انبهر العالم بظهور أول تلفاز، وانبهروا بظهور أول هاتف، وانبهروا بظهور أول جهاز كمبيوتر، ومع كل تطور تكنولوجي كان العالم ينبهر ويسعى لشراء هذه الاختراعات التي أحدثت ثورة علمية، والتي سهلت على الإنسان حياته؛ فبالطبع الجيل الذي عاصر التلغرافات والترانك كان ينجذب لتلك الاختراعات التي جعلت العالم قرية صغيرة.
وظلت التطورات مُستمرة وكان هناك صراع بين المخترعين وبين الزمن؛ فكانوا يحاولون اختراع كل ما هو مُريح للإنسان، إلي أن ظهرت "مواقع التواصل الاجتماعي" كما يُطلق عليها البعض.
هذه المواقع كان من الُفترض أن تُقرب الناس من بعضهم البعض وأن تنشر الثقافات المُختلفة وأن تساعدك على تكوين أصدقاء أو تساعدك في الحصول على وظيفة أو تقوم من خلالها بالترويج السياحي لبلدك.
كان من المُفترض أن تكون هذه المواقع مفيدة وفيها شىء من المرح ولكن بكل أسف استخدمها البشر في التفكك الاجتماعي.
وأصبحت هذه المواقع مكانا للسب والقذف، أصبحت مكانا للتعصب الفكري والديني، أصبحت مكانا للتنمر وإدانة الناس والحكم عليهم دون وجه حق، كل ما نشاهده الآن على هذه المواقع هو الغصب والتعصب والافتراء وادعاء المثالية.
لم يفهم الإنسان أن الغرض من هذه المواقع هو نشر فكرة "اختلاف الآراء لا يُفسد للود قضية"، بل أصبح الناس يرفضون الاعتراف بوجود اختلافات بيننا وأصبحوا يصنفون البشر على حسب آراءهم ومعتقداتهم.
لقد أغفل الناس أن الآراء والثقافات تختلف من بيئة لأخرى ومن تربية لأخرى ومن سن لآخر.
أصبح الناس فئات على مواقع التواصل الاجتماعي؛ فئة متمسكة برأيها وتريد إرغام البقية على هذا الرأي وفئة مُعادية لتلك الأفكار وفئة تدعي الكذب والافتراء عليهما.
ومن هنا بدأ التفكك الاجتماعي وتكوين الفجوات بين الناس، من هنا بدأ الشباب "جيل التكنولوجيا" يكتئب وينسحب من الساحة، من هنا بدأ بعض الناس يخافون من تواجدهم في مجتمع بمثل هذه الأفكار، من هنا بدأ التطرف الفكري.
ونتيجة لهذا التفكك بدأ الجيل الجديد يتمنى لو كان يعش في عصر الرسائل الورقية والتلغرافات؛ ذلك العصر الهادئ الخالي من الضوضاء والتطرف على عكس أجدادنا الذين كانوا يتمنون تطور حياتهم لتصبح سهلة، ولكن للأسف أصبحت الحياة صعبة بسبب استخدام الانسان الخاطئ للتطورات التكنولوجية، ذلك الاستخدام الذي جعل من التواصل تفكك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة