يسرق النظرات إلى والده معلم اللغة العربية والخطاط بقريته أثناء عمله ليسجل فى ذاكرته ما يفعل والده وهو بعمر العاشرة، ويكرر النظر ساعات وأيام ليعشق بعدها الخط ويصبح أحد المتميزين فى كتابته بمحافظة قنا فى عمر صغير، وتصير البوصة والحبر طريقًا ترسم بهما أحلام الشاب فى كسب شهرة واسعة ومهارة تركها الكثير وأصبحت تقتصر على أشخاص بعدد أصابع اليد الواحدة.
هنا فى قرية الخطارة بجنوب محافظة قنا تجد محمود حسين صاحب العشرين عامًا الذى يدرس بالتمريض يمكث فى أحد أركان منزله بالساعات لتخط يداه ما تمليه عليه الذاكرة وما يطلبه المقربين كنوع من الهدايا وكذلك الأعمال ليخرج حروفًا بديعة مخطوطة على ورق معد لذلك ليصبح أشهر الخطاطين فى مدينته وتتداول صفحات التواصل الاجتماعى أعماله وصوره.
وقال محمود حسين، طالب فنى تمريض، إن فى صغره كان يشاهد والده الذى توفى منذ سنوات وهو يكتب الخط ويجيده، حيث يظل بالساعات يراقبه ويشاهد ما يفعل وكيف يوصل الحروف ويكتب الجمل لتخرج بمنظر يعجب الصبى وهو فى سن العاشرة، وحينها قرر محمود أن يتعلم ما كان يعمل به ولده ليصبح الإرث الأكبر منه ويداوم على فعله بعد مماته تخليدًا لذكراه.
وتابع حسين، لافتًا أنه تعلم من خلال النظر والاجتهاد الشخصى دون دراسة معينة للخط وأصبح من المتميزين خلال دراسته بالفصل فى المراحل الإعدادية والثانوية والتعليم الجامعى، حيث يطلب المعلمين وأصدقائه كتابة اللوحات الخاصة بهم، كذلك استعانت به مدارس لكتابة العبارات الداخلية على جدران الفصول لتميزه فى الخط.
"مشوفتش فيديوهات على اليوتيوب ولا أحد علمني" بهذه الكلمات أكد محمود حسين، أن تعلمه لكتابة الخطوط كانت ذاتية دون تعلم من أحد وذلك من خلال الملاحظة والتقليد وابتكار جديد كلما ورد لذهنه أفكار، كما أن معلميه وأساتذته الجامعيين دائمًا ما يشجعونه على استكمال مشوراه بالخط والتطوير من ذاتيه، وذلك أكسبه شهرة واسعة بين طلاب فرقته بمعهد فنى التمريض.
وأوضح محمود، أن الأدوات التى يستخدمها لكتابة الخطوط هى البوص والحبر بأنواعه والورق وهناك أقلام مخصصة كذلك للكتابة، وأكثر ما يستغرق وقتًا التخطيط وقياس المساحات قبل الكتابة حتى تخرج بمظهر جيد دون زيادة فى الورقة أو نقص، لافتًا أن الخامات متوفرة فى أماكن عديدة وبأسعار مناسبة لمن يحتاجها، كما أنه يجيد كتابة 3 أنواع من الخطوط وهم الديوانى والرقعة والنسخ.
ولفت الطالب، إلى أن أعماله عبارة عن كتابة جمل ولوحات ولافتات إذا ُطلب منه كتابتها، كما أنه يهدى الكتابات لأصدقائه والمقربين الذين يطلبون ذلك ويبيع المطلوب من خط اللافتات والكتابة، مضيفًا أن عدد قليل فى محافظة قنا من يحافظ على إرث الخط ويعمل به فى الفترة الحالية بعكس محافظات الوجه البحرى التى ما زالت تعمل فيه، كما أن الطباعة الجاهزة أثرت على عمل الخطاط مما أدى إلى تراجع الطلب على أعماله.
ولم يسلم محمود من جائحة كورونا التى أثرت على أعماله، مشيرًا إلى أن انتشار فيروس كورونا وتوقف الأعمال فى البلاد أدى إلى التأثير على انتاجه والأعمال المطلوبة منه خلال الفترة القادمة، متمنيًا أن تلقى أعماله رواجًا وشهرة واسعة وأن يعقد ورش لتعليم الخط العربى للحفاظ على من الهاوية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة