أكد الدكتور محمد عبد العاطى، وزير الموارد المائية والرى، فى أعقاب انتهاء اجتماع وزراء المياه فى مصر والسودان وإثيوبيا حول سد النهضة الإثيوبى والذى عقد أمس الأربعاء، أن مفاوضات سد النهضة التى أجريت على مدار الفترة الماضية لم تحقق تقدما يذكر، وذلك بسبب المواقف الإثيوبية المتعنتة على الجانبين الفنى والقانوني، حيث رفضت إثيوبيا خلال مناقشة الجوانب القانونية أن تقوم الدول الثلاث بإبرام اتفاقية ملزمة وفق القانون الدولي، وتمسكت بالتوصل إلى مجرد قواعد إرشادية يمكن لإثيوبيا تعديلها بشكل منفرد.
وتابع عبد العاطى فى بيان اليوم: "كما سعت إثيوبيا إلى الحصول على حق مطلق فى إقامة مشروعات فى أعالى النيل الأزرق، فضلاً عن رفضها الموافقة على أن يتضمن اتفاق سد النهضة آلية قانونية ملزمة لفض النزاعات، كما اعترضت إثيوبيا على تضمين الاتفاق إجراءات ذات فعالية لمجابهة الجفاف".
كما ذكر وزير الري، أنه رغم طول أمد المفاوضات على مدار ما يقرب من عقد كامل، إلا أن مصر انخرطت فى جولة المفاوضات الأخيرة التى دعا إليها السودان الشقيق بحسن نية سعياً منها لاستنفاد واستكشاف كل السبل المتاحة للتوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن حول سد النهضة، بما يؤمن لإثيوبيا تحقيق أهدافها التنموية من هذا المشروع، مع الحد، فى الوقت ذاته، من الآثار السلبية والأضرار التى قد يلحقها هذا السد على دولتى المصب، ولكن للأسف، استمرت إثيوبيا فى مواقفها المتشددة.
وأوضح وزير الرى أن إثيوبيا اعترضت فى ختام اجتماعات وزراء الرى على اقتراح بأن تتم إحالة الأمر إلى رؤساء وزراء الدول الثلاث كفرصة أخيرة للنظر فى أسباب تعثر المفاوضات والبحث عن حلول للقضايا محل الخلاف، ما أدى إلى إنهاء المفاوضات.
واختتم الدكتور محمد عبد العاطى وزير الموارد المائية والرى تصريحاته بالإعراب عن التقدير العميق لمبادرة جمهورية السودان الشقيق للدعوة لهذه الاجتماعات ومساعيه الجادة لدعم المفاوضات بهدف التوصل إلى اتفاق.
في الوقت نفسه أصدرت وزارة الرى السودانية بيانًا قالت فيه: "تواصلت اليوم المفاوضات الثلاثية بين مصر وإثيوبيا والسودان برئاسة وزراء الري في البلدان الثلاثة، وسبقت هذه الجلسة اجتماعات اللجان الفنية والقانونية سعيًا للتوصل لحلول مرضية وعادلة حول القضايا الخلافية"
وتابعت الوزارة: "رغم التقدم المعتبر الذي تم تحقيقه في الجوانب الفنية المتعلقة بملء وتشغيل سد النهضة، إلا أن الخلافات في الجوانب القانونية كشفت عن خلافات مفاهيمية حقيقية بين الأطراف الثلاث حول عدد من القضايا على رأسها مدى إلزامية الاتفاق وآلية حل النزاعات وعدم ربط الاتفاق بأي اتفاقيات أخرى باعتبار أن الاتفاق الحالي يفترض أن يتعلق بملء وتشغيل السد وليس بتقاسم حصص المياه بين الدول الثلاثة.
واختتمت وزارة الرى السودانية: "وعلى ضوء هذه التطورات، طلب الوفد السوداني إحالة الملفات الخلافية لرؤساء الوزراء في الدول الثلاثة للوصول لتوافق سياسي بشأنها بما يوفر الإرادة السياسية التي تسمح باستئناف المفاوضات في أسرع وقت بعد التشاور بين وزراء الري في الدول الثلاثة"
وفى سياق متصل أكد الدكتور أحمد المفتى، أستاذ القانون الدولى السودانى، والعضو السابق في وفد الخرطوم بمفاوضات حوض النيل، أن مفاوضات سد النهضة منذ عام 2011 لا تتكلم عن الأمن المائى والإحتياجات الحالية والمستقبلية لدولتى المصب "مصر والسودان" وأمان السد، لافتًا إلى أن هناك ضعفا شديدا في آمان السد.
وأضاف المفتى في "لايف" عبر الصفحة الرسمية لـ"اليوم السابع" على فيس بوك أن هناك التزامًا في البند رقم 8 من إعلان المبادئ بأن تستكمل إثيوبيا أمان السد ولم تستكمله، بالإضافة إلى ذلك هناك دراسات اقتصادية واجتماعية وبيئية حول تأثيرات السد.
وأكد المفتى أن النقطة المهمة هي أنه لابد أن يكون هناك اتفاق نهائي ملزم قبل البدء في ملء السد، وهذه الأشياء لم يتم الاتفاق حولها، بل في آخر جلسة عقدت بين الثلاث دول لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي ملزم قبل ملء السد خاصة أن إثيوبيا أعلنت على لسان رئيس وزرائها أنها سوف تبدأ في ملء السد يوليو المقبل حتى الآن لا يوجد أى اتفاق واتضح أن هناك خلافات قانونية كثيرة جدًا أحيلت إلى لجنة قانونية من الدول الثلاثة وكان من المفترض أن تقدم تقريرًا عن الأربع نقاط التى أحيلت لها، والأنباء التي يتم تداولها أنه تم رفع الآمر إلى رؤساء الوزراء ما يعنى أن المفاوضات التي بدأ في 2011 بين وزراء الرى فشلت فشل ذريع .
وأوضح المفتى أن السودان هي الأكثر تأثرًا من سد النهضة، لافتقاده لعناصر الأمان، وأيضًا لتأثيره على حصة الخرطوم المائية، مؤكداً أن إثيوبيا ترفض الالتزام بالحصص التاريخية لدولتى المصب "مصر والسودان".
وقال المفتى إنه رفض الاشتراك في مفاوضات سد النهضة منذ البداية، لكنه يراقب الوضع ويعرف كل التفاصيل، ومنها تقرير اللجنة الدولية الصادر سنة 2013، الذى تحدث عن آمان السد، وقال: "تحدثت الدراسات عن ضرورة إجراء دراسات اقتصادية واجتماعية وبيئية لتوضيح تأثيرات السد، لكن هذا لم يحدث، وهذا في حد ذاته أمر غريب جدًا، لأن الدراسات ان من المفترض أن تبدأ قبل التشييد، لكن الآن السد أقترب من الاكتمال، كما أننا ركزنا على الدراسات ولم نتحدث عن الأمن المائى".
وأضاف المفتى: "السودان ما عنده حصة مياه، ومش هيلاقى مياه، هل هناك تأثيرات سلبية أكثر من ذلك"، مشددًا على أن مشكلة الأمن المائى لم تحسم حتى اليوم ولم تناقش بجدية خلال المفاوضات، موضحًا أن هناك آثار سلبية وبيئية كثيرة للسد على السودان، مشيرًا إلى أنه سيكون الأول تأثرًا بعد أيام قليلة من بدء ملء السد، لذلك فإن السودان سيكون الأكثر تضررًا حتى من مصر.
ووصف المفتى مفاوضات سد النهضة بأنها "عبثية" لأنها تتفاوض منذ 2011 وإثيوبيا لا تعترف بمخرجات المفاوضات فهى تعتقد أن المياه مثلها مثل البترول من حقها أن تتصرف فيها بمفردها، وتجود على مصر والسودان بما هو مناسب في تقديرها بدون أي التزام لذلك لابد من البحث عن مسار آخر غير المفاوضات الذى أثبت فشله وقد تحدث مواجهة، لابد من حل عادل ومنصف مستدام.