وائل السمري يكتب: بلطجة المستشفيات الخاصة.. أصحابها حولوها إلى إقطاعيات ولا يدركون أننا فى حرب ضد كورونا.. عدم تطبيقهم لتسعيرة وزارة الصحة يسهم فى تفشى المرض واستغلالهم للأزمة عبث بالأمن الصحي وإضرار بالاقتصاد

الإثنين، 08 يونيو 2020 03:31 م
وائل السمري يكتب: بلطجة المستشفيات الخاصة.. أصحابها حولوها إلى إقطاعيات ولا يدركون أننا فى حرب ضد كورونا.. عدم تطبيقهم لتسعيرة وزارة الصحة يسهم فى تفشى المرض واستغلالهم للأزمة عبث بالأمن الصحي وإضرار بالاقتصاد علاج كورونا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حكي لى أحد أصدقائى أنه كان فى إحدى الدول وأصيب بفيروس التهاب الكبدي الوبائي (سي) حينما كان هذا الفيروس من أشد الفيروسات خطورة، قبل أن يتبنى الرئيس عبد الفتاح السيسي مهمته الناجحة في القضاء عليه، فبدأت جهة عمله في علاجه بإحدى المستشفيات بجرعات الإنترفيرون التي كانت تسبب العديد من الأعراض الجانبية، وذات يوم ذهب إلى المستشفى لتلقي جرعة العلاج، وكان من المفترض أن يمكث في المستشفى بعضا من الوقت حتى تذهب الأعراض المباشرة لتلقي الجرعة من غثيان أو "دوخة" أو هبوط، لكنه مكث قليلا وحينما وجد نفسه قادرا على الحركة خرج المستشفى في الحال دون أن يخبر أحدا، ثم استقل سيارته وذهب إلى طريق عودته إلى المنزل، وما أن اتبتعد قليلا عن المستشفى حتى وجد الممرضة تتصل به لتسأله أين هو؟ وحينما قال لها أنه خرج من المستشفى وفي طريق عودته إلى المنزل صرخت فيه لتنطلق مدافع الأسئلة المتلاحقة: كيف تفعل هذا؟ أين أنت الآن؟.هل أنت بمفردك أم بصحة أحد؟ ما حالتك الآن؟ هل تشعر بأي أعراض جانبية؟ وحينما قال له أنه يقود السيارة بمفرده أمرته بالوقوف في الشارع حتى تأتي، وما هي إلا دقائق حتى وصلت الممرضة ومعها سيارة إسعاف وأجبرته على دخول السيارة وأعادته إلى المستشفى.
 
حكي لي صاحبي هذه الحكاية معلقا: كادت عيني أن تدمع حينما وجدت هذا الاهتمام بي، ثم عرفت أن هذا الاهتمام ليس لي فحسب، وإنما للمجتمع كله، فزاد تأثري بالموقف، فلو لم تهرع إليه الممرضة لتعيده إلى المستشفى فقد كان من الممكن أن أشعر بأعراض دوخة أثناء قيادتي للسيارة ويتسبب هذا في ضرر بالغ لي ولغيري، ووقتها فإن القوانين لن ترحم أحدا من المقصرين المتسببين في الأزمة وقبل كل هذا فإن النقابات المهنية لم تكن لتسمح لأعضائها بالتقصير في حق المنتفعين لأن أي تقصير يسئ إلى المهنة ككل ويسهم في تدني وضعها الاجتماعي وهو ما يعود بالسلب على جميع الأعضاء، وفوق كل هذا فإن الوازع الأخلاقي والقيمي والإنساني عند كل فرد كفيل بأن يجعل علاج كل مريض مهمة شخصية لدى الأطباء والمرضى، وكل هذا يسهم في إشعار كل مواطن بأن له قيمة حقيقية في هذا البلد حتى لو لم يكن متجنس بجنسيتها أو منتم إليها. 
 
هذا ما حدث في إحدى المستشفيات بالخارج وهو أمر يراه من في الخارج طبيعيا وعاديا، لكنه كان كفيلا بأن يستدعي دموع عين صديقي الذي تعافى برعاية الله وعناية المنظومة الصحية، لكن للأسف هذه العناية غير موجودة في مصر غالبا، وقد يكون غيابها مفهوما في حال المستشفيات الحكومية التي تتكدس فيها الحالات وتضيق فيها المساحات لأن نمونا العمراني عشوائي بامتياز، فلا تخطيط في المساكن ولا في المساحات الخالية ولا مدارس ولا تعليم ولا بنية أساسية ولا خدمات صحية، لكن أن يمتد هذا الأمر حتى يصل إلى المستشفيات الخاصة فهذا أمر لا يستطيع أحد تبريره أو فهمه. 
 
ذات يوم كانت قدمي تؤلمني بشدة، فذهبت إلى إحدى المستشفيات الخاصة بشارع مصدق بالدقي وذهبت إلى قسم الطوارئ فقابلني الممرض الذي استطلع مني عن سبب زيارتي لكي يستدعي الطبيب، ثم ذهب الممرض بعض الوقت وعاد قائلا أنني أعاني من التواء بسيط وشرع في كتابة العلاج فجن جنوني وسألته هل أنت طبيب؟ فقال لا، ثم قلت له فلماذا تشخص حالتي؟ أين الطبيب الذي من المفترض أن يتواجد هنا الآن، فقال لي الطبيب غير موجود الآن واتصلت به تليفونيا وشرحت له أعراضك فوصف لي العلاج وجئت لكي أصفه لك.
 
بالطبع لم أسكت على هذا التهاون، وهذه حكاية أخرى، لكن ما يهمني الآن هو عرض مفهوم العناية الصحية في المستشفيات، فهكذا وببساطة يكون التعامل، وهكذا وببساطة لا تستطيع أن تحصل على علاجك أو حتى تشخص حالتك، وهكذا وببساطة تتلخص وظيفة غالبية المستشفيات الخاصة في حلب الأموال من الناس دون تقديم أدنى رعاية صحية.
 
تذكرت هذه المآسي التي حدث معي كما حدثت مع الكثيرين غيري حينما تابعت رفض المستشفيات الخاصة للتسعيرة التي أعلنت عنها وزارة الصحة من أجل علاج فيروس كورونا في المستشفيات الخاصة، وفي الحقيقة فإني أرى أن الرعاية الصحية في المستشفيات الحكومية على عيوبها المتراكمة أكثر جودة بكثير من المستشفيات الخاصة التي لا تقدم شيئا وتأخذ كل شيء، وفي الحقيقة أيضا فإني في غاية البهجة بإظهار حقيقة هذه المستشفيات في تلك الظروف الحالكة لكي يدرك الجميع أننا منذ عقود طويلة نسمح للكثيرين من أصحاب المستشفيات الخاصة بحلب أموال المصريين دون أن يرعوا صحة المصريين، وغاية ما أتمناه أن تنتبه الدولة إلى بلطجة هذه المستشفيات وأن تشدد من رقابتها عليها وأن تستقبل شكاوى الناس من بعضها وتحقق فيها بشكل عاجل وسريع وحاسم.
 
أتمنى أيضا أن تتعامل الدولة في هذه الحالة بمزيد من الحسم تجاه بلطجة هذه المستشفيات وعدم امتثالها إلى قرارات وزارة الصحة، ولو كان الأمر بيدي لأحلت تلك المستشفيات إلى محكمة استثنائية وكأنها جنديا هرب من المعركة، فمصر الآن في حرب حقيقية ضد وباء عالمي وهذا الوباء يؤثر على المواطنين كما يؤثر على الوطن، يؤثر على العلاقات الاجتماعية كما يؤثر على الحالة الاقتصادية، ولهذا لابد من قبضة حديدية تنال من هذا الجشع، وتقضي على هذه البلطجة وتجتث هذا التفريط. 
 
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة