تكاد تتفق العديد من الروايات التاريخية حول زواج سيف الله المسلول خالد بن الوليد من ليلى بنت سنان، وهى زوجة مالك بن نويرة، أحد الذين قتلوا فى حروب الردة، وتزيد بعض الروايات على ذلك، فتقول إن خالد تطلع إليها قبل قتل زوجها مالك بن نويرة، ولهذا قتله بغيا من أجل أن يتزوج منها.
مؤخرا.. شن صحفى سعودى يدعى عبد الله وافيه هجوماً على مسلسل يعرض لشخصية الصحابي خالد بن الوليد، ووصفه لزمن الصحابة بزمن "القتل والدم"، إذ قال وافيه: "هناك أحداث مرعبة لا تتوافق مع زمن يذهب نحو الوعى والتنوير ونسيان تاريخ من الدماء والقتل"، وأثارت هذه التصريحات الكثير من الجدل.
وكان الخليفة أبو بكر الصديق، قاد حملات على القبائل التى ارتدت عن الإسلام، وأرسل الصحابى فى حملات عليهم من أجل ارجاعهم إلى الدين الحق، ومن بين هؤلاء كان بنى تميم، الذين توجس بعضهم فى دفع الزكاة، ورفض البعض الآخر.
وكان من بين هؤلاء مالك بن نويرة، ويذكر الأديب الكبير عباس العقاد فى كتابه "عبقرية خالد" أنه عندما نزل خالد بالبطاح لم يجد أمامه أحدًا يلقاه بزكاة أو يلقاه بقتال، فعسكر حيث نزل وأرسل السرايا فى أثر هذا البطاح، فجاءته بمالك بن نويرة فى نفر من بنى يربوع، فحبسهم ثم أمر بقتلهم، وحدث بعد ذلك أنه تزوج بامرأة مالك ليلى أم تميم، وكانت من أشهر نساء العرب بالجمال، ولا سيما جمال العينين والساقين، يقال إنه لم ير أجمل من عينيها ولا ساقيها.
وتضطرب الروايات هنا أبعد اضطراب وأصعبه أن تهتدى منه إلى مخرج متفق عليه، فمن قائل: إن السرايا وجدت بنى يربوع يصلون وسمعت الأذان، ومن قائل: لم نَرَ صلاة ولم نسمع بأذان ومن قائل: إن الأسرى قتلوا؛ لأن الليلة كانت باردة ونادى مناد من قبل خالد أن «دافئوا أسراكم»، ففهم الحراس أنه يريد القتل؛ لأنهم من بنى كنانة والمدفأة بلهجتهم كناية عنه.
ومن قائل: إن مالكا قتل بعد محادثة حامية جرت بينه وبين خالد، ثم تضطرب الروايات فى نقل حديثهما، فلا يدرى له نص صحيح، فقيل: إن مالكًا صرح بأنه لا يعطى الزكاة وإنما يقيم الصلاة، فقال خالد: أما علمت أن الصلاة والزكاة معا لا تقبل واحدة دون الأخرى؟ فقال مالك: قد كان صاحبك يقول ذلك - يقصد النبى محمد-، فاتخذ خالد قوله دليلا على تبرؤه من النبى، وقال له: أو ما تراه لك صاحبا، ثم حمى الجدل بينهما حتى أمر بقتله، ونسجت الخرافة بعد ذلك نسيجها الذى لا يتماسك لوهيه، فزعموا أن خالدا أمر برأسه فجعل مع حجرين وطبخ على الثلاثة قدرا فأكل منه، وأنَّ شعر مالك جعلت النار تعمل فيه إلى أن نضج اللحم ولم يفرغ الشعر! وهى خرافة تُروى؛ لتدلنا على شيء واحد: وهو وجود المحنقين الراغبين فى التشهير بخالد وتبشيع أعماله وإيغار الصدور عليه.
وقيل: إن مالكا لمح فى عينى خالد الإعجاب بامرأته فصاح به: هذه التى قتلتني، فقال له خالد: بل الله قتلك برجوعك عن الإسلام، ويذهب بعضهم إلى أكثر من هذا، فيزعمون أن هوى خالد لها سابق لحرب الردة، وفى ذلك يقول أبو نمير السعدي: قضى خالد بغيًا عليه بعرسه وكان له فيها هوى قبل ذلك.
وقيل: إن خالدًا توعد مالكا بالقتل، فقال له مالك: أو بذلك أمرك صاحبك؟ قال خالد: وهذه بعد تلك؟ ثم تكلم أبو قتادة الأنصارى وعبد الله بن عمر فى أمره فكره خالد كلامهما، وعاد مالك يقول له: يا خالد: ابعثنا إلى أبى بكر فيكون هو الذى يحكم فينا، فقال خالد: لا أقالنى الله إن أقلتك، وتقدم إلى ضرار بن الأزور أن يضرب عنقه ويزيدون على ذلك، أن خالدا دعا أبا قتادة الأنصارى وعبد الله بن عمر إلى حضور عقد الزواج بليلى بعد مقتل زوجها فأبيا وأشارا عليه أن يكتب إلى أبى بكر، فلم يستمع إليهما.
وغضب أبو قتادة، فأقسم لا يجمعه بعد اليوم وخالدًا لواء واحد، وقفل إلى المدينة غير مستأذن من قائده، فلقى الخليفة ولقى عمر بن الخطاب، فكانت غضبة عمر أشد وأعنف، وطلب إلى الخليفة أن يعزله وأن يقيده قائلًا: إن سيفه فيه رهق، فلم يجبه الخليفة وقال له: يا عمر، تأول فأخطأ، ارفع لسانك عن خالد، فإنى لا أشيم سيفًا سله الله على الكافرين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة