حدد قانونيون 7 تحديات تواجه نظام التقاضى عن بعد، الذى طبقته محاكم الدولة كإجراء احترازى للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، مؤكدين فى الوقت ذاته أنه حقق المأمول منه وأثبت نجاحه عبر تطبيق ضوابط تضمن نزاهة القضاء، ما وفر الوقت والجهد على جميع الأطراف، ورفع مستوى الخصوصية، لا سيما فى القضايا الأسرية، ومنح المتخاصمين أريحية فى التحدث تجنباً للإحراج وحفاظاً على الحقوق، بحسب صحيفة "الرؤية" الإماراتية .
من جهتها، أكدت جمعية المحامين والقانونيين الإماراتية أنها بصدد عمل استبيان وتوزيعه على المحامين لتقييم التقاضى عن بعد، وعلى ضوء النتائج المرصودة سيتم عمل دراسة شاملة للتجربة ورفع مطالبات إلى اللجان المعنية بوزارة العدل بتطوير هذا النظام بما يحقق المصلحة العامة.
وتمثلت التحديات السبعة، فى صعوبة إبلاغ الشهود بحضور الجلسات المرئية فى زمن «كورونا» وخصوصاً بالنسبة للأشخاص الذين يواجهون مشكلات فى التواصل الإلكترونى والأمور التقنية، مع غياب خاصية الإبلاغ عبر «إعلانات اللصق».
وجاء التحدى الثانى فى تأجيل بعض القضايا لعدم توافر آلية التوقيع الإلكترونى المعتمد للشهود على حلفهم اليمين وإفاداتهم، إلى جانب توقف النظر بالقضايا الجزائية لصعوبة إحضار المتهمين الموقوفين على ذممها، أما التحدى الرابع فتمثل فى أن بعض موظفى المحاكم ما زالوا يقيّمون مستوى عملهم بالحضور للمكاتب وليس بالإنتاجية.
ولفتوا إلى «عدم إلمام المحامين أو الخصوم بالتعامل مع الأنظمة الإلكترونية، ما نتج عنه تعطيل إجراءات التقاضى وتأجيل عدد من الأحكام، كما أن البرامج الذكية المستخدمة بالنظام قد تتعرض لتوقف مفاجئ لعدم فاعلية مزود الشبكات، ما قد يؤدى لعدم وصول المعلومات بشكل دقيق ويؤثر على سير القضايا، وأخيراً التحدى السابع، إذ قد تتعرض هذه البرامج لاختراق من بعض الخصوم بينما تتطلب حمايتها مبالغ مالية كبيرة».
التقاضى الهجين
ورأى رئيس جمعية المحامين والقانونيين الإماراتية المحامى زايد الشامسى أن «التقاضى الهجين» هو أفضل الأنظمة التى يمكن من خلالها تقديم خدمات استثنائية عند تداول القضايا والحكم فيما، فبعض القضايا تستدعى حضور الأطراف للمحكمة أمام الهيئة القضائية، وفى المقابل هناك قضايا يُكتفى بالنظر فيها عن بعد، فالأصل فى القضاء هو «تحقيق العدالة»، لافتاً «على الرغم من أن التداعيات المفاجئة لـ«كورونا» فرضت على محاكم الدولة سواء المحلية أو الاتحادية تطبيق التقاضى عن بعد إلا أنه أثبت نجاحه فى العموم، بغض النظر عن التحديات التى واجهها المحامون وأطراف القضايا وتمثلت فى بطء إنجاز الجلسات المرئية بسبب اختلاف البرامج الإلكترونية المستخدمة وتأخر إرسال روابط حضور الجلسات للمحامين، متابعا «كذلك قد تتوقف بعض التطبيقات الإلكترونية أثناء الجلسات ويتطلب الاستمرار فيها عمل تحديث لها، ما يهدر الوقت».
ولفت إلى أن «المحكمة راعت التحديات التى تواجه الخصوم والمحامين عند تعاملهم مع هذا النظام فاستحدثت نظام «تأجيل القضايا» بدلاً من شطبها عند تعذر حضورهم، لا سيما أن بعض الخصوم غير ملمين بالتقنيات الحديثة أو لا يملكون هواتف ذكية تتيح لهم المشاركة فى الجلسات المرئية».
وأكد أن الجمعية بصدد عمل استبيان وتوزيعه على المحامين لتقييم التقاضى عن بعد، وعلى ضوء النتائج المرصودة سيتم عمل دراسة شاملة للتجربة ورفع مطالبات إلى اللجان المعنية بوزارة العدل بتطوير هذا النظام بما يحقق المصلحة العامة.
تأخر التبليغ
وذكر المحامى والمستشار القانونى حميد درويش إيجابيات التقاضى عن بعد فى اختصاره للوقت والجهد على المحامين وأطراف القضايا، إذ يمكنهم من إنجاز الإجراءات فى مكان واحد عن طريق التعامل الإلكتروني، كما وفر عنصر السرية والخصوصية أثناء تداول الجلسات لاسيما فى القضايا الأسرية، إذ بإمكان هيئة المحكمة تفعيل خاصية «الحجب الإلكتروني» التى تسمح لهم بالاتصال بالطرف المعنى فقط وحجب الأطراف الأخرى، ما يحقق الأريحية فى التحدث مع القاضى تجنباً للإحراج وحفاظاً على الحقوق.
وتابع: «أما تحديات هذا النظام فتمثلت فى تأخر الرد على بعض الطلبات المتعلقة بسير الدعاوى مثل «الإعلان» وهو إخطار أطراف القضية والشهود فيها بضرورة تواجدهم إلكترونياً فى جلسات تحدد لهم الهيئة القضائية تاريخها ووقتها، عازيا تأخر «إعلان» المعنيين بحضور الجلسات إلى عدم وجود نظام ربط إلكترونى بين الإدارة المعنية بالمحكمة ومكتب التبليغ الموجود بمبنى القضاء والمختص بتسليم بلاغ الحضور للأشخاص المعنيين بالحضور، فيستغرق تبليغهم أياماً عدة، ما يؤدى لتأخر صدور الأحكام، موضحاً أن المحكمة توجه «إعلانات لصق» لأطراف القضايا أو الشهود وهى عبارة عن ملصقات توضع على أبواب بيوتهم بعد تعذر التواصل معهم هاتفياً.
وأضاف درويش: «من التحديات كذلك أن جميع القضايا التى تتطلب وجود شهود تأجلت حتى إشعار آخر، لعدم توافر آلية التوقيع المعتمد أو الإلكترونى للشهود على حلف اليمين وإفاداتهم فى جلسات التقاضى المرئي، بالإضافة إلى عدم وجود آلية لفصل الشهود بما يضمن سرية الأقوال التى أدلى بها كل منهم بدون معرفة الآخرين، ما نتج عنه تعطيل إجراءات التقاضي، لا سيما فى القضايا العمالية والأحوال الشخصية التى تترتب عليها حقوق ونفقات مالية.
توقف كامل
وقال المحامى راشد الشامسى إن التقاضى عن بعد وفر على المحامين وأطراف القضايا نحو 80% من الوقت الذى كان يخصص للتوجه للمحكمة والبحث عن مواقف لمركباتهم، كما حقق سرعة البت بمعظم القضايا ما وفر الجهد والمال، متابعاً: «النظر بالقضايا الجزائية توقف بشكل كامل خلال الأشهر الثلاثة الماضية أثناء تطبيق الإجراءات الاحترازية للحد من انتشار فيروس كورونا لأن الأصل بمباشرة هذه القضايا هو حضور المتهمين المكفولين أو الموقوفين على ذمة القضايا الجزائية من أجل الاستماع لترافع المحامين، بخلاف القضايا المدنية والأحوال والعمالية التى لا تستدعى حضور المتهمين فيها».
وأكد «أحياناً لا يكون لدى أطراف القضايا الدراية أو المعرفة التامة باستخدام التكنولوجيا أو البرامج الذكية المستخدمة فى جلسات المحاكم، مضيفاً: «على الرغم من أن التقاضى عن بعد تجربة فريدة حققت نجاحاً استثنائياً نتيجة وجود بنية تحتية قوية، إلا أن معظم الموظفين بهيئات المحاكم ما زال مفهوم العمل لديهم يرتبط بساعات تواجدهم داخل المكاتب وليس بحجم الإنتاجية التى أضحت اليوم وفى ظل تطبيق النظام الجديد فى التقاضى هى المعيار الرئيسى لتقييم مستوى الموظفين».
انتقال مفاجئ
من جانبه، قال المحامى عادل العبدولى إن مرحلة الانتقال من قاعات المحاكم للتقاضى المرئى كان قراراً مفاجئاً، ما أربك بعض المحامين على الرغم من وجود قاعدة بيانات مؤهلة لتطبيق هذا النظام، لا سيما أن جميع تعاملاتهم كانت يدوية وتقدم فى كلفات ورقية مثل مذكرات الدفاع وطلب كفالة متهم وغيرها، إلا أن نظام التقاضى عن بعد أسهم بشكل غير مباشر فى زيادة دخلهم عبر توفير الوقت والجهد إذ بإمكان المحامى الواحد أن يحضر خلال اليوم الواحد أكثر من قضية فى محاكم الدولة عبر الجلسات المرئية الأمر الذى وفر عليه الوقت والجهد.
وأشار إلى أن عدم إلمام الخصوم أو المحامين بالتعامل مع النظام المرئى الإلكترونى نتج عنه تأجيل عدد من القضايا، ما أدى لتعطيل إجراءات التقاضى وتأخر الفصل فى الدعاوى المقدمة.
اختراق النظام
بدوره، اعتبر المحامى والمستشار القانونى محمد بوهارون نظام التقاضى عن بعد مواكباً لإيقاع العصر الحديث فيما يتعلق بسرعة البت فى القضايا، خصوصاً التى يكتفى القاضى فيها بجلسات قليلة حتى يصل لتصور شامل بكافة تفاصيلها وأبعادها ليسهل له الحكم فيها بوقت أقل.
وأشار «على الرغم من تطبيق الضوابط التى تضمن نزاهة القضاء عبر الجلسات المرئية، إلا أن الأجهزة أو البرامج الذكية المستخدمة فى هذه الجلسات قد تتعرض للتشويش والبطء بعمل مزود الشبكات، ما يؤدى إلى عدم وصول المعلومات بشكل دقيق وواضح ويؤثر على سير جلسات التقاضي، وكذلك قد تتعرض هذه البرامج لاختراق أو «تهكير» من الخصوم فى القضايا المختلفة، ما يستدعى تطويرها وتحديثها بشكل دورى لتجنب وقوع مثل هذه الاختراقات، فى حين تتطلب عمليات الحماية مبالغ مالية كبيرة يمكن تجنبها بالرجوع لأصل التقاضى وهو الحضور المباشر للجلسات».
وتابع «تواجد الخصوم أمام الهيئة القضائية داخل قاعة المحكمة يشعرهم بهيبة القضاء وأهمية العدالة ما يدفعهم لقول الحقائق بعيداً عن التردد، فهيبة القضاة جعلت بعض الخصوم يترددون عن حلف يمين إدلاء بشهادات غير حقيقية، الأمر الذى غيّر مسار الحقائق وأسهم فى أن يأخذ الحق مجراه».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة