حكايات من داخل مستشفى العزل بفاقوس.. الدكتور محمد عمر: ودعت أسرتى قبل العيد بيومين.. احتفلنا بولادة سيدة مصابة بكورونا وتألمنا لوفاة أخرى ظنت تخلى أبنائها عنها خوفا من العدوى.. والعامل النفسى أساس التعافى.. صور

الإثنين، 08 يونيو 2020 04:00 م
حكايات من داخل مستشفى العزل بفاقوس.. الدكتور محمد عمر: ودعت أسرتى قبل العيد بيومين.. احتفلنا بولادة سيدة مصابة بكورونا وتألمنا لوفاة أخرى ظنت تخلى أبنائها عنها خوفا من العدوى.. والعامل النفسى أساس التعافى.. صور حكايات من داخل مستشفى العزل بفاقوس
الشرقية- فتحية الديب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى وقت تتصاعد فيه وتيرة انتشار فيروس كورونا المستجد فى مصر، تخضع الطواقم الطبيبة "الجيش الأبيض" لحالة تأهب مستمر لمجابهة الفيروس، على قدم وساق لإنقاذ حياة الحد الأقصى من المصابين رغم وقوع تلك الطواقم الطبية بين فكى تحديات بعضها طبية وأخرى نفسية.

نرصد فى هذا التقرير التالى تجربة عاشها الطبيب محمد عمر بدران داخل مستشفى العزل بفاقوس لمدة 14 يوما وعاد بعد القيام بمهمته.

حكايات من داخل مستشفى العزل بفاقوس (1)

لم يكن يوما عاديا فى حياة الطبيب الشاب محمد بدران إخصائى باطنة وكلى بمستشفى فاقوس العام بمحافظة الشرقية، عندما كان يباشر عمله فى نبطشية يوم 28 رمضان المنقضي، وإذ بمدير المستشفى يخبره بتحول مبنى الطوارئ الجديد بالمستشفى، مكانا لعزل الحالات المصابة بفيروس كورونا المستجد، وضمه إلى أول فريق طبى للعمل بمستشفى العزل، الطبيب الشاب عاد إلى منزله ليحضر حقيبة ملابسه، ويخبر أسرته أن القسم الذى أبره يتطلب منه قضاء 14 يوما خارج المنزل بالانضمام إلى الطاقم الطبى المعالج لحالات كورونا فى مستشفى العزل المخصص جديدا بفاقوس، قبل أن تستقبل أسرته الخبر بالبكاء خوفا عليه لما مرسخ لديهم من وسائل الإعلام من وجود وفيات بين الأطباء المعالجين للحالات المصابة، لم يكن أمام والده المسن 77 سنة سوى الدعاء لنجله العائل له بالنجاة وتأدية واجبه، وزوجته وطفليه التوأم يودعاه بقبلات ودعوات بالعودة سالما، ووالدته تدعو الله أن يحفظه، وفى قلبها خوف شديد لن يتوقف، فلم يستطع أحد من أفراد عائلته أن يمنعه عن الذهاب، وأعد حقيبته مودعا أسرته.

حكايات من داخل مستشفى العزل بفاقوس (2)

يقف الطبيب الشاب ذات الـ38 عاما متمثلا المشهد المستجد عليه، فى أول أيام للعمل فى مستشفى العزل بفاقوس الموافق يوم 29 رمضان، فالأمر تم بصورة مفاجئة دون استعداد لذلك على غرار ما تم فى مستشفى أبوخليفة، من التدريب على ارتداء وخلع بدل العزل جيدا، وخاصة أنها تكون ملوثة بعد التعامل مع الحالات، لكنه أخد على عاتقه المغامرة وعدم التخلى عن المرضي، ارتدى الطبيب بدلة العزل عصر أول يوم لمباشرة العمل، وحضر اجتماع مع الطاقم الطبى المخصص للمهمة من أطباء وتمريض للاتفاق على سير العمل، وكان متبقى ساعتن على أذان المغرب لتناول وجبة الإفطار، وأثناء ذلك كان صوت سيارات الإسعاف يدوى بوصول حالات مصابة للمستشفى، بلغ عددها 38 حالة من محافظتى الشرقية والقاهرة، واستغرق وقت تسكين الحالات حتى الساعة الثالثة فجرا ونسى الطبيب والطاقم الطبى معه تناول الفطار، وكان ما يشغلهم هو خلع ملابس الوقاية وخاصة أن حرارة الجو كانت مرتفعة فى هذا اليوم، لينهض كل منهم فى خلع البدلة والتعقيم وتناول أكواب من المياه والعصير.

حكايات من داخل مستشفى العزل بفاقوس (3)

فى اليوم الثانى داخل العزل، كان الطبيب يطلع ومعه زملاءه على بروتوكول العلاج، وخاصة أن أغلب الحالات التى وصلت المستشفى كانت سيئة وأغلبها كانت فوق الستين، وكان لابد من إعداد تقرير عن كل حالة وما تحتاجه، ليجد مدير المستشفى يخبره بوصول 20 حالة جديدة، وكان الوضع صعب على الجميع وعلينا التعامل بما متوفر لدينا فى البداية إلى أن تم دعم المستشفى بالمستلزمات المطلوبة.

حكايات من داخل مستشفى العزل بفاقوس (7)

استغرقت الرحلة التى قضاها الطبيب الشاب داخل مستشفيى العزل 14 يوما، وعاد منها بسلام، وأجرى المسحة الأولى وتبين عدم حمله للفيروس ولكن عليه انتظار باقى الفحوصات وعزل نفسه 14 يوميا بعيدا عن أسرته، كتب الله السلامة للطبيب فى هذه الرحلة الجديدة عليه فى حياته، لكنه عاش لحظات حزن لم ينساها طيلة حياته أثناء إسعاف المرضي، بعضها روها الطبيب منها حزنه لعدم قدرته على إسعاف مريض من أبوكبير يبلغ من العمر 60 سنة، ووصل من مستشفيى الصدر إلى العزل بفاقوس يعانى من توقف فى القلب وتوفى بعد وصوله.

حكايات من داخل مستشفى العزل بفاقوس (9)

لم تكن الأيام التى قضاها الطبيب محمد بدران كلها ينتابها الألم بل وسط الألآم التى عاشها هو والطاقم الطبي، ولدت لحظات بهجة وسعادة لن تنسى منها حالة ولادة لسيدة تدعي" فاطمة" عمرها 41 عاما، دخلت مستشفيى العزل بفاقوس، مصابة بفيروس كورونا، وكانت حامل فى منتصف الشهر التاسع وحالتها النفسية سيئة لعدم إنجابها منذ 14 سنة، كانت تعانى من العقم، وبعد 10 أيام من تلقى الرعاية داخل المستشفي، أجريت لها ولادة قيصرية، وسط إجراءات وقائية مشددة من كافة الفرق الطبية بالمستشفى، وبعد إنجاب الطفل، تحولت العينات المعملية للأم من إيجابية إلى سلبية، وفى سعادة غامرة ملأت جنبات مستشفى فاقوس، قام الفريق الطبى بتقديم الورود للأم وتهنئتها بالمولود الجديد، وتماثلها للشفاء من فيروس كورونا المستجد، فضلا عن الزغاريد التى كانت تطلقها الممرضات عن كل حالة تتحول عينتها من إيجابى لسلبى وتغادر المستشفي، فضلا عن تحويل فحوصات 22 حالة من إيجابية إلى سلبى وأثنى وكيل وزارة الصحة على الطاقم الطبى بالمستشفى وجهوده، وأغلب الحالات التى شفيت كانت فوق الستين.

حكايات من داخل مستشفى العزل بفاقوس (8)

ومن خلال تجربته المباشرة أرجع الطبيب أن الحالة النفسية لمريض كورونا هى العامل الأول فى الشفاء من هذا الفيروس اللعين، وقص أنه ذات يوم وصل للمستشفى 3 سيدات أعمارهن فى الأربعينات والستينات يقيمن فى غرفة واحدة، وكان فى البداية يتسألن عن بسبب تحويلهم إلى عزل فاقوس، فبث الطبيب لديهم الأمن بأن نتيجة الفحوصات سوف تأتى سلبية ولكن جاءت إيجابية فدخلن فى حالة نفسية سيئة، وبعد 3 أيام من بث الأمل من جديد تم إجراء التحاليل وجاءت النتيجة سلبية.

حكايات من داخل مستشفى العزل بفاقوس (4)

وأكد الطبيب الشاب من خلاله معايشته على أهمية العامل النفسى قبل العلاج لدى المصابون بفيروس كورونا، حيث وصلت للمستشفى حالة لسيدة تبلغ من العمر 60 عام وحالتها تحسنت كثيرا عن الأيام الأولى لوصولها المستشفي، لكنها كانت تعتقد أن أبنائها نقلوها المستشفى خوفا من العدوى وإصابتهم وأطفالهم بكورونا، وحاولنا كثيرا إثناء هذا الاعتقاد من ذهنها وخاصة أن نجلها كان يتصل بى 5 مرات يوميا للإطمئنان لكنها ترسخ لديها ذلك وامتعنت عن تناول الطعام أخر يومان فى حياتها مما أثر عليها وتوفيت، لكن أسرتها حزنت بشدة عليها.

 
حكايات من داخل مستشفى العزل بفاقوس (5)
 
حكايات من داخل مستشفى العزل بفاقوس (6)
 
حكايات من داخل مستشفى العزل بفاقوس (10)
 
حكايات من داخل مستشفى العزل بفاقوس (11)
 
حكايات من داخل مستشفى العزل بفاقوس (12)
 
حكايات من داخل مستشفى العزل بفاقوس (13)
 
حكايات من داخل مستشفى العزل بفاقوس (14)
 
حكايات من داخل مستشفى العزل بفاقوس (15)
 
حكايات من داخل مستشفى العزل بفاقوس (16)
 
حكايات من داخل مستشفى العزل بفاقوس (17)
 
حكايات من داخل مستشفى العزل بفاقوس (18)






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة