يقول كتاب "المصادر التاريخية لمسيحيى الشرق الأوسط"، الذى أصدره مركز المسبار، معتمدا على مؤتمر ناقش الموضوع نفسه، وشارك فيه مجموعة من الباحثين والأساتذة الجامعيين من دول عدة، من بينها: المملكة العربية السعودية، مصر، ليبيا، لبنان، إيطاليا، النمسا، المجر، أميركا، ودول أخرى، أتوا من دياناتٍ وثقافاتٍ عدة، جمعهم البحث العلمي.
احتوى على عدد من المحاور: أولها: كتابات المؤرخين والمستشرقين والرحّالة؛ التى عكست التاريخ وتداخل الثقافات فيه ومصادرها، والثاني: الشخصيات المسيحية المؤثرة فى مجتمعاتها، والتى امتد أثرها إلى "الآخر"، والثالث: التأثيرات الفنية والمعمارية المتبادلة بين مسيحيى الشرق الأوسط؛ التى عكست أنماط العمران وفنونه، والرابع: بحث الحياة الاجتماعية والاقتصادية بوصفها مساحةً للالتقاء ولروايةٍ شفاهية للتاريخ، والمحور الأخير؛ درس التراث الدينى الشعبي.
وتُبيِّن دراسة مصادر تاريخ المسيحيين فى المشرق العربى وشمال أفريقيا وشبه الحزيرة العربية؛ الأهمية العلمية التى يختزنها التراث بأنواعه وميادينه؛ ففى الجزء التاريخى المكتوب طُرِحت ست أوراق: "المجامع السريانية: مصادر كنسية تاريخية»، «حروب الفرنج (الصليبية) فى المصادر القبطية والسريانية"، "التراجمة ونشاطهم السياسى والاقتصادى فى العصر المملوكى"، و"المخطوطات القبطية والعربية خلال القرنين الثانى والثالث عشر الميلادى"، "المسيحية فى الجزيرة العربية بين القرنين الرابع والسادس الميلادى"، "مملكة المسيحيين العرب.. اللخميّون والغساسنة بين روما وفارس"، و"مصادر دراسة تاريخ مسيحيى مدنية طرابلس الغرب خلال العهد القرمانلى (1711-1835).
وتناولت أعمال المؤتمر شخصيات مسيحية بارزة، كان لها تأثيرات أدبية ودينية لافتة فى التاريخ القديم والمعاصر، بعضها كان جسر تواصل ثقافى وديني، وصل إلى صناعة الحدث والتأثير فيه، برز منها: "قسطا بن لوقا: المسيحى العربى صاحب الدليل الصحى الأول للحج إلى مكة"، و"فرنسيس الأسيزى وتأثيره فى أوروبا والشرق الأدنى"، و"الراهبة هندية (حنة عجيمي)" وهى شخصية محورية فى تاريخ الكنيسة المارونية فى القرن الثامن عشر، و"يواكيم مبارك" أحد أهم روّاد الحوار الإسلامي- المسيحى فى المجال الإبراهيمي، أما فى مجال التأثيرات الفنية والمعمارية غطى المؤتمر"رعاة الفن القبطى فى مصر: إبراهيم وجرجس الجوهريان"
وفى محور المستشرقين والرحّالة، دُرِّس مخطوط رحلة "إيجيريا" إلى الأراضى المقدسة، بما يوفره من معلومات جيدة وغنية للدارسين، المهتمين بالطبوغرافيا الدينية.
وتضمن محور التراث الدينى الشعبى: "العادات الشعبية وقوانينها فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية"، "موالد القديس جرجس فى مصر: العادات والطقوس"، "هروب العائلة المقدسة إلى مصر فى الأدب الشعبى المسيحى"، "أقباط مصر وعاداتهم كما رواها الباحث البريطانى ليدر" (1865-1930)، وأخيراً "مولد القديس برسوم العريان فى المعتقدات الشعبية".
ويقدم هذا الكتاب قيمة إضافية للمكتبة العربية، لا سيما فى سياق فهم التراث الدينى المسيحى ومصادره، الذى يحتاج إلى مزيد من الدرس والتحليل، خصوصاً فى المجال المرتبط بالتقاليد والتدين الشعبى والشخصيات الدينية المؤثرة فى صناعة الحوار والعيش المشترك بين أبناء الديانات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة