ـ الحياة تعود من جديد الى المحلة الكبرى والصناعات الغذائية والحديد والصلب والسيارات والبتروكيماويات والأسمنت
ـ الصناعة تساهم حاليا بحوالي 18% من حجم الناتج القومي ..والنهضة الصناعية تتحقق بالمساهمةبـ 25-35 % ..وهذا ليس مستحيلا الآن
عندما تكره السياسة الصناعة ..تتدهور ويتراجع معها الاقتصاد الوطنى ويتحول الحديث عن معدلات نموه الى مجرد أرقام لا معنى لها ..ويصبح اقتصاد هشا لا يصمد أمام أقل الأزمات..وطوال أكثر من 40 عاما لم تروق الصناعة للسياسة فى مصر وهى التى ساهمت فى بناء مصر الحديثة قبلها بسنوات قليلة وحققت نهضة صناعية كبرى فى كافة المجالات وبقطاع صناعى قدرت اصوله حتى عام 70 بحوالى 1400 مليار دولار لحوالى 1200 مصنع
القضية فى رأى بعض خبراء الاقتصاد والسياسة ترتبط بـ"كاريزما" الرئيس فكلما ضعفت كاريزمته كلما ازدادت كراهيته للصناعة.. والعكس صحيح والتجربة المصرية تثبت ذلك فى عهد محمد على ثم جمال عبد الناصر..والآن فى عهد الرئيس السيسى ..والتى يمكن أن نسميها النهضة الصناعية الثالثة فى مصر.
كان افتتاح الرئيس بالأمس الثلاثاء للمجمع الصناعى الجديد للغزل والنسيج بالروبيكى والذى يضم 7 مصانع كمرحلة أولى على مساحة 430 فدانا هو بمثابة يوم عيد للصناعة المصرية التى عانت الكثير منذ السبعينات وحتى قبل 6 سنوات من الآن من تدمير متعمد
الرئيس السيسى منذ توليه القيادة والحكم وعينه على الصناعة لأنه يدرك الضرورة الاقتصادية والاجتماعية الكبرى للقطاع الصناعى فى خلق مجتمع صناعى يحقق نسبة تشغيل عالية ويرتقى بالمستوى التعليمى والاجتماعى ..ثم وهو الأهم يكون العصب الحقيقى مع الزراعة لبناء اقتصاد قوى لا يهتز أمام اى أزمة طارئة..الرئيس يدرك تماما أن مصر لا بد أن تحقق نهضة صناعية حقيقية كبرى فى كافة المجالات –علاوة بالطبع على صناعة السلاح- ولذلك بدأ فى اعطاء التوجيهات أولا ببناء مصانع للأسمنت والبتروكيماويات والحديد والأثاث وانشاء المناطق الصناعية فى كافة أنحاء مصر وتطوير المناطق الصناعية الحالية..ثم كانت الملفات الأهم ايضا باطلاق عملية "عودة الحياه" الى قطاعات عتيقة تميزت بها مصر على مر العصور مثل صناعة الغزل والنسيج والتى كانت فخر الصناعة المصرية وعمود خيمتها لكن تدهورت فى السنوات الماضية ولم تمتد لها ايادى التطوير والتحديث حتى بلغت ديونها 40 مليار جنيه..فأصدر الرئيس توجيهاته بتحديث وتطوير هذا القطاع بتكلفة 21 مليار جنيه خلال عامين ونصف عام يتم تمويلها من بيع أراضى غير مستغلة والاقتراض من البنوك.
ووفق المعلن فإن البرنامج يتضمن تطوير الصناعة ، بداية من توفير أقطان قصيرة التيلة، وبالفعل تم زراعتها شرق العوينات وهى حتى الآن تجربة ناجحة لزراعة 250 فدانا تبشر بزراعة نحو 50 الف فدان مستقبلا منها بعيدا عن اراضى زراعة القطن المصرى طويل التيلة..بما يعنى أن تطوير صناعة الغزل والنسيج يصاحبه ازدهار زراعة القطن المصرى –الذهب الأبيض من جديد وتقليل الاستيراد من الخارج وتوفير العملة الصعبة من النقد الأجنبى ..فمصر لا تنتج حاليا سوى 2 مليون قنطار قطن وتستورد حوالى 6 مليون قنطار من الهند وبنجلاديش وباكستان عد ان كانت تنتج فى التسينات 9 مليون قنطار
ووفقا لرئيس الشركة القابضة للغزل والنسيج الدكتور أحمد مصطفى، فقد بدات خطة تطوير الغزل والنسيج على عدة محاور منها إنشاء مصانع جديدة، منها افتتاح 7 محالج جديدة وتشجيع الفلاح على زراعة القطن والعمل على إنشاء أكبر مصنع للغزل والنسيج فى العالم فى مدينة المحلة الكبرى على مساحة 62 ألف متر مربع
وهناك خطة لدمج الشركات القائمة حاليا، من خلال دمج 23 شركة في 10 شركات فقط، لتكوين 3 مجمعات صناعية كبرى في المحلة الكبرى، وكفر الدوار، وحلوان.
وقال بانه تم التخلص من جزء كبير من المديونيات منها 16 مليار ومنها 10 مليار وأيضا تم التخلص من الخسائر المتراكمة على مدار 30 سنة ماضية.
يكفى القول ان حجم صناعة الغزل والنسيج فى العالم يصل لنحو 3 تريليونات دولار، وتصل مبيعات تلك الصناعة من الملابس الجاهزة لـ920مليار دولار بحسب إحصاءات عام 2018 تبلغ حصة مصر منها فقط مليار دولار .وفى حالة تنفيذ مخطط التطوير والتحديث فان مبيعات مصر من تلك الصناعة عام 2024 ستبلغ نحو 1.230 تريليون دولار.
ملف الغزل والنسيج لم يكن وحده فهناك ملف الشركات الغذائية ..ففى يونيو الماضى اجتمع الرئيس السيسى مع وزير التموين الدكتور على مصيلحى وعرض الوزير عليه خطة رفع كفاءة وتعظيم الطاقة الإنتاجية لصناعة الزيوت، من خلال تطوير الشركات والمصانع التابعة لها في هذا المجال، وذلك لتوفير زيت الطعام المحلى وتقليل فجوة الاستيراد من الخارج، كما عرض على الرئيس جهود تطوير خطوط إنتاج السكر التابعة للدولة، والتي تتمثل بالأساس في شركة السكر للصناعات التكميلية والمصانع التابعة لها، وذلك من خلال رفع كفاءة تلك المصانع عن طريق الاستعانة بالآلات الحديثة والخبرات العالمية المتخصصة في هذا المجال واستراتيجية التطوير الشامل لعدد من الشركات التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية، خاصة شركتي "قها" و"إدفينا"، وذلك لاستعادة إنتاجهم المتميز، بهدف تعزيز قيمة المنتج الوطني في السوق المحلي، وزيادة قدراتها التنافسية، وتعظيم الفرص التصديرية.
أما ملف الحديد والصلب فهناك اهتمام خاص به مع صناعة الأسمنت من الرئيس وظهر ذلك من خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى والدكتورة نيفين جامع وزير التجارة والصناعة فى الاسبوع الثانى من يونيو الماضى وتناول الاجتماع أهم محاور مشروعات وزارة التجارة والصناعة، خاصةً ما يتعلق بالخطوات التنفيذية المتخذة وآليات التحرك المقترحة للتعامل مع التحديات التي تواجه قطاعي صناعة الأسمنت والحديد والصلب، فضلًا عن جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر.ووجّه الرئيس بالاستمرار في جهود تحقيق توطين الصناعة، وكذلك توفير المناخ الداعم لقطاع الصناعات الوطنية الثقيلة، وفي مقدمتها صناعة الأسمنت والحديد والصلب، وذلك لدورهما المهم في النهوض بالاقتصاد القومي باعتبارهما من المكونات الأساسية التي تدخل في عمليات التنمية التي تتم بمختلف القطاعات في جميع أنحاء الجمهورية. وعرضت الوزيرة نيفين جامع أبرز التحديات التي تواجه قطاعي الأسمنت والحديد والصلب في مصر؛ ولا سيما ما يتعلق بالطاقة الإنتاجية وهيكل تكاليف الإنتاج وتسويق فائض الإنتاج والتصدير، مشيرةً إلى عدد من المحاور التنفيذية المقترحة للتغلب على تلك التحديات، وذلك من خلال اعتماد سياسة صناعية متكاملة الأبعاد تضمن تعميق التصنيع المحلي، وتحقيق هامش ربح مناسب للمصانع، وتعزيز نفاذ الصادرات المصرية على المستويين الإقليمي والدولي، خاصةً من خلال تعزيز قدراتها التنافسية.
أما ملف صناعة السيارات فى مصر فيوليه الرئيس السيسى اهتماما خاصا ..ففى اجتماعه مارس الماضى مع رئيس الوزراء ووزراء الكهرباء والطاقة المتجددة، والإنتاج الحربى، والمالية، وقطاع الأعمال العام، والنقل، والتجارة والصناعة، ورئيس الهيئة العربية للتصنيع، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية، وجه الرئيس بالشروع فى إطلاق الاستراتيجية المقدمة، وذلك فى إطار خطة الدولة لصناعة السيارات فى مصر ورؤية مصر 2030 وأبعادها التنموية والبيئية والاقتصادية، وترسيخًا للاتجاه نحو زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة الجديدة من غاز طبيعي وكهرباء كبديل للوقود التقليدى، وسعيًا نحو تحفيز توطين صناعة وسائل النقل والصناعات المغذية لها محليًا، بهدف الوصول لأكبر قدر ممكن من نسب التصنيع والإنتاج المحلى للسيارات ومركبات النقل الجماعى، خاصةً التى تعمل بالكهرباء، وذلك لمواكبة الآفاق المستقبلية لتلك الصناعة.
وتناول الاجتماع تناول استعراض الاستراتيجية القومية لتوطين صناعة المركبات والصناعات المغذية لها فى مصر.بما فيها تعميق التصنيع المحلى والحفاظ على الاستثمارات الحالية وجذب استثمارات أجنبية أخرى، فضلًا عن التحول التدريجى لاستخدام وسائل النقل المستدام التى تستهلك الغاز الطبيعى، وفق المشروع القومى لتحويل مركبات النقل الجماعى للعمل بالغاز، وكذا الاعتماد على استخدام السيارات الكهربائية، وذلك لمسايرة التقدم العالمى فى صناعة السيارات والحفاظ على البيئة.
ويشار الى أن هناك 19 شركة تقوم تجميع السيارات فى مصر. وتستحوذ صناعة تجميع السيارات فى مصر على المركز الثالث فى قائمة الدول الأفريقية بانتاج 71 ألفًا، و400 سيارة
وكانت مصر بدأت فى تصنيع السيارات بشكل فعلى بداية من عام 1960 حتى عام 1972.وكانت شركة النصر للسيارات واحدة من اهم مصانع السيارات فى تلك الفترة وبدات بتجميع سيارات ثم تصنيع سيارات بجانب تصنيع قطع الغيار مع الاستعانة بمواتير غربية فى السيارات التى يتم تصنيعها وانتجت سيارات رمسيس ونصر
وشهدت الشركة اهتمام كبيرا من الرئيس جمال عبد الناصر الذى تفقدها اكثر من مرة بهدف تشجيع المنتج المحلى والذى استمر حتى عام 1972 ثم توقف نتيجة تحالف شركة النصر مع شركة فيات الايطالية لتصنيغ سيارات موديلات مختلفة من سيارات نصر وفيات بموديلات مختلفة حتى توقفت الشركة عام 2009 .وتعرضت شركة النصر للتصفية ثم قررت جمعيتها العمومية غير العادية وقف تصفيتها واعادتها للحياة ثم مرت بمرحلتين الأولى الاعلان عن تصنيع سيارة بالاتفاق مع شركة نيسان اليابانية ثم توقف ولم يكتمل واخيرا الاتفاق مع شركة صينية لإنتاج انواع من السيارات الكهربائية سواء الملاكى أو الأجرة الفترة المقبلة .
ويؤكد خبراء صناعة اسيارات بان الشركة لديها بنية تحتية وإمكانيات للتصنيع، لكنها ستحتاج إلى "سطمبات" السيارة الجديدة وفى المرحلة الأولى سيتم استيراد الموتور والشاسية، فيما يمكن للشركة تصنيع بقية المكونات بنسبة قد تزيد عن 55%. وإن الشركة يمكنها تصنيع جسم السيارة والزجاج والاستعانة بإطارات مصنعة محليا ودوائر كهرباء وبطاريات محلية أيضا كمرحلة أولى، ثم مع التطوير وتوفير .
وحتى لا ننسى فقد بدات مصر صناعة السيارات فى نفس التوقيت تقريبا مع كوريا الجنوبية ..وشتان الفارق الآن فكوريا الجنوبية تحتل المركز الخامس عالميا حاليا من حيث عدد السيارات المصنعة والخامسة ايضا من حيث التصديروتقدر صادراتها بنحو 300 مليار دولار وبلغت مبيعات شركات صناعة السيارات الخمس في كوريا الجنوبية مجتمعه 7.9 مليون وحدة في العام 2019 وقد بدأت صناعة السيارات فى كوريا من اللاشئ ثم اصبحت قصة نجاح مذهلة فى الخمسينات حيث بدات بتجميع قطع الغيار المستوردة.
ثم نأتى الى مجمع مصانع الألمونيوم في نجع حمادي الذى تم بناءه بداية الستينات وهو مشروع عملاق بلغت تكلفته ما يقرب من 3 مليارات جنيه وقتها على مساحة 5 آلاف فدان تقريبا وبه مجتمع متكامل من إسكان للعاملين ومصانع ومزارع لتربية الماشية ونادٍ رياضي ومحطة كهرباء لخدمة مجمع مصانع الألمونيوم ..يجرى الان تطويره باستثمارات حوالي 11 مليار جنيه وذلك لإنشاء الخط السابع للإنتاج ما سيوفر فرص عمل جديدة حيث توقف التوظيف في الشركة منذ عام 2010 ومقرر الانتهاء من التطوير خلال عامين ونصف العام بنهاية 2022.
الحلم ليس صعب المنال والثورة الصناعية الثالثة فى مصر يمكنها تحقيق الحلم حتى تأكل وتلبس مصر من انتاجها وتصدر للخارج، فالصناعة كما تدرك القيادة فى مصر ضرورة اقتصادية واجتماعية.ضرورة اقتصادية لانها الأسرع فى النمو بالاقتصاد والمساهمة فى الانتاج القومى..فحسب البيانات الأخيرة يساهم القطاع الصناعى حاليا بحوالى 18 % فى اجمالى الناتج القومى ويمكنه حسب المخطط أن يصل الى اكثر من 30% وتحقيق النهضة الصناعية الحقيقية والنهضة الزراعية ايضا..وضرورة اجتماعية لتوفير فرص العمل والتشغيل والارتقاء بالمستوى المهنى والتقنى والتعليمي ايضا
ويكفى ان نذكر ان مصر حققت بنهضتها الصناعية منذ منتصف الخمسينات وحتى عام 67 نسبة نمو اقتصادى بلغت 7% متفوقة على العديد من الدول الصناعية الكبرى، مثل إيطاليا التي حققت نسبة نمو تقدر بـ٤.٥٪ فقط في نفس الفترة الزمنية وأنشأت مصر في أقل من خمس سنوات أكثر من ١٢٠٠ مصنع ضخم في صناعات استراتيجية.
وتحمل الاقتصاد المصري عبء إعادة بناء الجيش المصري من الصفر وبدون ديون خارجية، وكانت المحلات المصرية تعرض وتبيع منتجات الصناعة المصرية من مأكولات وملابس وأثاث وأجهزة كهربية، وفي ظل النكسة حافظت مصر على نسبة النمو الاقتصادي قبل النكسة بل إن هذه النسبة زادت في عامي 1969 و1970 وبلغت 8% سنويا بحسب تقارير البنك الدولي واستطاع الاقتصاد المصري بعد النكسة عام 1969 أن يحقق زيادة لصالح ميزانه التجاري لأول مرة في تاريخ مصر بفائض قدرها 46.9 مليون جنيه بأسعار ذلك الزمان وكان ذلك مهمًا لكي تستعيد مصر عافيتها استعدادًا لحرب الكرامة في أكتوبر عام 1973.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة