كشف بحث علمي حول الصحة النفسية للمصريين بعد انتشار فيروس كورونا المستجد، عن أن الرجال كانوا هم الفئة الأكثر عرضة لمرض الاكتئاب بسبب نفشي الفيروس التاجي. وفى لقاء لـ"تليفزيون اليوم السابع"، قال الدكتور هشام ماجد، الطبيب النفسي والمحاضر الدولي، أحد القائمين على البحث، أن الهدف من البحث هو معرفة ماذا فعل فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19" في الصحة النفسية للمصريين.
وأضاف ماجد خلال حواره مع الزميلين تامر إسماعيل وحور محمد، أن هذا البحث العلمي تم نشره على صفحات إحدى مجلات الطب النفسي والاضطرابات النفسية الدولية، وإحدى إصدارات مؤسسة تايمز الصحفية العالمية، وذلك بالتعاون مع الدكتور خالد حسين أستاذ الأبحاث الطبية، وتحت الإشراف العلمي لأحد رموز الطب النفسي في مصر والشرق الأوسط الدكتور هاشم بحرى.
جانب من تغطية تليفزيون اليوم السابع
وأوضح ماجد، أن "البحث خضع له 2800 مريض من العيادات الخاصة بنا، ومثلوا مجموعتين، الأولى خلال خلال الأشهر الثلاثة ما قبل ظهور كورونا، وهى أشهر أكتوبر ونوفمبر وديسمبر من عام 2019، وضمت هذه المجموعة 1600 مريض، والثانية ضمت 1200 مريض خلال أشهر فبراير ومارس وأبريل من العام الجارى، وهى الفترة التي شكلت الهجمة الشرسة لفيروس كورونا".
وشرح الدكتور هشام ماجد لـ"تليفزيون اليوم السابع"، كيفية إجراء البحث، حيث تم المقارنة بين العينتين، وبين أنواع الاضطرابات النفسية التي كانت قبل وبعد فيروس كورونا، مشيرا إلى أنهم وجدوا على الـ 2800 مريض اختلافات جوهرية ظهرت أثناء انتشار هذا الوباء.
وقال فيما يتعلق بأكثر الأمراض التي أصابت الرجال بسبب كورونا، هي الاكتئاب لأكثر من سبب، من بينها هي وجود فترة حظر التجوال، وكونه يظل موجودا في البيت لفترات طويلة لا يستطيع الخروج، وهذا ضد طبيعة الرجل الذى لا يفضل التقيد، مما ساهم في زيادة الاكتئاب لديه.
سبب آخر مرتبط بزيادة الاكتئاب عند الرجال خلال وباء كورونا، وهو المرتبط بالظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي فرضها فيروس كورونا، وضعف الدخل خلال هذه الفترة، ما أدى لتزايد أمراض الاكتئاب لدى الرجال.
وعن نتائج الدراسة، أشار الدكتور ماجد، إلى أنه في أثناء الأوبئة تتزايد اضطرابات المزاج مثل الاكتئاب، والقلق، والتوتر، والوسواس القهرى، مشيرا إلى أن القلق والوسواس القهرى يتواجدان بشكل أكبر مع السيدات، ذلك لأنهن بطبيعتهن عاطفيات جدا، ويشعرن بالقلق والخوف على أفراد أسرتهن خشية من الإصابة بالفيروس.
أيضا من بين النتائج هى أن المستوى العلمي للشخص يزيد أو يقل من احتمال إصابته بالاكتئاب، بمعنى أن المثقفين وأصحاب التعليم العالى والجامعى، تزيد إصابتهم بالاكتئاب أكثر من أصحاب التعليم المتوسط أو التعليم الضعيف، ويرجع هذا إلى أن أصحاب التعليم الجامعى يتطلعون بشكل أكبر على الأمور، ويقرأون كثيرا ويسمعون أخبار، ما يجعلهم دائما تحت ضغط، ويزيد من إصابتهم بالقلق والتوتر والاكتئاب، بعكس أصحاب التعليم المتوسط أو الضعيف فإن احتمالات إصابتهم بالاكتئاب قليلة جدا.
ويشير الدكتور ماجد إلى نقطة أخرى توصل لها البحث، تتعلق بالإدمان، حيث وجدوا أن نسب مرضى الإدمان تزايدت 3 أضعاف عن ما قبل الوباء، وهذا من خلال المرضى الذين ترددوا على العيادات للعلاج من مرض الإدمان، وهناك أكثر من تفسير لذلك، الأول هو محاولة تغلب النفس البشرية على القلق والتوتر الموجود عن طريق تعاطى الكحول أو المخدرات لكى يخرج من الاكتئاب.
التفسير الثانى، يتعلق بالنزعة الدينية للشعب المصري، وأنه دائما يؤمن بربنا ويؤمن بالحساب، كما يقال "شعب متدين بطبعه"، فحين يشعر أن هناك وباء وموت، يقترب من ربنا بشكل أكبر.
أما عن توصيات هذا البحث، فأشار الدكتور هشام ماجد لـ"تليفزيون اليوم السابع"، إلى أن من بين هذه التوصيات، التركيز على مرضى الإدمان خلال انتشار الأوبئة، حيث أن هذه الفترة تعد فرصة ذهبية لتنفيذ برامج علاج الإدمان.
أيضا أشارت التوصيات إلى أهمية العلاج النفسى والدعم النفسي سواء للمواطنين أو العاملين فى مجال الرعاية الطبية، كالأطباء والتمريض حيث أنهم معرضين للقلق والتوتر بشكل أكبر.
من التوصيات كذلك، ماذا نفعل وقت الأوبئة؟ وما هو دور الطب النفسي في هذا الموضوع، مع ضرورة استمرار الابحاث الخاصة بوقت الوباء من أجل الاستفادة.
وحول التوقيت الذى يمكن أن يلجأ فيه الشخص للطبيب النفسي، قال الدكتور ماجد، إن الزيارة للطبيب النفسي لها معايير خاصة، أهمها أن تكون المشكلة بدأت في التأثير على حياة ووظيفة الشخص، ولا يستطيع أن يقوم بدوره أو شغله بنفس الكفاءة، وهذا هو أهم مؤشر للاستعانة بطبيب نفسي، مشيرا إلى أنه هناك مفاهيم خاطئة جدا عن الطب النفسي، منها أن الحزن عبارة عن اكتئاب، أو أن الاكتئاب يأتى بسبب البعد عن ربنا، وهذه أمور غير صحيحة، حيث أن الاكتئاب له معايير معينة، من خلالها نحكم على الشخص بأنه لديه مشكلة ويحتاج إلى طبيب نفسى.