تعهد الرئيس الجزائرى عبد المجيد تبون، اليوم الأربعاء، بوقوف الدولة بالمرصاد في وجه محاولات إثارة الغضب الشعبى وضرب الاستقرار الوطنى.. متهما قوى، لم يسمها، باستهداف بلاده، وقال تبون - في كلمة له اليوم خلال اجتماع الحكومة وولاة الولايات في قصر الأمم بالجزائر العاصمة - "يجب التمسك بآلية الحوار والتشاور التي تعد ضمانة لتوطيد الأمن والاستقرار وإبعاد شبح التوتر الاجتماعي، الذي يدعو اليه بعض من يريدون زعزعة الاستقرار الوطني والدخول في أجندة قوى معروفة".
وأضاف "الجزائر مستهدفة من قبل هذه القوى التي تعمل على إثارة غضب المواطن، الذي أضحى بفعل الهوة التي تم خلقها بينه وبين دولته، فريسة سهلة لهؤلاء المشبوهين وأموالهم الفاسدة".
وأشار إلى وقوع حوادث مشبوهة بالتزامن مع موسم الصيف وارتفاع درجة الحرارة وعيد الأضحى، مؤكدا أنه سيتم الكشف عن ملابساتها ومعاقبة الجناة الذين يقفون وراءها.
وأوضح أنه من بين تلك الحوادث نقص السيولة المالية بالعديد من مكاتب البريد، لافتا إلى أن التحريات كشفت عن قيام بعض الأطراف بسحب مبالغ طائلة في ظرف قصير، ومنها قيام شخص بسحب 40 مليون دينار في الوقت الذي لا يتجاوز دخله 10% من هذا المبلغ.
وتابع تبون "هناك بعض الحركات الاحتجاجية المتنقلة التي يقف وراءها نفس الأطراف التي تشكك حتى في الواقع، في إطار مؤامرة ترمي إلى زعزعة الاستقرار، وهناك أشخاص لا يخدمهم الاستقرار ولا يزال يحذوهم الأمل في الرجوع بقوة لكن هيهات، فالشعب خرج للشارع وإرادته لا تقهر.. ومن يتحرك اليوم هم أولئك الذين كانوا يلعبون بالمليارات التي هربوها للخارج ونحن لهم بالمرصاد ومصرون على القضاء على المال الفاسد".
واعتبر أن الهدف من هذه الاحتجاجات المدبرة هي إثارة غضب الشعب لحرمانه من حقه في التغيير الجذري وعدم تمكين الكفاءات الوطنية المخلصة من فرصتها في تسيير إدارة الدولة بعقلية جديدة لا تتعايش مع سياسة الترقيع وذر الرماد في العيون، على حد تعبيره.
وأكد أنه لا مفر من خوض معركة التغيير الجذري مهما كان الثمن، مضيفا "لا سبيل إلى تحقيق ذلك إلا بالتمسك بمقاربة تشاركية تجمع بين الطموح الواقعي والرغبة الصادقة في التنفيذ التدريجي للابتعاد عن ممارسات الماضي وإعطاء انطلاقة جديدة للبلد تعيد ثقة المواطن بنفسه وفي مؤسساته و وطنه".
ومن جهة أخرى، دعا الرئيس الجزائري أعضاء الحكومة والولاة إلى الاستعداد لمرحلة الاستفتاء حول المشروع التمهيدي لتعديل الدستور، خاصة أنه حاليا في مرحلة جمع الاقتراحات.
وقال "أدعوكم من الآن للاستعداد إلى مرحلة الاستفتاء حول مشروع تعديل الدستور، وحتى نوفر أفضل الظروف والشروط المادية والنفسية لتمكين المواطن من قول كلمته الفاصلة في مستقبل وطنه"، وتوجه بالشكر لكل من ساهم في إثراء وتعديل المشروع التمهيدي لمسودة هذا الدستور من شخصيات وطنية وأحزاب سياسية ونقابات وجمعياتمدنية وأساتذة جامعيين وغيرهم.
وأضاف أن "التغيير مثلما طالب به الحراك المبارك هو تغيير سلمي لكن جذري يتم على الدستور الذي هو أساس الدولة، والتغيير لا يكون داخل المكاتب أو بيد جماعة معينة، بل الشعب هو من يقرر وله الحرية في قبول مسودة الدستور أو رفضها.. والطامعون في مرحلة انتقالية والمخططون من وراء البحر هم مخطئون لأن القطار انطلق ولن يرجع إلى الوراء".
وأعرب تبون عن أمله في إعداد دستور توافقي، مشيرا إلى أن نص مشروع الدستور سينشر في وقت لاحق ويتضمن اقتراحات الجميع، وقال إن "الجزائر الجديدة في حاجة إلى سلوك جديد ينسجم فيه القول مع الفعل وينسجم فيه السلوك الحميد مع العمل المخلص وفي حاجة إلى أسس متينة يرتكز عليها دستور توافقي يستمد روحه من بيان أول نوفمبر ويجمع الشمل ويزرع الأمل في المستقبل".
ووجه الرئيس الجزائري التحية لجهود الولاة في ولاياتهم لجهودهم في مكافحة تفشي وباء فيروس كورونا المستجد، وقال "إننا بذلنا الجهد الأكبر خلال الستة أشهر الماضية للتصدي لعامل لم يكن في الحسبان، وهو جائحة كورونا، التي استطعنا والحمد لله إبقاءها تحت السيطرة بفضل علمائنا وأطبائنا، وما يسمى بالجيش الأبيض من الأطباء والتمريض وموظفي الصحة".
وأعلن أن هناك أربعة ولاة ثبتت إصابتهم بفيروس كورونا، مؤكدا أن رفع الحجر الصحي الجزئي كان ضروريا للاقتصاد الوطني ولنفسية المواطنين، داعيا الولاة في ذات الوقت الى اتخاذ الصلاحيات والقرارات اللازمة حسب حالات الإصابة بالفيروس المسجلة في كل ولاية.
وأشار إلى فتح تحقيق لتحديد المسؤولين عن عرقلة صرف المنح، التي تم إقرارها لصالح عمال قطاع الصحة ومحاسبتهم، محذرا من وجود من يعمل ضد استقرار البلاد بتواطؤ من أطراف من داخل الحكومة، متوعدا بمحاسبة المسؤولين.
وأكد الرئيس الجزائري أن المجتمع المدني هو الحليف الأول لتحقيق استقامة الدولة، مشددا على ضرورة توفير كل الدعم والتسهيلات للمنظمات المدنية ومساعدتها على تنظيم صفوفها.