خلال مشاركتها فى الحوار الرقمي لمؤسسة "كيميت بطرس غالى للسلام والمعرفة" حول الاقتصاد العالمي ما بعد جائحة كورونا..
هالة السعيد : والمشاركة في بناء عالم ما بعد كورونا.. ثلاث مهام ترتبط بمراحل تطور الأزمة ورسم التوجهات الاقتصادية والاجتماعية لعالم ما بعد الجائحة
مصر تولى أولوية كبيرة لقضية توطين أهداف التنمية المستدامة والاهتمام بشبكات الحماية الاجتماعية؛ بهدف تحقيق مفهوم «النمو الاحتوائي والمستدام والتنمية الإقليمية المتوازنة»، كأحد الركائز الأساسية لرؤية مصر 2030
شاركت منذ قليل د.هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية؛ ورئيس الهيئة الاستشارية لمؤسسة "كيميت بطرس غالي للسلام والمعرفة" فى جلسة الحوار الرقمي للمؤسسة عبر الفيديو كونفرانس؛ للحديث حول الاقتصاد العالمي ما بعد جائحة كورونا، تحت عنوان "مسئولية الحكومات في مواجهة تداعيات الجائحة المحددات، أفضل الممارسات والمقترحات"، بحضور السفيرة مشيرة خطاب، الرئيس التنفيذي للمؤسسة، و ممدوح عباس رئيس مجلس الأمناء، ود.محمود محي الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لأجندة تمويل التنمية لعام 2030، ود.محمد عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة. وعدد من رموز وأصحاب الفكر والقامات العلمية والدبلوماسية.
فى بداية حديثها قالت د. هالة السعيد إن الأزمة الحالية ذات طابع خاص؛ حيث إنها متعددة الأبعاد، فقد أصابت بشكل مباشر عمليتي العرض والطلب وسلاسل التوريد والإمداد العالمية، حيث توقف نشاط التصنيع، وتراجعت مستويات الأجور، بالإضافة إلى تراجع ثقة المستهلكين، وارتفاع معدلات البطالة، وتزايد حالات عدم اليقين، وفي ضوء ذلك خفضت كافة المؤسسات الدولية تقديراتها وتوقعاتها لأداء الاقتصاد العالمي والاقتصادات الرئيسة لعام 2020، مشيرة إلى خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي أكثر من مرة أخرها الأسبوع الماضي إلى انكماش قدره (-4.9%)، مقارنة بمعدل نمو متحقق في 2019 بلغ 2.9%.
وأشارت السعيد إلى أنه من المتوقع أن تنخفض تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر عالميًا وفق تقديرات منتدى الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UN Conference on Trade and Development – UNCTAD) بنسبة 40% مقارنة بتدفقات 2019 التي بلغت 1.54 تريليون دولار، وهو ما يعني انخفاض تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر عالميًا إلي أقل من تريليون دولار، وهو المستوي الأدنى منذ عام 2005.
وأوضحت السعيد أنه من المتوقع أن تشهد الدول الأقل نمواً هبوطاً أشد حدة في الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالنظر إلى اعتمادها على صناعات كثيفة العمالة، مشيرة إلى أن أكثر القطاعات تضررًا هي القطاعات كثيفة العمالة مثل قطاع السياحة، حيث يشير تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة العالمية إلى انخفاض متوقع في تدفقات السياحة العالمية بنسبة من 60 إلى 80% خلال عام 2020، كما أن من القطاعات الأخرى التي جاءت في مقدمة الخاسرين من الجائحة قطاع الطيران المدني وقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر.
وأشارت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية إلى أنه رغم الخسائر التي شهدتها العديد من القطاعات الاقتصادية، فهناك عدد من القطاعات مرشحة للاستفادة من التغيرات الاقتصادية التي صاحبت وباء كورونا، مثل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وتطبيقاته خاصة في مجالات الصحة والتعليم والتجارة الالكترونية، والقطاع الطبي والأدوية والمستلزمات الطبية وذلك نظرًا لتنامي الطلب، والتوسع في استخدام تكنولوجيا المعلومات في تقديم الخدمات الصحية، فضلًا عن قطاعات الزراعة، والتشييد والبناء والصناعات التحويلية.
وحول أفضل الممارسات للتعامل مع الأزمة أشارت د. هالة السعيد إلى أن الدولة عليها أن تقوم بثلاث مهام ترتبط بمراحل تطور الجائحة والتعايش معها ورسم التوجهات الاقتصادية والاجتماعية والدولية لعالم ما بعد الجائحة، هى ضبط الاقتصاد وحماية الأفراد والفئات الأكثر تضررًا، والقضايا التنموية، والاستعداد للتحديات المحتملة، بالإضافة إلى النظرة المستقبلية والمشاركة في بناء عالم ما بعد كورونا.
تابعت السعيد أنه فيما يتعلق بضبط الاقتصاد وحماية الأفراد والفئات الأكثر تضررًا، فقد اتبعت مصر سياسات مالية تحفيزية؛ بتأجيل مدفوعات الضرائب للأفراد والشركات، وتغطية نسبة من أجور العاملين، وتقديم مساعدات لمحدودي الدخل، بالإضافة إلى اتباع سياسات نقدية تحفيزية لتنشيط الطلب تشمل تخفيض سعر الفائدة وتقديم ضمانات قروض للبنوك، فضلاً عن تقديم الدعم وتوفير السيولة والائتمان وتخفيف الأعباء عن القطاعات المتضررة وفي مقدمتها قطاع السياحة والطيران والشحن والسفر وقطاع المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، وما شهدته هذه القطاعات من إغلاق وتوقف كلي أو جزئي للمنشآت والتأثيرات السلبية لذلك على العمالة في هذه المنشآت.
وأشارت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية إلى توجيه السيد رئيس الجمهورية بتخصيص 100 مليار جنيه لتمويل الخطة الشاملة للتعامل تداعيات فيروس كورونا، ووقف قانون ضريبة الأطيان الزراعية لمدة عامين، ومساندة العمالة المنتظمة وغير المنتظمة؛ موضحة أنه تم بالفعل الأسبوع الماضي صرف الدفعة الثانية (شهر يونيو) من المنحة الاستثنائية وقدرها 500 جنيه للعمالة غير المنتظمة، فضلًا عن إجراءات ومكافآت خاصة للعاملين بقطاع الصحة وزيادة الاستثمارات الحكومية الموجهة للخدمات الصحية في خطة 20/2021، وكذلك قيام الحكومة المصرية بزيادة المعاشات بنسبة 14% والتوسع في الفئات التي يشملها برنامجي تكافل وكرامة، وتأجيل دفع الضرائب العقارية للمصانع والمنشآت السياحية لمدة 3 أشهر، وإطلاق مبادرات تمويلية بأسعار فائدة منخفضة.
وحول الإجراءات الخاصة بدعم الأعمال في مختلف القطاعات ومن بينها قطاع المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، قالت السعيد إن عدد المنشآت في هذا القطاع بلغت نحو 1,7 مليون منشأة تمثل نحو 44,6% من إجمالي عدد المنشآت الرسمية في القطاع الخاص، كما يصل عدد العاملين في قطاع المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر في مصر إلى نحو 5.8 مليون عامل، يمثلون نحو 43.1% من عدد العاملين في القطاع الرسمي المصري ككل، موضحة أن الحكومة المصرية اتخذت عددًا من الإجراءات لمواجهة التحديات التي تواجه القطاع.
وفيما يتعلق بالقضايا التنموية، والاستعداد للتحديات المحتملة؛ قالت السعيد إن هناك عدد من القضايا التى توليها مصر أولوية مثل تعزيز التوجه نحو التحول الرقمي، حيث بلغ اجمالي الاستثمارات العامة في هذا القطاع نحو 50 مليار جنيه في الأعوام الثلاثة الأخيرة، وتأكيداً لاهتمام الدولة بهذا التوجه ارتفعت حجم الاستثمارات الموجهة لهذا المجال في خطة 20/2021 إلى نحو 10 مليارات بنسبة زيادة قدرها نحو 300%، بالإضافة إلى قضية الاهتمام بالاقتصاد الأخضر، حيث تتبنى الحكومة المصرية استراتيجية وطنية للانتقال للاقتصاد الأخضر، وقضية توطين التنمية والاهتمام بشبكات الحماية الاجتماعية؛ وذلك بهدف تحقيق مفهوم «النمو الاحتوائي والمستدام والتنمية الإقليمية المتوازنة»، كأحد الركائز الأساسية لرؤية مصر 2030، هذا بالإضافة إلى قضية الاهتمام بشبكات الحماية الاجتماعية وخلق فرص العمل، مشيرة إلى مبادرتي "حياة كريمة" و"مراكب النجاة" كـأحد أبرز الأدوات لتعزيز مظلة الحماية الاجتماعية.
وحول النظرة المستقبلية والمشاركة في بناء عالم ما بعد كورونا، ناقشت د. هالة السعيد الجهود الدولية والمصرية للتعايش مع فيروس كورونا، مشيرة إلى أهمية الاستثمار فى المستقبل، وعلى رأس هذه الاستثمارات يأتي الاستثمار في الإنسان، من خلال زيادة مخصصات الصحة والتعليم ودعم الابتكار وريادة الأعمال، مؤكدة أهمية تشجيع القطاع الخاص والمبادرات الأهلية لتشجيع جهود تطوير وتمويل البحث العلمي، كما ناقشت السعيد التوجهات العالمية فيما يتعلق بتغير سلاسل التوريد، وكيفية البناء على هذه التوجهات في توطين الصناعات وتشبيك المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر في سلاسل الإمداد والنتاج الوطنية والدولية، وتوجيه الاستثمارات جهة الاقتصاد الأخضر والتكنولوجيا ودعم قطاعات الصحة والتعليم باحتياجاتها التقنية، وهي المجالات التي سيكون لها دور مهم للنمو في المستقبل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة