الجميع يختلط لديهم الأمر بين معرفة قيمة الأشياء، أو البشر، وبين الإحساس بتلك القيمة، فدعوني يا سادة أوضح لكم الفارق الشاسع بين الأمرين.
فمعرفتك بقيمة الأشياء هي واقع ملموس، أي أنها معلومة تصل إليك بأن قيمة هذا الشيء تساوي كذا، أما إحساسك بقيمته، فهي الأمر الواقع الذي يجب أن تُعول عليه؛ لأن إحساسك هذا هو الذي يجعلك تُحافظ عليه وتحميه، ولا تستهتر به، فعلى سبيل المثال، إذا قال لك أحدهم أن ذلك الخاتم يُساوي مائة ألف دولار، فهذه مُجرد معلومة قد وصلت إليك، ولكن إحساسك بأنه غالي القيمة، يجعلك تضعه في خزانة ذات أرقام سرية، ولا تُطلع أحدًا على مكانه، وإذا استعملته يكون استعمالك مليء بالحرص، وتُقرر ألا تُفرط فيه مُطلقًا، وإذا حدث وفرطت فيه، ففي هذه الحالة ستمنحه لأعز الناس لديك، أو ستبيعه بما يُضاعف قيمته الحقيقية، فهذا هو الإحساس بالقيمة.
وهذا الأمر يُمكن قياسه على الأشخاص أيضًا، فيُمكنك أن تُقابل شخصًا، وتكون مُلمًا بالكثير من المعلومات عنه، مثل أنه حسن الخُلق، طيب العشرة، صادق الحديث، حُلو الكلام والروح، جميل الوجه، أنيق الهندام، خفيف الظل، أصيل الجذور، سخي اليدين، ناجح وطموح، وذُو مُستقبل باهر، صديق صدوق، وغيرها من الصفات النادرة، أو التي يصعب اجتماعها في شخص واحد، فهنا تكون قد عرفت قيمته.
أما إحساسك بقيمته، فهذه نقرة أخرى، فهي تعني في المقام الأول أنك تُحاول فهمه والوصول إلى عقليته، وطريقة تفكيره؛ حتى تُصبح قريبًا منه نفسيًا، ثم عليك أن تُحافظ عليه، وألا تخسره بسُلوكياتك، سواء المقصودة أو غير المُتعمدة، والأهم أن تُؤمن من داخلك أن من يُقابل أشخاصًا ذوي صفات خاصة ونادرة، يكون أغنى البشر، لأنه سيجد السند في الحياة، ومن سيُلقي بأعبائه عليهم، وهو مُطمئن ومُرتاح البال، فهُنا ستكون قد شعرت بقيمة هذا الشخص، وبالتبعية لن تخسره.
وأخيرًا، فالفارق بين معرفة القيمة والإحساس بها، يتجلى في أن الأولى لا تكفي للحفاظ على الأشياء أو البشر، أما الثانية لو تحققت، فهي التي تجعلنا نحتفظ بكل ما هو ثمين، وذُو قيمة في حياتنا.
بقلـــم د./ داليا مجدي عبد الغني
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة