تسود حالة من التفاؤل المصحوب بقلق وترقب بين الديمقراطيين فى الولايات المتحدة إزاء فرصة مرشحهم فى انتخابات الرئاسة الأمريكية فى الفوز أمام ترامب، وجزء كبير من هذا القلق لا يتعلق بالظروف الراهنة ولكن بتجربة الماضى القريب الأليمة.
قالت صحيفة "يو إس إيه توداى" إنه على الرغم من الآمال الكبيرة المعلقة على المرشح الديمقراطى المفترض فى انتخابات الرئاسة الأمريكية جو بايدن، إلا أن حجم هذه الآمال يثير مخاوف الديمقراطيين من تكرار ما حدث فى الانتخابات الماضية عندما هزمت هيلارى كلينتون بشكل مفاجئ أمام منافسها الجمهورى دونالد ترامب.
وأشارت الصحيفة إلى أن جراح الديمقراطيين لم تلتئم بعد أربع سنوات من خسارة كلينتون اللاذعة، وهم يصارعون الآن التوقعات المتزايدة التى لم تبدو ممكنة فى بداية العام. فقد أظهرت استطلاعات الرأى تقدم جو بايدن بفارق عن ترامب منذ أسابيع، وظل متفوقا بسبب تعامل ترامب مع أزمة كورونا وارتفاع البطالة وتداعيات الاحتجاجات الأخيرة على وحشية الشرطة.
ولفتت الصحيفة إلى أن بايدن لا يتفوق فقط فى الولايات الكبرى بفارق أوسع مما كانت تتمتع به كلينتون، بل إنه متفوق أو يتنافس بقوة فى ولايات الجمهوريين مثل تكساس وجورجيا وأيوا وأوهايو وميسورى. بل أن هناك أملا للديمقراطيين أيضا فى مجلس الشيوخ، وهو ما لم يكن محتملا من قبل.
ورغم أن الديمقراطيين يتحمسون بشأن احتمالاتهم وفرصتهم فى تحقيق انتصار كاسح، وليس مجرد فوز، لتقديم رفض واضح لعصر ترامب وإسقاط ميتش ماكونيل كزعيم للأغلبية الجمهورية فى مجلس الشيوخ، إلا أنهم غير قادرين على التخلص من ذكرياتهم المؤلمة فى الانتخابات الماضية عندما افترض الكثير منهم أن ترشيح الحزب الجمهورى لأحد نجوم تليفزيون الواقع الذى لا يمتلك أى خبرة فى المناصب المنتخبة، سيضمن فوز كلينتون.
وقال لويس هيرديا، المدير التنفيذى لرابطة المدرسية بولاية أريزونا وعضو اللجنة الوطنية الديمقراطية، إن هذه الذكرى لا يمكن محوها، وتذكر مشاهدة ولايات متأرجحة مثل بنسلفانيا وميتشيجان انهارت بشكل سريعا للديمقراطيين فى ليلة الانتخابات، وأضاف أن هذه الذكرى لا تزال حاضرة بقوة.
وفى مقابلات أجرتها الصحيفة مع أعضاء ديمقراطيين فى سنة من الولايات الحاسمة ، ومنهم قادة فى الحزب، رفع جميعهم شعار "ليس هناك شيئا مضونا".
لكن القلق الديمقراطى تخف حدته قليلا بسبب الظروف المختلفة بشكل هائل هذه المرة، فترامب الآن شاغل للمنصب، ولا يستطيع أن يترشح كرجل أعمال من خارج المؤسسة السياسية يقاتل من أجل "تجفيف المستنقع"، وهو الشعار الذى رفعه فى حملته عام 2016 فى إشارة لعزمه مكافحة الفساد. فالأزمات المتعددة، وفى مقدمتها جائحة كورونا التى قتلت حتى الآن أكثر من 129 ألف أمريكى، أصبحت جزءا من سجله. وقد أنهى ترامب لتوه ما يمكن أن يوصف بأنه أصعب شهر فى رئاسته بجدل جديد يتعلق بقضية المكافآت الروسية التى دفعت للمسلحين فى أفغانستان مقابل قتل الجنود الأمريكيين.
وربما يكون الأكثر أهمية أن بايدن لا يعانى من انخفاض الشعبية وقلة الثقة التى كانت لدى كلينتون، والتى سمحت حالة الاستقطاب الناشئة عنها بفتح باب لم يراه كثير من الديمقراطيين لترامب.
لكن هناك مؤشر تحذير كبير للديمقراطيين، فرغم التفوق الكبير لبايدن، إلا أن أنصاره أقل حماسا له مقارنة بما هو الحال بالنسبة للموالين لترامب مع الرئيس، بحسب نتائج استطلاعات الرأى.
ويقول بن ويكلر، رئيس الحزب الديمقراطيى فى ويسكونسن، إن الديمقراطيين فى الولاية لديهم ردتى فعل فى الوقت الراهن، الأول أن ترامب يمثل كارثة، واستطلاعات الرأى تشير إلى أن الجميع يعرف أنه سئ، والثانى أنهم تعلموا الدرس الذى حدث فى 2016.
وخلصت الصحيفة فى النهاية إلى القول بأنه لا يزال هناك أربعة أشهر حتى موعد إجراء الانتخابات، وهو وقت كافى لينقلب السباق نحو البيت الأبيض مجددا.