية، يجب أن يكرس لتنشيط هذه الحركة.
ولعل شخصية مكسيم جوركى لها تأثير كبير على كتاباته، ومن الواضح أن الفقر والحياة الصعبة حاصرته منذ الأيام الأولى، حيث ولد لأسرة فقيرة، توفى والده عندما كان فى الخامسة من عمره، على أثر إصابته بالكوليرا، وتركته والدته ليربيه جده، بعدما تزوجت من شخص آخر.
اضطر مكسيم جوركى إلى أن يعمل منذ أن بلغ الثامنة من عمره، فعمل مساعدا حرفيا وعاملا على سفينة وعاملا فى مصنع، وتعلم القراءة والكتابة فى هذه الفترة، عند بلوغه الواحدة والعشرين تحول إلى متشرد جال فى أنحاء روسيا مدة سنتين.
كان جوركى ماركسياً متفانياً وتبرع بالكثير من عائدات أعماله لهذه القضية، من أجل الحزب البلشفى عام 1903، رغم أنه لم يصبح عضواً فى الحزب بشكل رسمى، فى عام 1905 دخل جوركى إلى السجن أثناء الثورة الروسية.
غادر روسيا عام 1906 إلى الولايات المتحدة ثم استقر فى جزيرة Capri الإيطالية وأمضى فيها سنواته السبعة التالية، و فى عام 1913 عاد إلى روسيا، واستقر فيها أثناء سيطرة البلشفيين وفلاديمير لينين على البلاد عام 1917، اعترض مكسيم جوركى على الإجراءات غير الديمقراطية التى كانت تتم فى البلاد وعبر عن ذلك من خلال كتاباته.
فى عام 1933 مُنع مكسيم جوركى من السفر، وأصبح رئيساً لاتحاد الكتاب السوفييت منفذاً وجهة نظر ستالين التى تقول إن "الكتّاب هم تقنيّو الثقافة ومهندسو الروح".
رشح مكسيم جوركى أكثر من مرة للحصول على جائزة نوبل لكنه لم يحظ بها، وكان صديقا للزعيم الروسى الكبير لينين، وظل مؤمنا بأفكاره حتى رحل.