طفل صغير يتربع على دكة التلاوة المخصصة لقراء القرآن الكريم في إحدى سرادقات العزاء الكبيرة في القاهرة، عمره لم يتعد بعد 14 عامًا، جلس وكله ثقة ونظرات المعزين من حوله تدقق وتحقق في ذلك الصبى الذى اعتلى "دكة" الكبار، فما كان منه إلا أن جذب آذانهم بصوته المميز والخاشع، ليأتى أحد كبار القراء إليه مهرولا من وسط سرادق العزاء ويقول له إنه سيكون له شأن كبير وعليه التقدم للإذاعة، إنه الشيخ أبو العينين شعيشع، الذى تمر ذكرى رحيله اليوم 23 يونيو.
الشيخ أبو العينين شعيشع يعزف على العود
ولد الشيخ أبو العينين شعيشع فى 12 أغسطس عام 1922، في مدينة بيلا بمحافظة كفر الشيخ، وكان الابن الثانى عشر لأبيه، ويحكى شعيشع عن والده حيث يقول:"كان والدى رحمه الله يريد أن يلحقنى بكلية الشرطة لأصبح ضابط بوليس غير أنه توفى وعمرى 9 سنوات وبعدها بنحو عام نصح بعض الأهل والدتى بأن تلحقنى بكٌتاب القرية لأحفظ القرآن الكريم، وبالفعل التحقت بالكتاب وحفظت القرآن وعمرى 12 عامًا".
بدأ صيت الشيخ أبو العينين شعيشع يذيع في قريته والقرى المجاورة، خاصة بعد مشاركته بالتلاوة فى حفل أُقيم بمدينة المنصورة فى ذلك العام، والتى تبعدُ عن مدينة بيلا بحوالى 27 كيلو متراً فقط.
الشيخ أبو العينين شعيشع
كما يروى الشيخ أبو العينين شعيشع أنه كان في القاهرة مع أحد أقربائه وحضر عزاء معه، وطلب منه أن يصعد على دكة التلاوة ويقرأ ما تيسر من القرآن، فأعجب به المعزون، قائلاً: "فوجئت بأحد كبار القراء يأتي إلى ويثنى على تلاوتى هذه ويقول لى لماذا لم تلتحق بالإذاعة فضحكت كثيرا فكيف لى أن ألتحق بالإذاعة التي بها فطاحل مثل الشيخ محمد رفعت والشعشاعى والصيفى وغيرهم".
كان الشيخ أبو العينين شعيشع من أصغر القراء الذين التحقوا بالإذاعة، حيث التحق بها في عام 1939 وعمره لم يتجاوز بعد 17 عامًا، وعرف عنه تأثره بالشيخ محمد رفعت، وهو ما دفع الإذاعة إلى الاستعانة به لإصلاح الأجزاء التالفة من تسجيلات الشيخ محمد رفعت دون أن يحصل على أجر، كما أنه يعد أول قارئ مصري يقرأ القرآن الكريم في المسجد الأقصى.
الشيخ أبو العينين شعيشع يقرأ في القصر الملكى
بدأ الشيخ أبو العينين شعيشع صناعة مدرسة خاصة به واتخاذ أسلوبا فريدا في التلاوة وذلك بداية من منتصف الأربعينيات، وبدأت شهرته ومدرسته الخاصة تذيع صيتها في مصر والعالم.
وفى عام 1969م عُين الشيخ أبو العينين شعيشع، قارئاً لمسجد عمر مكرم بميدان التحرير، وسط القاهرة، ثم قارئاً لمسجد السيدة زينب عام 1992م، وناضل كثيراً فى بداية السبعينات من القرن الماضى لإنشاء نقابة القراء مع كبار قراء القرآن الكريم فى مصر حينذاك، وقد انتُخب نقيباً لنقابة القراء منذ عام 1988م، خلفاً للقارئ الراحل الشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد، وظل نقيباً لها حتى وفاته.
كما عُين شعيشع عضواً بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وعميداً للمعهد الدولى لتحفيظ القرآن الكريم، وعضواً للجنة اختبار القراء بالإذاعة والتليفزيون، وعضواً باللجنة العليا للقرآن الكريم بوزارة الأوقاف، وعضواً بلجنة عمارة المسجد بالقاهرة. وحصل على وسام الدولة عام 1989 كما حصل على وسام الرافدين من العراق، ووسام الأرز من لبنان، ووسام الاستحقاق من سوريا، وفلسطين، وأوسمة من تركيا، والصومال، وباكستان، والإمارات العربية المتحدة، وبعض الدول الإسلامية، وتوفى أبو العينين شعيشع فى مثل هذا اليوم 23 يونيو عام 2011.
الشيخ أبو العينين شعيشع مع أحفاده