أصدرت الدائرة العاشرة – موضوع – بالمحكمة الإدارية العليا، حكماَ قضائياَ، فريداَ من نوعه، رسخت فيه لعدة مبادئ بشأن قرارات إزالة المخالفات، قالت فيه: "تراخي جهة الإدارة في استعمال حقها في الإزالة لسنوات ترتبت عليه حقوق ومراكز قانونية لذوي الشأن استقرت في ظل القوانين السارية وقت حدوثها لا يجوز المساس بها، وبالتالي لا يجوز المساس بالمباني المخالفة بإزالتها أو تصحيحها فإذا صدر قرار جديد بالإزالة فإنه يكون معيبا بالمخالفة لصحيح القانون ويتعين إلغاؤه".
صدر الحكم فى الطعن المقيد برقم 6252 لسنة 63 ق . عليا، برئاسة المستشار محمد المنجى توفيق، وعضوية المستشارين ناصر محمد النقيب، الدكتور محمود سلامة خليل، وخالد محمد فتحى، وبحضور مفوض الدولة رامى حمد شلبى.
الوقائع.. مواطن يطعن على قرار إزالة
عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أن الطاعن كان قد أقام الدعوى رقم 32149 لسنة 58 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، وطلب فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاَ، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار الإزالة رقم 3279 لسنة 2001 مع ما يترتب على ذلك من آثار، وذكر شرحاَ للدعوى بأنه فوجئ بصدور القرار المطعون فيه بإزالة الأعمال المبينة به، وقد نعى على ذلك القرار مخالفته للقانون، وذلك على النحو المبين بصدر صحيفة دعواه، واختتم المدعى دعواه بطلباته سالفة البيان، وبجلسة 8 سبتمبر 2015 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه، وشيدت قضاءها بعد استعراض نصوص قانون توجيه وتنظيم أعمال البناء رقم 106 لسنة 1976، على أن الثابت من الأوراق أن المدعى أقام البناء موضوع المخافة دون الحصول على تراخيص بذلك من الجهة الإدارية المختصة، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه بإزالة هذه الأعمال متفقاَ وصحيح حكم القانون ويغدو الطعن عليه غير قائم على سند من القانون حرياَ بالرفض.
ولم يلق ذلك الحكم قبولاَ لدى الطعن، فقد أقام الطعن الماثل استناداَ لمخالفة الحكم فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله، وذلك تأسيساَ على أن منطقة الطالبية المقام بها العقار محل التداعى هى منطقة عشوائية، استناداَ لقرار محافظ الجيزة رقم 2089 لسنة 1993 والمعدل بالقرار رقم 714 لسنة 1995 ومن ثم فإن القانون الواجب التطبيق على المنطقة هو القانون رقم 3 لسنة 1982، وإذ أصدرت الجهة الإدارية القرار المطعون فيه على سند من القانون رقم 106 لسنة 1976 فإنه يكون مخالفاَ للقانون، وفضلاَ عن ذلك فقد صدر حكم ببرائته فى الجنحة رقم 6505 لسنة 2005 جنح العمرانية عن ذات المخالفة محل القرار المطعون فيه، ومن ثم فإنه وإعمالاَ لحجية الحكم الجنائى بغدو القرار المطعون فيه غير قائم على سبب خليقاَ بالإلغاء.
لماذا لا يجوز البناء البناء دون ترخيص؟
المحكمة فى حيثيات الحكم قالت عن الموضوع، فإن المادة "4" من القانون رقم 106 لسنة 1976 فى شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء، مستبدلة بالقانون رقم 101 لسنة 1996 – بحسبان القرار المطعون فيه قد صدر خلال المحال الزمني لسريانه – تنص على أنه: "لا يجوز إنشاء مبان أو إقامة اعمال أو توسيعها أو تعليتها أو تعديلها أو تدعيمها أو إجراء أى تشطيبات خارجية إلا بعد الحصول على ترخيص فى ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم وفقا لما تبينه اللائحة التنفيذية...."، وتنص المادة "11" منه على أنه: "يجب أن يتم تنفيذ البناء أو الأعمال وفقا للأصول الفنية وطبقاَ للرسومات والبيانات والمستندات التى منح الترخيص على أساسها...".
تنظيم عملية البناء
وتنص المادة "15" منه مستبدلة بالقانون رقم 25 لسنة 1992 على أن: "توقف الأعمال المخالفة بالطريق الإداري، ويصدر بالوقف قرار مسبب من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم يتضمن بياناَ بهذه الأعمال، ويعلن إلى ذوى الشأن بالطريق الإداري.."، وتنص المادة "16" من هذا القانون مستبدلة بالقانون 101 لسنة 1996 على أن: "يصدر المحافظ المختص أم من ينيبه قراراَ مسبباَ بإزالة أو تصحيح الأعمال التى تم وقفها، وذلك خلال 15 يوماَ على الأكثر من تاريخ إعلان قرار وقف الأعمال المنصوص عليه فى المادة السابقة، وتنص المادة "16" مكرراَ منه والمضافة بالقانون رقم 101 لسنة 1996 على أن "تزال بالطريق الإداري الأعمال المخالفة لقيود الارتفاع المقررة طبقا لهذا القانون أو قانون الطيران المدنى الصادر بالقانون رقم 28 لسنة 1981 أو لخطوط التنظيم أو لتوفير أماكن تخصص لإيواء السيارات، وكذلك التعديات على الأرض التى اعتبرت آثرية طبقا لقانون حماية الآثار الصادر بالقانون رقم 117 لسنة 1983، ويصدر بذلك قرار مسبب من المحافظ المختص دون التقيد بالأحكام والإجراءات المنصوص عليها فى المادتين 15، 16 من هذا القانون.
وبحسب "المحكمة" – قضاء هذه المحكمة جرى فى ظل العمل بأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 فى شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء (الحاكم للنظام المطروح لصدور القرار المطعون فيه فى ظله واستناداَ إليه) أن المستفاد من نصوص المواد أرقام "4" و"11" و"15" و"16" من القانون المشار إليه أن المشرع قد حظر على المخاطبين بأحكام هذا القانون إقامة المباني والأعمال الأخرى المنصوص عليها فيه أو لائحته التفيذية دون الحصول على ترخيص فى ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم، وفى حالة الحصول على هذا الترخيص يتعين على المرخص له الالتزام بالاشتراطات التى منح على أساسها الترخيص وتنفيذ الأعمال المرخص بها على وفق الرسومات المرفقة به، وأنه فى حالة مخالفة أحكام القانون أو لائحته التنفيذية أو الترخيص الصادر على وفق أحكامها، ناط المشرع بالجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم إصدار قرار مسبب بإيقاف الأعمال المخالفة تعلن به ذوى الشأن بالطريق الإداري، ثم يصدر المحافظ المختص أو من ينيبه قراراَ مسبباَ بإزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة التى تم إيقافها، شريطة عرض هذه الأعمال على اللجنة الفنية المنصوص على تشكيلها فى المادة 16 من القانون، بيد أن المشرع قد أوجب بالنسبة للمخالفات المتعلقة بعدم الالتزام بقيود الارتفاع المقررة طبقا لهذا القانون أو لقانون الطيران المدني أو بخطوط التنظيم أو بتوفير أماكن لإيواء السيارات أن يصدر قرار الإزالة فى أى من هذه الحالات عن المحافظ المختص بنفسه، فلا يجوز له تفويض غيره فى هذا الاختصاص، وذلك دون التقيد بالإجراءات المنصوص عليها في المادتين "15" و"16" من القانون.
وتضيف "المحكمة" ومن حيث مخالفات البناء التى تمت قبل عام 1984 ويصدر القرار بإزالتها بعد مضى مدد طويلة صدرت خلالها بعض التشريعات المعدلة لقانون توجيه وتنظيم أعمال البناء رقم 106 لسنة 1976، بعد تعديله بالقانون رقم 30 لسنة 1983، فإنه مما لا شك فيه أن قعود جهة الإدارة عن استعمال الرخصة المقررة لها بالإزالة بموجب المادة "16" من القانون المذكور طوال هذه المدة حال دون استفادة أصحاب الشأن من أحكام القانونيين رقمى 54 لسنة 1984 بتعديل المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983، 99 لسنة 1986 بتعديل الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 54 لسنة 1984، والتى أجازت لكل من ارتكب مخالفة لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 أو لائحته التنفيذية أو القرارات المنفذة له، وذلك قبل العمل بهما أن يتقدم بطلب إلى الوحدة المحلية خلال المهلة المحددة بكل منهما لوقف الإجراءات التى اتخذت أو تتخذ ضده، ورتب على ذلك وقف الإجراءات المتخذة بقوة القانون إلى أن تتم معاينة الأعمال موضوع المخالفة بمعرفة اللجنة المنصوص عليها بالمادة "16" من القانون المشار إليه، والعرض على المحافظ المختص لإصدار قرار الإزالة أو التصحيح، مع قصر العقوبة الجنائية فى جميع الأحوال على الغرامة التي يتم تحديدها بنسب معينة من قيمة الأعمال المخالفة، كما أجاز الإعفاء منها إذا لم تزد قيمتها على 10 ألاف جنية، وذلك بالاستثناء من الأحكام الجزائية الواردة بالقانون رقم 106 لسنة 1976.
تراخى جهة الإدارة فى استعمال الحق المقرر لها بالإزالة يترتب عليه عدم جواز المساس بالبناء
وبحسب "المحكمة" – وعلى ذلك فإن تراخى جهة الإدارة فى استعمال الحق المقرر لها بالإزالة، والذي كان متاحاَ لها طوال هذه المدة الطويلة، ثم استعمالها بعد تلك السنوات الطوال لهذا الحق يكون من شأنه المساس والإضرار بمراكز قانونية استقرت فى ظل القوانين السارية وقت حدوث المخالفة، كما ذهبت إلى أن تراخى الجهة الإدارية فى استعمال الحق المقرر لها بالإزالة والذي كان مقاماَ لها طوال المدة المذكورة ثم استعمالها بعد تلك الأحكام وبعد السنوات الطوال الماضية يكون من شأنه والإضرار بمراكز قانونية استقرت فى ظل القوانين السارية وقت حدوثها.
وعلى هدى ما تقدم – ولما كان الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية نسبت إلى الطاعن قيامه ببناء الدور الأرضى تجارى بالعقار بمنطقة الطالبية قسم العمرانية – محافظة الجيزة بدون الحصول على ترخيص من الجهة الإدارية المختصة، وصدر القرار رقم 393 بإيقاف الأعمال، ثم أصدر سكرتير عام محافظة الجيزة مفوضاَ من محافظ الجيزة القرار المطعون فيه رقم 3279 لسنة 2001 بإزالة الأعمال المخافة المشار إليها آنفاَ، ومن ثم فإنه يستفاد من كل ذلك أن العقار محل قرار الإزالة المطعون فيه هو عقار قديم يرجع تاريخ إقامته إلى ما قبل عام 1983، ومن ثم فإن تراخى جهة الإدارة فى استعمال حقها فى الإزالة طوال هذه السنين قد ترتبت عليه حقوق ومراكز قانونية لذوى الشأن استقرت فى ظل القوانين السارية وقد حدوثها ومن ثم لا يجوز المساس بها، وبالتالي لا يجوز المساس بهذه المباني بإزالتها أو تصحيحها.
108003379_655764558372734_3884640375627065888_n
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة