مع ذكرى ثورة 30 يونيو، وتوالى إنجازات الرئيس عبد الفتاح السيسي، أصبحت مصر مركزًا إقليميًا ودوليًا مهمًا للطاقة، وهزمت المؤامرات التركية، لتنجح فى أن تصبح قبلة الطاقة فى المنطقة بتأسيس منتدى غاز شرق المتوسط الذى استهدف تحقيق تعاون أكبر يعود بالنفع عليها، خصوصًا مع وجود احتياطات كبيرة من الغاز فى هذا الإقليم.
فى أغسطس 2015 اكتشفت مصر أكبر حقل غاز في تاريخها وفي البحر المتوسط، وباحتياطيات قدرت بـ30 تريليون قدم مكعب أصبحت مصر قادرة على أن تحلم، أن تتحول إلى مركز إقليمي للطاقة، من خلال أن تكون نقطة التصدير المركزية لغاز شرق المتوسط بالكامل، سواء من حقلها الضخم “ظهر”، أو من حقول إسرائيل وقبرص إلى أوروبا.
ولم تدّخر مصر جهدًا لتحقيق حلمها حيث انطلقت في جميع الاتجاهات وأبرمت عدة اتفاقيات ومذكرات تفاهم لتنفيذ المهمة، وارتكز الحلم المصرى بشكل محوري على ما يتوفر لديها من بنى تحتية تتكون من خط غاز تربطها بإسرائيل، فضلًا عن محطتين لإسالة الغاز في إدكو ودمياط يمكن أن يكونا نقطة تصدير لأوروبا.
محطتا الإسالة على وجه التحديد كانتا العنصر الأبرز في التفوق المصري، إذ يمكن لهما تسييل الغاز القادم من إسرائيل وقبرص، وشحنه في الناقلات البحرية إلى أوروبا، وجعلت من مصر المركز الوحيد الجاهز لتصريف غاز شرق البحر المتوسط إلى أوروبا والعالم.
كذلك وقّعت مصر مع قبرص اتفاقية لإنشاء خط أنابيب بتكلفة مليار دولار يربط حقل غاز أفروديت أضخم حقول الغاز القبرصية بمحطات تسييل الغاز في مصر.
ولكن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان طمع فى حصة من غاز البحر المتوسط، في الوقت الذي تزايد فيه تعاون عدد من دول المنطقة وتشكيلهم منتدى غاز شرق متوسط بقيادة مصر، ولعبت أطماع تركيا الإقتصادية والصراع السياسي بالمنطقة، دورا مزدوجا في علاقات تركيا بدول البحر المتوسط، حيث تحاول أنقرة جذب حليف لها متمثلًا فى الحكومة الليبية لوضع قدم في منطقة شرق البحر المتوسط، وهو ما ترفضه دول منتدى غاز شرق المتوسط، التي ترتبط بعلاقات غير جيدة مع تركيا؛ لذا نرى قبرص تقترب أكثر من القاهرة، وتريد أن تُنشئ أنبوب ينقل الغاز من أراضيها إلى مصر، ومن مصر إلى أوروبا، وهو ما يُقابل برفض من الجانب التركي.
ووقفت مصر ضد أطماع تركيا، حيث بدأت في اتخاذ خطوات استباقية من شأنها تعزيز مكانتها كأحد القوى الرئيسي بالمنطقة في صناعتي النفط والغاز؛ حيث بدأت مصر في استيراد الغاز الإسرائيلي؛ لأخذ مبادرة تصدير الغاز إلى أوروبا والاستفادة من فائض إنتاج الغاز بالشرق الأوسط.
الأمر لا يتوقف على استيراد الغاز الإسرائيلي فقط؛ فوفقًا للعديد من التقارير الدولية فإن مصر، التي تضم مياهها الإقليمية أكبر احتياطات للغاز الطبيعي في المنطقة، تعزز مكانتها في سوق الطاقة العالمية من خلال الاتفاق المتوقع مع قبرص لاستيراد الغاز وتسويقه أوروبياً بعد تحويله إلى غاز مسال بفضل منشآتها الفريدة في مجال إسالة الغاز.
وخلال العامين الماضيين، غيرت مصر خريطة تجارة الغاز الطبيعي، بفضل إنتاجها المبكر من حقل ظهر، الذي يتجاوز إنتاجه الآن حاجز الـ 3 مليارات قدم مكعب يوميًا، ما ساهم في وصول إنتاج مصر لـ 7.2 مليار قدم بنهاية 2019.
وحذرت مصر لأكثر من مرة سابقة من محاولة المساس بالسيادة المصرية فيما يتعلق بالمنطقة الاقتصادية داخل المياه الخاصة بها في شرقي البحر المتوسط، وأكدت وزارة الخارجية أن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص لا يمكن لأي طرف أن ينازع في قانونيتها وأن الاتفاقية تتسق وقواعد القانون الدولي، وتم إيداعها كاتفاقية دولية في الأمم المتحدة.
وشحنات الغاز التي ستوجهها مصر إلى مصانع الإسالة؛ وقفت بشكل مباشر ضد مساعي تركيا لمحاولة استغلال الغاز الليبي عبر إنشاء خط أنابيب لنقله إلى أوروبا وتحقيق عائد اقتصادي جيد لأنقرة، وبالتالي باتت فرص مصر أقوى في التحول إلى مركز إقليمي بالمنطقة، ولعب دور المتحكم الرئيسي بسوق تداول الغاز والطاقة.
ورغم عمليات التنقيب التي تقوم بها أنقرة، إلا أن المناطق البحرية التابعة لها لا يوجد بها آبار غاز أو نفط، وهو ما دفعها في وقت سابق من هذا العام خلال شهر يوليو الماضي إلى إرسال سفن للتنقيب عن الغاز قبالة سواحل قبرص، وهو ما اعتبرته نيقوسيا استفزازا وتحركا غير قانوني.
فالتقرب التركي نحو ليبيا هو رغبة منها في توفير موارد طاقة جديدة لأنقرة، ولذلك أبرمت أنقرة في 27 نوفمبر الماضي اتفاقا بحريا مثيرا للجدل مع حكومة الوفاق الوطني الليبية تسيطر بموجبه تركيا على مناطق لا تخضع لها بموجب القانون الدولي، وهو ما أثار غضب اليونان وقبرص.
لكن مصر التي تقف بالمرصاد في وجه أطماع تركيا؛ عقدت منتدى غاز شرق المتوسط، في القاهرة، بحضور وزراء الطاقة المصري والقبرصي والاسرائيلي واليوناني والإيطالي والأردني والفلسطيني لتأسيس منظمة إقليمية للغاز خلال انعقاد القمة.
و كشف تقرير بثته قناة "مباشر قطر"، عن أحلام الديكتاتور العثمانى بالسيطرة على غاز البحر المتوسط التى تحولت إلى كابوس مزعج بسبب النجاحات المتتالية لمصر بتحقيق اكتشافات ضخمة فى شرق المتوسط، إضافة إلى اتساع هوة الخلاف بين مصر وقبرص واليونان من جهة وتركيا من جهة أخرى، كما رفض الاتحاد الأوروبى أنشطة التنقيب غير القانونية التى تقوم بها إسطنبول فى المياه الاقتصادية بقبرص.
وزادت أنقرة من رهاناتها بالتحركات الأخيرة لاستكشاف المياه التي تسيطر عليها قبرص واليونان، مما تسبب فى انزعاج عميق بين البلدين العضوين فى الاتحاد الأوروبى، وأرسلت تركيا سفن الحفر التى اصطحبتها السفن الحربية إلى المياه التى تتمتع فيها قبرص بحقوق اقتصادية حصرية.
وأوضح التقرير أن الاتفاق بين أنقرة وطرابلس أثار حفيظة الدول المجاورة لها فى المتوسط ، ذلك أن الاتفاق يمنح تركيا سيادة على مناطق واسعة من البحر، خصوصا وأنه لا يأخذ بعين الاعتبار وضع جزيرة كريت اليونانية، وكانت تركيا أثارت فى البداية غضب قبرص، وردود فعل من الاتحاد الأوروبى بإرسالها سفنا للتنقيب عن النفط والغاز قبالة الجزيرة المقسومة.
وأشار التقرير إلى أن "الحرب الدائرة فى ليبيا حالياً سببها طموحات اردوغان بشأن الغاز الطبيعى فى البحر المتوسط، ومن المتوقع ان تزداد التوترات فى شرق البحر المتوسط بسبب استيراتيجية تركيا العدوانية، للسيطرة على موارد الغاز".