سعيد الشحات يكتب .. ذات يوم..20 يوليو 1956.. عبدالناصر لمساعديه فى طريق العودة من يوغوسلافيا: «لم يكتفوا برفض تمويل السد العالى وإنما أضافوا الإهانة.. وهذا حساب مقصود»

الإثنين، 20 يوليو 2020 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب .. ذات يوم..20 يوليو 1956.. عبدالناصر لمساعديه فى طريق العودة من يوغوسلافيا: «لم يكتفوا برفض تمويل السد العالى وإنما أضافوا الإهانة.. وهذا حساب مقصود»

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
استمرت مقابلة السفير المصرى فى أمريكا، الدكتور أحمد حسين، مع وزير الخارجية الأمريكية «دالاس» عشرين دقيقة فقط، يوم 19 يوليو 1956، استمع فيها إلى سحب واشنطن تمويلها مشروعَ السد العالى، فكانت اللحظة التاريخية التى وجدها عبدالناصر لتأميم قناة السويس، وهو القرار الذى كان يعد له منذ فترة طويلة. «راجع، ذات يوم، 19 يوليو 2020».
 
يذكر محمد حسنين هيكل فى كتابه «ملفات السويس»: «خرج السفير المصرى، الذى كانت الدهشة لا تزال مستولية عليه، ليجد أن إدارة الصحافة فى وزارة الخارجية وزعت على المندوبين الصحفيين المعتمدين لديها، الذين كانوا فى انتظاره، بيانا صحفيا عن القرار الذى أبلغه به «دالاس».
 
يؤكد هيكل: «كان البيان أشد قسوة مما سمعه بنفسه من وزير الخارجية فقد جاء فيه: إن الولايات المتحدة أصبحت مقتنعة بأن الحكومة المصرية ليس فى استطاعتها أن تقدم النقد المحلى اللازم لتمويل السد، لأن تنفيذ هذا المشروع العملاق سوف يفرض على الشعب المصرى تقشفا لمدة تتراوح ما بين 12 و15 سنة، وإن الشعب المصرى لا يستطيع أن يتحمل ذلك، ثم إن الحكومة الأمريكية لا ترغب فى أن تتحمل مثل هذه المسؤولية، ثم أشار البيان إشارة خبيثة إلى أن مصر رهنت محصولها من القطن فى مقابل السلاح السوفيتى الذى تحصل عليه، ولم يكن ذلك صحيحا وكانت الخارجية الأمريكية أول من يعلم عدم صحته، لأن أقساط السلاح السوفيتى لم تكن تتجاوز ثمانية ملايين جنيه مصرى سنويا».
 
تتابعت هذه التطورات، وكان عبدالناصر فى يوغوسلافيا منذ يوم 12 يوليو 1956 لحضور القمة الثلاثية بينه وبين الرئيس اليوغوسلافى تيتو، ورئيس وزراء الهند «نهرو»، وحسب هيكل، فإنه فى ظهر 20 يوليو، مثل هذا اليوم، 1956 انعقدت الجلسة الختامية للزعماء الثلاثة، واستعد عبدالناصر للعودة إلى القاهرة بالطائرة، ويؤكد هيكل: «حتى هذه اللحظة لم يكن يعلم باللهجة المهينة التى صيغ بها الاعتذار الأمريكى.. وصعد إلى الطائرة ومعه نهرو الذى كان مقررا أن يقضى فى مصر يومين قبل أن يتوجه لزيارة بيروت، ومنها إلى دلهي».
 
يصف هيكل الأجواء التى كانت سائدة داخل الطائرة من يوغوسلافيا إلى مصر قائلا: «كان الصف الأول فى الطائرة يحتوى على أربعة مقاعد، جلس جمال عبدالناصر ونهرو على اثنين منها فى الجانب الأيمن، وجلس عبداللطيف البغدادي، وزير التخطيط، وأنديرا غاندي، ابنة نهرو ومساعدته ومرافقته، على الجانب الأيسر، وأما الصف الثانى فجلس إلى ناحية فيه الدكتور محمود فوزى، وزير الخارجية، وعلى صبرى».
 
يضيف هيكل: «كنت والسفير (ن.ر.بيلاي)، مساعد وزير خارجية الهند على الناحية الأخرى، ولاحظت أن جمال عبدالناصر بعد بضع دقائق من الحديث مع نهرو تلقى رسالة من قيادة الطائرة راح يقرأها باهتمام، ولم تمض دقائق حتى تلقى رسالة ثانية وثالثة، وتبين أن لاسلكى الطائرة كان يتلقى رسائل عن المؤتمر الصحفى للمتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية الأمريكية، الذى أذاع فيه نصوص البيان الأمريكى بسحب عرض المشاركة فى تمويل السد العالى».
 
يتذكر هيكل: «رأيت جمال عبدالناصر يتداول مع نهرو فيما يتلقاه من رسائل ويطلعه عليها، ولمحت نهرو يهز رأسه ويمط شفتيه على طريقته حين لا يعجبه شىء، وبعد قليل ترك عبدالناصر مكانه بجوار نهرو، ودعانا إلى مؤخرة الطائرة، وهناك أطلعنا على ما تلقاه من رسائل، وكان تعليقه عليها هو: (إنهم لم يكتفوا بالرفض، وإنما أضافوا إليه الإهانة، وهذا حساب مقصود)».
 
يضيف هيكل: «كان الوقت يقترب من منتصف الليل، وأطفأت الطائرة أنوارها الداخلية، لتعطى ركابها فرصة يغمضون فيها عيونهم، واستغرق نهرو فى سبات عميق، لكن جمال عبدالناصر بدا وكأن كل خلجة فيه يقظة ومتحفزة، وبعد قليل قام من مكانه وعدنا مرة أخرى إلى مؤخرة الطائرة، وكان السؤال الذى يشغل باله هو: (ما الذى يهدفون إليه بالضبط، إن الرفض مفهوم ولكن ما صحب الرفض من إهانة سياسية، لا بد وأن يكون لها معناها ولها ما وراءها)».
 
وصلت الطائرة إلى مطار القاهرة فى الساعة الثانية بعد منتصف الليل «صباح يوم 21 يوليو»، وكانت قيادات الدولة كلها فى انتظار جمال عبدالناصر، وكذلك السفراء، وكان بينهم السفير الأمريكى، فماذا حدث؟






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة