شيعت قرية ظهر التمساح التابعة لمركز إيتاى البارود بالبحيرة، مسقط رأس الدكتور محمد مشالى جثمان طبيب الغلابة، فى مشهد ملىء بالحزن الشديد، والذي رحل عن عالمنا فجر اليوم الثلاثاء بمقابر العائلة، بعد أن تم تغسيله وتكفينه على يد فريق من المغسلين بمنزله، وأداء صلاة الجنازة عليه عقب صلاة الظهر ودفنه بمقابر عائلته.
واستقبلت أسرة طبيب الغلابة عددا من أقاربه، وتم نقله لمحافظة البحيرة حيث أعلن فجر اليوم وليد مشالي نجل طبيب الغلابة وفاة والده بمدينة طنطا بمحافظة الغربية، بعد رحلة عطاء استمرت لسنوات طويلة لخدمه الفقراء، وكان طبيب الغلابة قد تعرض خلال الفترة الماضية للعديد من الشائعات حول وفاته، إلا أن أسرته أعلنت عن تأكيد الخبر.
واشتعلت أيضا مواقع التواصل الاجتماعى بخبر وفاة طبيب الغلابة عن عمر يناهز 76 عاما، حيث رحل طبيب الغلابة بعد أن ذاع صيته في كافة ربوع الوطن العربى وليس فقط بين أبناء الشعب المصرى، رفض المال والشهرة وأصر على استكمال مسيرته وتسخير حياته للفقراء والمحتاجين حتى الرمق الأخير، وسار على نهج وصية والده، فكان إنسانا عظيما الكل أحبه وشهدوا له بالخير، رحل ولكن سيظل بالقلوب، فكانت وصيته "استمرو فى عمل الخير والعطاء، يريكم الله ما تتمنونه".
وقال أحد المغردين: "ولد في البحيرة في عام 1944، وافتتح عيادته الشهيرة عام 1975 وقيمة الكشف كانت 5 جنيهات، وفى الفترة الأخيرة كانت 10 جنيهات " يعادل درهمين"، وكان يرفض الحصول عليها من الفقراء، رفض متاع الدنيا الزائل واختار ما عند الله"
وقل آخر: "د. محمد مشالي أحد أعظم أطباء الأطفال بمصر، كشفه "10 جنيهات" وإعادة الكشف "3 جنيهات" غالباً كان يعطي الدواء مجاناً ويعفي الفقراء من قيمة الكشف ويقول "أعطتني الدنيا أكثر مما أتمنى وأكثر مما استحق ومش ممكن أسيب حد يموت من الوجع".
وقال ثالث: "لا حول ولا قوه الا بالله ، توفي طبيب الغلابة الدكتور محمد مشالي، اللهم ارحمة كما كان رحيماً بعبادك الفقراء واجعله أغنى أغنياء جنتك".
وذكر مغرد: "وفاة طبيب الغلابة الدكتور الذي كان رحيماً بالفقراء، يقول محمد مشالي:" اكتشفت بعد تخرجي أن أبي ضحى بتكاليف علاجه ليجعل مني طبيباً، فعاهدت الله ألا آخذ قرشا واحدا من فقير أو معدوم، نسأل الله أن يرحمه ويسكنه فسيح جناته وأن يضاعف مثوبته".
وقال آخر: "وفاة طبيب الغلابة محمد مشالي الله يغفر له ويرحمه كان نادر الوجود في هذا الزمن وكان إنسان عظيم والكل يحبه ويشهد الله بالخير رحل ولكن سيظل بالقلوب، "أنا بخدم الغلابة" قالها في الدنيا وذهب ليقابل رب الغلابة، وأسأل الله أن يجعل خدمته لعباده الفقراء والمحتاجين في ميزان حسناته، رحم الله طبيب الغلابة وأسكنه فسيح جناته".
كما نعت صفحة "صدى ظهر التمساح"، وفاه الدكتور محمد مشالى، قائلة: "ابن قريتنا البار، طبيب الغلابه فى ذمة الله، بياع الطيِب ذهب ليلاقى مولاه، تاجر مع الله فأهداه الله دعوة ميت مليون بنى ادم وأكثر وحفر اسمه بحروف من ذهب على مدى التاريخ".
وواصلت الصفحة: "كم من أطباء أثرياء رحلوا ولم يشعر بهم أحداً ومانفعتهم الأموال التى جمعوها من الناس ولا شهرتهم لانهم لم يتركوا هذا الأثر الطيب فى نفوس الناس فقد خلدت ذكراك عند العقلاء للأبد، اللهم اسكنه فسيح جناتك واجعل عمل الخير رفيقه وجليسه فما علمنا عنه الا خيرا وما راينا منه الاخيرا، زهد الدنيا وعمل لوجه الله اراد الجنه لانه يعلم ان الدنيا الي زوال فاللهم أكرم نزله ووسع مدخله يا الله، فقد كان حليماً رءوفاً بالفقراء فجود عليه من فيض جودك ياأكرم الأكرمين يالله، انك سميع مجيب الدعاء".
فيما كشف هاشم محمد مساعد الراحل الدكتور محمد مشالي طبيب الغلابة عن آخر وصية للفقيد قبل وفاته بأيام، مؤكداً أن الدكتور محمد مشالي كان دائما يحدثه بأنه بتمني أن يلقي ربه وهو واقفاً علي قدميه، وهو يخدم الغلابة المترددين على عيادته، مشيرا إلى أن هذه الأمنية كان يطلبها من الله دائما وحقق الله له أمنيته التى طلبها.
وأضاف "هاشم" فى تصريحات خاصة، أن الدكتور محمد مشالى سخر وقته وعمره لخدمه الفقراء وكان ينفذ وصية والده الذي أوصاه بأن يكون عونا وسندا للفقراء طوال عمره.
وكان اليوم السابع، أجرى حواراً مع الدكتور محمد مشالى "طبيب الغلابة"، وذلك بعد رفضه قبول تبرع كبير بملايين الجنيهات، وتجهيز عيادة جديدة له في أشهر شوارع طنطا على أحدث طراز وقبوله سماعة طبية قيمتها 80 جنيها.
ويرصد اليوم السابع في سطور مشاهد ومحطات مؤثرة في حياة طبيب الغلابة:
- ولد الدكتور محمد مشالي بمدينة إيتاى البارود بمحافظه البحيرة، والتحق بكلية طب القصر العيني وتخرج منها عام 1967، وتم تعيينه بالقطاع الريفي في محافظة الغربية.
- تنقل طبيب الغلابة بين الوحدات الريفية، وتم ترقيته لمنصب مدير مستشفى الأمراض المتوطنة، ثم مديرا لمركز طبى سعيد حتى بلغ السن القانونية للمعاش عام 2004.
- تأثر الدكتور مشالي بموقف وفاة طفل بين يديه لعدم قدرة والدته على شراء الدواء له وهنا كانت نقطة تحول في حياته.
- كرث الدكتور مشالي حياته وعلمه لخدمة الغلابة فأنشأ 3 عيادات للكشف عليهم بأجر رمزى 10 جنيهات.
رفض طبيب الغلابة ملايين الجنيهات من إحدى البرامج التلفزيونية، مؤكدا أنه جندي مجهول ولا يحتاج للمال وسيظل دائما سندا للفقراء وطلب التبرع بالمبلغ للفقراء.
دائما ما كان ينصح الأطباء بان يستوصوا بالفقراء خيراً ويساعدوهم ويخففوا العبء عنهم كما كان ينصح جموع المصريين قبل رحيله بالحفاظ على سلامتهم من وباء فيروس كورونا وعدم التكدس والازدحام والتهوية الجيدة، والاهتمام بالتغذية السليمة والصحية، والبُعد عن العصبية والتوتر.
كان يتمني دائما أن يتوفاه الله وهو واقف على قدميه للكشف على مرضاه، ورحل فجر اليوم في هدوء داخل منزله بعد العودة من عيادته.