فى الرابع عشر من شهر يوليو عام 2015 تم الإعلان عن الاتفاق النووى الإيرانى، الذى توصلت إليه إيران والدول الكبرى المعروفة بمجموعة (5+1) متمثلة فى الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن إضافة إلى ألمانيا، وذلك بعد خلافات حادة استمرت أكثر من 10سنوات، حيث نص الاتفاق على تقليص إيران لبرنامجها النووي مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها.
المساحة الزمنية الفاصلة بين 14 يوليو 2015، و14 يوليو 2020، والمقدرة بـ5 سنوات لم تنعم بتنفيذ الاتفاق، الذي توارى أمام خلافات جديدة، حيث أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمجرد تقلده مهام منصبه انسحاب بلاده من الاتفاق بشكل أحادي الجانب، وعزمه فرض عقوبات بحق طهران بحجة عدم التزامها بكامل بنوده الاتفاق، دافعا بذلك الاتفاق إلى حافة الهاوية، فيما أكد فرقاء الاتفاق الخمسة إصرارهم وعملهم من أجل الحفاظ عليه وتكثيف جهودهم لإنقاذه.
وأعربت فرنسا وألمانيا وبريطانيا، (الدول الأوروبية الثلاث الموقعة على الاتفاق النووي الإيراني) في بيان مشترك عن قلقها بشأن مخاطر انهيار الاتفاق النووي مع إيران، ودعت إلى وقف تصعيد التوتر واستئناف الحوار بين كل الأطراف في هذا الملف، في حين أكدت إيران استعدادها للحوار بشروط.
إعادة فرض العقوبات الأمريكية على إيران دفعها إلى التأكيد على عدم الوفاء ببعض التزاماتها المدرجة في الاتفاق، مانحة شركاءها الأوربيين مهلة 60 يوما لإنقاذ الاتفاق وتلافي العقوبات الأمريكية، متوعدة برفع مستوى تخصيب اليورانيوم إلى ٥%، وإعادة العمل في مفاعل آراك، حال فشل تلك الجهود، وبدأ التصعيد وبات من المحتمل انهيار الاتفاق المبرم قبل خمسة أعوام.
ورغم أن اتفاق إيران النووي الموقع مع القوى الكبرى لا يسمح بأنشطة تخصيب في فوردو، فإن طهران أدخلت خفضا واسعا على الالتزامات المنصوص عليها في الاتفاق النووي من أجل الضغط على الدول الأخرى الأطراف به لاتخاذ خطوات ملموسة لضمان المزايا الاقتصادية المنصوص عليها في الاتفاق لصالح إيران.
معطيات جديدة حملها العام الحالي في تلك القضية التي تهدد منطقة الشرق الأوسط والعالم، من أبرزها تفشي جائحة كوفيد -١٩، التي تراجع أمامها مختلف القضايا الدولية الأخرى، والانتخابات الأمريكية المقررة في شهر نوفمير القادم؛ حيث تترقب طهران الإعلان عن الرئيس الأمريكي الفائز في تلك الانتخابات على أمل أن يتغير الواقع الحالي إذا خسرها ترامب.
وقد منحت تلك المعطيات مزيدا من الوقت يسمح لتصرف أوروبا بمسئولية مع الموقف، ووقف التصعيد في هذا الملف، والبحث عن سبل لوقف تصعيد التوتر واستئناف الحوار، أما إيران فهي من جانبها مستمرة في تنفيذ تهديدها بمواصلة خفض التزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق النووي، وبضخ الغاز في أجهزة الطرد المركزي بمنشأة فوردو النووية المقامة تحت الأرض في حضور مفتشين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وذلك في إطار رابع خطوة تتخذها طهران لتقليص التزاماتها بموجب الاتفاق النووي الموقع مع القوى العالمية.
قوبل هذا القرار بمزيد من القلق الأوروبي، واستنكار فرنسي وجددت القوى الأوروبية دعوتها لإيران بالعودة للالتزام بالاتفاق النووي، وذكر بيان مشترك صدر من مكتب الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون أن المخاطر تستدعى من أطراف الاتفاق التوقف للنظر في التداعيات المُحتملة التي اتخذتها طهران.
من جانبه، دعا مفوض السياسة الخارجية الجديد في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الذي يحمل معه دماء جديدة للسياسة الخارجية الأوروبية، إلى عدم التخلي عن الأمل في الاتفاقية النووية مع إيران، مشددا على عزمه الاهتمام بالمحاولات الأخيرة لإنقاذ الصفقة النووية مع إيران، وفي مطلع شهر فبراير الماضي تشاور شركاء الاتفاق مجددا مع ممثلين من طهران، وفي ختامه أعلن بوريل أن آفاق النجاح ليست كبيرة.