أبرزت صحيفة الوطن السودانية تعنت إثيوبيا فى مفاوضات سد النهضة وإصرارها على تمرير أجندتها فى الملء والتشغيل، وتجاوز مسألة أمان السد والآثار المترتبة عليه.
ونقلت الصحيفة عن المجموعة المدنية المناهضة لمخاطر سد النهضة الإثيوبي تأكيدها بأنها تابعت باهتمام بالغ وقلق كبير تطورات المفاوضات، واستهجنت المجموعة بشدة موقف السودان التفاوضى، مشيرة إلى أن الوفد التفاوضى يصر على لعب دور الوسيط برغم تصريحات المسؤولين بأنه طرف أصيل وليس مجرد وسيط.
وأوضحت المجموعة المدنية المناهضة لمخاطر سد النهضة الإثيوبى أن موقف إثيوبيا المراوغ والمتعنت يشير إلى أنها تخفي غير ما تظهر وأنها ماضية في طريقها للسيطرة على موارد النيل الأزرق برغم ادعائها عدم نيتها الإضرار بالسودان ومصر.
واستنكرت المجموعة استمرار تماهي الجانب الرسمي السوداني مع الموقف الإثيوبي دون أى اعتبار لمصالح الشعب السوداني، وأكدت رفضها لتصريح وزير الرى السودانى ياسر عباس بأن سد النهضة أكثر أمنا من السدود السودانية، معتبرة أن وزير الري بهذا التصريح قد ضرب بعرض الحائط كل التحذيرات التي أكدتها لجنة الخبراء الدولية عام 2013م وكل الأوراق العلمية التي تحدثت عن احتمال انهيار السد فى حالة إصرار إثيوبيا على ملء بحيرته بسعة 74 مليار متر مكعب فى ظل أساسات هشة وفوالق أكدتها لجنة الخبراء الدولية.
وأشارت المجموعة إلى أنها تلفت نظر المسؤولين لإفادة وزير الري السودانى الأسبق كمال على التى أوضح فيها بكل شفافية خطر سد النهضة على السودان، وخرق إثيوبيا لمبدأ الإخطار المسبق لدول المصب قبل التشييد.
وجددت المجموعة مطالبتها لمجلس السيادة ومجلس الوزراء باتخاذ موقف يؤكد عدم تفريطهم في أمن وسيادة الوطن، وأكدت أنها تستغرب لتجاهل المجلسين لخطاباتها وتحذيراتها، مؤكدة أن التاريخ لا يرحم، لافتة إلى موقف المجلسين الضعيف تجاه قضية سد النهضة برغم وضوح المؤامرة التي مررها النظام البائد حتى تدعم إثيوبيا موقف الرئيس المعزول أمام المحكمة الجنائية برغم أن وزير الرى وقتها حذر الرئيس المخلوع، وأفاض فى شرح المخاطر.
وأكدت المجموعة أن رغبة إثيوبيا بالسيطرة على الموارد المائية وتحويل مجرى نهر النيل الأزرق هي ليست ادعاء أجوف، وأن إثيوبيا كانت خلال التاريخ دائما ما تهدد السودان ومصر بتحويل مجرى النيل الأزرق وأشهرها كانت محاولة الإمبراطور يكوان أملاك، وخلفه الإمبراطور تسفا صهيون في القرن الثالث عشر الميلادي، ومحاولات لاحقة لأكثر من ملك. وأشارت إلى أن التاريخ عبرة وعظة ولا حاضر بلا ماض، ولا مستقبل بلا حاضر يتعظ من تكرار أحداث الماضي.
وكشفت وزارة الرى السودانية أن أبرز الخلافات بين الوفود الثلاثة يتعلق بالجوانب القانونية، خصوصا فى إلزامية الاتفاقية وكيفية تعديلها، بالإضافة إلى آلية حل الخلافات حول تطبيق الاتفاقية وربط الاتفاقية بقضايا غير ذات صلة بها تتعلق بتقاسم المياه باعتبار أن قضية مفاوضات سد النهضة الحالية هي الملء الأول لسد النهضة وتشغيله.
بدوره وصف د. أحمد المفتي، خبير المياه والقانوني، الجلسة الخامسة الاثنين الماضي بالكارثة، موضحا أنه لا حديث عن المسودة التوافقية التي كلف السودان بإعدادها، وإثيوبيا لا تريد تضمين الاتفاقية، أى حصة مياه للسودان، أو امان السد، أو التعويض عن الأضرار ويضيف المفتى قائلاً فشلنا فى الحصول علي بيان مكتوب عن الجلسة الخامسة، مؤكدا أن السودان شريك كامل، وليس وسيطا في المباحثات، وأن السودان هو الدولة الأكثر تأثرا بسد النهضة الإثيوبى، وأن السودان يحترم حق الدول في التنمية وفق قواعد القانون الدولى، فيما يتعلق بموضوعات المياه، وأهمها الاستخدام المنصف والمعقول، دون إلحاق ضرر ذو شأن بالآخرين وأن المفاوضات قد حققت تقدما كبيرا، فى الملفات الفنية، المتعلقة بأمان السد، والملء الأول، والتشغيل طويل الأمد، وتبادل البيانات، والدراسات البيئية.
وأوضح المفتى أن الفقرة المتعلقة بالجوانب القانونية بفقراتها الفرعية الخمسة، فهي كارثة وطنية علي السودان، ينبغى على جميع السودانيين الوقوف عندها، للأسباب التالية وأهمها أن الخلافات القانونية التي تحدثت عنها الفقرة أعلاه، لم تشر إلى موقف مسودة الاتفاقية التوافقية، التي كلف السودان بإعدادها في الجلسة الرابعة، وفي ذلك عدم وضوح، وعدم إعلان عما تم من نقاش حول تلك المسودة، والحديث في الفقرة الفرعية عن الاختلاف حول إلزامية الاتفاقية.
أما عن آلية حل الخلافات، أوضح المفتى أن إثيوبيا تريد ألا يتم أى إجراء في ذلك الصدد إلا بموافقتها، كما نصت على ذلك من قبل في المبدأ رقم 10 من إعلان مبادئ سد النهضة، ووضح أن إثيوبيا تعتبر موضوع تقاسم المياه (الأمن المائي)، ليس له أي صلة بالاتفاقية المزمع إبرامها، والتى ينبغي، حسب رأيها، أن تقتصر على أمرين فقط، وهما الملء الأول والتشغيل السنوى.
وأوضحت الصحيفة السودانية أن المنهج الذي تتبعه أثيوبيا في التعنت ومحاولة فرض الأمر الواقع على السودان ومصر يراه خبراء ومراقبون أنه يماثل اللعب بالنار في ملف بالغ الحساسية، باعتبار أن المياه لها قوانين ومواثيق دولية في الأنهار المشتركة، وأكد خبراء عسكريون أن التصعيد الإثيوبي العسكري على حدود السودان الشرقية يأتى فى إطار الضغط، ويرتبط بسد النهضة والتفاوض، وأكدوا أن القوات المسلحة السودانية قادرة على الرد وحماية موارد ومكتسبات السودان.