يبدوا أن وباء كورونا أشعل حرباً عالمية من نوع خاص، ميادينها مختبرات ومراكز الأبحاث العلمية، وهو ما خلق منافسة محمومة بين الولايات المتحدة والغرب وروسيا.
فى ظل سباق محموم بين دول العالم من أجل التوصل سريعا إلى لقاح فعال وآمن لوباء كورونا، استطاعت روسيا أن تفرض نفسها بين أبرز الأسماء التى تحقق تطورات ملموسة فى هذا الشأن، أو هكذا تقول، ولم يكن العداء السياسى بين موسكو والغرب بعيدا عن الأمر بطبيعة الحال.
حيث قالت وكالة بلومبرج الأمريكية إن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين جعل من الوصول إلى لقاح لفيروس كورونا المستجد أولوية قصوى لبلاده التي سجلت حتى الآن ما يزيد على 750 ألف حالة إصابة بالفيروس وهو ما جعلها رابع أكثر دول العالم إصابة به حتى الآن.
وسلطت الوكالة الضوء على تصريحات مسئول روسي بارز قال فيها إن بلاده قد توفر لقاح ضد مرض كوفيد-19 بحلول شهر سبتمبر. وقال كيريل ديمترييف، الرئيس التنفيذى لصندوق الاستثمار المباشر، والذى يمول إحدى محاولات روسيا للتوصل إلى لقاح، إن بلاده ربما تكون واحدة من أوائل الدول فى إنتاج اللقاح رغم المليارات التى يتم استثمارها فى أمريكا وكل شركات الأدوية التى تعمل عليه.
وتقول بلومبرج، إن سباق روسيا لكى تصبح أول من يجد لقاح لكوفيد 19، تتبع البلاد نهجا تتجنبه دولا أخرى، وتقول إنها ستعرف فى ثلاثة أشهر فقط من التجارب ما إذا كان اللقاح الرئيسى سينجح. وإذا أعلنت موسكو نجاحا فى البحث عن لقاح قبل المرشحين الآخرين، فإنها قد تخلق عالما من اللقاحات المتنافسة والمعارك السياسية حول من يحصل على الإمدادات.
لكن هذه المعارك بدأت بالفعل حتى قبل التوصل إلى اللقاح حيث اتهمت بريطانيا روسيا الأسبوع الماضى بسرقة بيانات الباحثين الذين يعملون على لقاح كورونا. وزعمت المملكة المتحدة والولايات المنحدة وكندا ان قراصنة يعملون مع جموعة إيه بى تى 29، وهى جزء من المخابرات العسكرية الروية، قد استخدموا برامج ضارة فى محاولة للاستيلاء على أبحاث اللقاحات. وردت روسيا بنفى هذه الاتهامات، وقالت إنها ليست بحاجة غلى سرقة معلومان من منافسين يكطورون اللقاح لأنها وقعت بالفعل اتفاقما مع استرازينيكا لتصنيع اللقاح فى شركة أر فاوم، وهى واحدة من أكبر الشكرات الدوائية فى روسيا، وقال رئيس صندوق الاستثمار المباشر الروسى إن استرازينيكا ينقل بالفعل العملية التكنولوجية الكاملة والمكونات من أجل الغنتاج الكامل للقاح فى روسيا.
من جانبها، وقالت أسترازينيكا في بيان إن روسيا ستصبح أحد محاور إنتاج وتوريد اللقاح للأسواق الدولية، مع خطط لتصدير جرعات إلى أكثر من 30 دولة بما في ذلك دول الشرق الأوسط ومنطقة البلقان ودول رابطة الدول المستقلة. وبموجب الاتفاق، تم نقل ناقل اللقاح إلى روسيا حيث ستنتج آر-فارم الجرعات النهائية.
وقال بيتر شابريو وهو محلل في شؤون الصناعات الصيدلانية في شركة جلوبال داتا البحثية "لا نعتقد أن هذا أمر واقعي" محذرًا من أن روسيا، مثل الدول الأخرى، يمكن أن توافق على اللقاح لأسباب سياسية. وقال إن العقبات التنظيمية في روسيا منخفضة.
وقال شابريو إنه من غير المرجح أن مثل هذا اللقاح، إذا تمت الموافقة عليه بالفعل في روسيا، سيجد من يفضله في الغرب.
لكن روسيا لا يقف كثيرا عند ما يقوله الغرب فى هذا الشأن، حيث قال دميترييف أن المرحلة الثالثة من الاختبارات التي سيخضع لها اللقاح الروسي ستجري في الشرق الأوسط بالإضافة إلى روسيا.
وأوضخ دميترييف، في مقابلة صحفية أنهم سيقومون بتلبية احتياجات روسيا، لكن التعاون الدولي يعتبر جزءا هاما من عملية تطوير هذا اللقاح وخضوعه للتجارب السريرية. ولذلك، يخططون لإجراء المرحلة الثالثة من التجارب السريرية في منطقة الشرق الأوسط ، بما في ذلك على 100 شخص في الإمارات العربية المتحدة وتركيا، بالإضافة إلى دول أفريقيا وغيرها من الدول.
من ناحية أخرى، وكالة بلومبرج الأمريكية إن العشرات من رجال الأعمال والنخبة السياسية فى روسيا استطاعوا الحصول المبكر على لقاح تجريبى ضد كوفيد 19، بحسب ما قال أشخاص مطلعون على الأمر، حيث تسابق موسكو لتكون من بين أول مطورى لقاح كورونا.
وقال المسئولون إن كبار المسئولين التنفيذيين فى الشركات، ومنها شركة الألومنيوم العملاقة يونايتد روسال، بالإضافة إلى مليارديرات وكبار المسئولين بالحكومة بدأوا الحصول على جرعات تم تطويرها من قبل معهد جاماليا الحكومى فى موسكو فى وقت مبكر من إبريل الماضى.
وأشارت الوكالة إلى أن لقاح جماليا الذى يتم تمويله من قبل صندوق الاستثمار الروسى الحكومى والمدعوم من الجيش كان قد أنهى الأسبوع الماضى المرحلة الأولى التى شارك فيها أفراد عسكريون روس. ولم ينشر المعهد نتائج الدراسة التى شارك فيها نحو 40 شخصا، لكن بدأ المرحلة الثانية من التجارب بعدد أكبر.
لكن الكرملين أكد أن الرئيس بوتين، لم يتم تطعيمه بعد بأي لقاح مرشح. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمترى بيسكوف، في تصريح صحفي، اليوم الاثنين، ردا على سؤال: "لا، لم تتم حتى الآن المصادقة على أي لقاح. وأعتقد أن إعطاء رئيس الدولة لقاحا لم يحصل على ترخيص ليس أمرا جيدا".
وقال بلومبرج إن روسيا لديها تاريخ حافل في تطوير اللقاحات باستخدام الفيروسات الغدية وقد ابتكرت لقاح إيبولا باستخدام تقنية مماثلة مرخصة في روسيا للاستخدام في حالات الطوارئ، ومن المتوقع نشره قريبًا في الكونغو. وتنشط روسيا بشكل متزايد في الترويج لخبرتها في صنع اللقاحات في إفريقيا إذ افتتحت الحكومة الروسية بالاشتراك مع شركة يونايتد كامبني روسال مركز الأبحاث الروسي الغيني لعلم الأوبئة والوقاية من الأمراض المعدية في عام 2014 في غينيا
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة