"أيقظتنى صوت ابتهالات الفجر قبل سماعى زقزقة عصفور الصباح بعدما حرك جناحيه نافضا عنه خمول الليل .
حاولت النهوض لكنه الكسل الذى قام بدوره فى إقناعى بالبقاء لعدة دقائق أخرى .
حاولت اعتراضه لكن ساعدته برودة الشتاء وألصقتنى بدفء مخدعى،
لامنى عقلى واتهمنى بضعف الإرادة وقلة اليقين وضعف الإيمان.
كيف أفضل دفء مخدعى على القيام للصلاة؟
كيف أطاوع شيطانى... كيف.. كيف؟
يا الله!!
أخذتني نوبة جديدة لجلد الذات.... وتذكيرى بالنار التى تنتظرنى فى الآخرة..
حتى عقلى لن يفوت تلك الفرصة عليه؛ لطالما أحب أن يأخذ بسوط عذابى.
كان لابد أن يشارك في هذا الهرج والمرج الذى اعتلانى وجسم على أنفاسى؛ أراد أن يظهر تفوقه في طرح الأسئلة التي طالما حيرت روحى وقلبى.. واتفق الثلاثة عقلى وقلبى وروحى على إنهاك جسدى النحيل . تجاذب كلٌ منهم أطراف الحديث اشتد بينهم الصراخ، وتكدست الأفكار والرؤى.
حاول العقل التهدئة من حدة الموقف ونادى بصوت الحكمة أن اسمعوا وعودا إلى رشدكم وليطرح كل منا سؤاله وليجيب من يجد عنده الإجابة الشافية .
فرد القلب بصوت حنون مطيع: حسنا
واستسلمت الروح عندما جذبها صفاء الفجر والتزمت الصمت.
بدأ العقل المشاكس وقال: أيتها الروح كيف لك بعد هذا الإيمان العظيم أن تستسلمى لهواجس شيطان؟!
وارتفعت قهقهاته: منافقة تدعى إيمانا زائفا.
طأطأت الروح رأسها كعصفور أغرق بماء المطر: وقالت هل جربت يوما أن تستمع لصوت السماء لصوت الرحمن أنا أطمع دوما في مغفرته .
تعاطف معها القلب ودافع برقة: وهل تظن أيها العقل أن الله خلقنا للنار فقط؟
_ الله غنى عن كل هذا العذاب غفور رحيم.
العقل: هذا كلام الضعفاء الذين تغلب عليهم شيطانهم، الذين أدمنوا الشهوات.
الروح: مثلما خلق الله النار خلق الجنة.
العقل: ماذا فعلتم لتحصلوا على الجنة؛ يومكم من طلوع الفجر إلى غسق الليل ترتكبون المعاصى.
_كفاكم ادعاءات واهية.
القلب: أشعر بذنبى وأتوب كل يوم .
الروح: وأنا أسبح فى حسن اليقين.
_ بالخارج يزعمون بأن حروب دائرة
القلب: إنها حرب البقاء، حرب الأقوياء
_ ونحن تائهون لا نعرف أنصدق أم نكذب
العقل: لا شأن لنا بما يحدث فى الخارج
قاطعته الروح ما يحدث في الخارج هو ما يدور فيه كل إنسان نحن تائهون فى الخارج والداخل..
_ هم يفتعلون العقوبات والموت والنجاة ...كل شيء باسم الله ....
_القلب: هل سيتركهم الله يقسمون الموت والحياة؟؟؟
_هل سيتركهم يحرمونى من الحب؛ يمحون براءتى وأنوثتى ...؟؟؟
ويحاسبنى لو سمعت موسيقى لأتجاوز بها حماقات البشر!!!
ما المطلوب منى أيها العقل أن أتباكى للخلاص وأنسى عمرا لم آراه.. أعلم أنى أخطئ أحياناً لكنى عندما أنظر لنجوم السماء ولصفاء السحاب وأسراب الطيور وأسمع ضحكات الطفل البرئ أعلم حينها أن الله غفور رحيم محب ولن يتركهم أبدا.
_ لن يتركهم ولن يتركنا ..
.هع هع هع قالها العقل معلنا عدم قناعاته
ماذا سننال في النهاية لاشيء،
فليكن الوداع رحيماً وهادئاً،
ضجيج الموت حولى أخرس رغبتى فى الحياة، فى الحب، فى اللذة، فبت هادئةً جداً كأول صفعة أكلتها فتجمد ذهنى وجسدى،
طوبى لحياة أخرى وروح أخرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة