يشهد الذهب حالة من الارتفاع فى سعره خلال الأيام الحالية، وذلك وفقا للتقارير العالمية، ويتوقع الخبراء أنه سيشهد حالة من الارتفاع غير مسبوقة، لهذا نستعرض عبر التقرير التالى أول من تواصلوا إلى استخراج الذهب.
ونجد أن أول من توصلوا إلى استخراج الذهب، هم الفراعنة، وذلك من خلال أعمال التنقيب بالصحراء الشرقية والبحر الأحمر والنوبة، كما أنهم برعوا فى صنعته، لذا نجد أن الذهب لديهم كان له حضور قوى، فهم من اكتشفوه وصنعوه ولبسوه ونحتوه، ولكنهم لم يعبدوه.
وفى هذا السياق قال الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية إن الفراعنة اكتشفوا الذهب منذ أقدم العصور، حيث اكتشف المصريون القدماء نحو 125 منجمًا بالصحراء الشرقية ومنطقة البحر الأحمر والنوبة، والتى تعنى أرض الذهب باللغة المصرية القديمة.
وأضاف الدكتور حسين عبد البصير أن مصر الفرعونية غنية بالذهب، وقد قال أحد حكام الشرق الأدنى للملك أمنحتب الثالث "أبعث لى بكمية من الذهب لأن الذهب فى بلادك مثل التراب".
وأكد مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية أن هناك دليلا على أن الفراعنة قاموا بحفائر فى الصحراء للشرقية، حيث تشير البردية الذهبية فى متحف تورينو فى إيطاليا من عهد الملك سيتى الأول من الأسرة التاسعة عشرة إلى مناجم الذهب المنتشرة بالصحراء الشرقية، أما الاكتشافات الأثرية المتعاقبة فتعكس تمتع المصريين القدماء بخبرة هائلة فى مجال التنقيب عن الذهب واستخراجه من عروق الكوارتز، فضلاً عن خبرتهم الكبيرة فى مجال تصنيعه، واستخدموا النار والغاب المصنوع من الخزف لصهره.
وماذا عن صناعة الذهب فى مصر القديمة؟، يقول الدكتور حسين عبد البصير، تشير المناظر الموجودة على جدران المقابر المصرية القديمة إلى أن المصريين القدماء أدخلوا النار فى صناعة الذهب، وتصور هذه المناظر العمال وهم يصهرون المعدن فى أوعية كبيرة من الخزف يقف حولها العديد من العمال وهم ينفخون النار بأنابيب طويلة من الغاب، وأطرافها من الخزف الذى لا يحترق، ثم يصبون الذهب بعد صهره فى قوالب لعمل الحلى، وكانت التقنيات الأولية المستخدمة فى صناعة الذهب فى المراحل الأولى عند المصريين القدماء لم تكن تعتمد على النار، بل كانت تعتمد على تحويل الأشكال وتغييرها بواسطة المطرقة والسندان وأدوات الضغط، وكانت أنامل الأقزام وراء دقة صياغة المشغولات، وصنع الفراعنة من الذهب أشياء كثيرة.
وحول ما إذا عبد الفراعنة الذهب من عدمه؟ أوضح الدكتور حسين عبد البصير، لم يعبد الفراعنة الذهب وقدسوا اللون الذهبى الذى كان يرمز إلى لون أشعة الشمس، لأن لونه لا يتغير بمرور الزمن، وكانت صناعة الذهب من أهم الحرف المصرية وارتبط الذهب بالطقوس الجنائزية والمعتقدات، وتم استخدام الذهب فى منحوتات الفراعنة الجميلة، وتم تخصيصه لكبار رجال الدولة، ودفن الفراعنة الذهب معهم، وارتبطت صناعة الذهب عند المصريين القدماء بعقيدة الخلود.
ومن النماذج التى تدل على براعة الفراعنة فى صناعة الذهب، قبة ذهبية ضمن آثار مقبرة الملكة حتب حرس، والدة الملك خوفو وزوجة الملك سنفرو، وقناع الملك توت عنخ آمون الذى يزن نحو 11 كيلو جرامًا وتابوته الذى يزن نحو 110.5 كيلوجرامات من الذهب الخالص، وارتدى الفراعنة الكثير من الذهب فى مجوهراته الثمينة، حيث يحتل الذهب فى الحضارة الفرعونية أهمية كبيرة فى الحياة الاجتماعية وطقوس الموت والحياة.
واشتهرت مصر القديمة بمناجمها التى استخرج منها الذهب بوفرة والمصنوعات الذهبية والحلى الفرعونى، وهناك قطع مهمة من حلى الفراعنة جاءت من تانيس "صان الحجر" مثل القناع الذهبى للملك بسوسنس الأول من الأسرة الحادية والعشرين، مجموعات عديدة من الأوانى الذهبية، وكذلك التاج الذهبى للأميرة سات حتحور يونت، فضلاً عن أساور الملكة حتب حرس من الأسرة الرابعة، وأساور من عهد الملك جر من الأسرة الأولى.